أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حاسبوا أنفسكم مع بشار














المزيد.....

حاسبوا أنفسكم مع بشار


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8187 - 2024 / 12 / 10 - 16:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حاكم سوريا المخلوع، بشار الأسد، ليس أكثر من وجه قبيح آخر من أوجه الثقافة العربية المتنوعة قديمة الجذور وواسعة الانتشار. من المستبد النبي الموحى إليه ولا ينطق عن الهوى، إلى المستبد الرشيد، المستبد العادل، المستبد المستنير، المستبد الحكيم، المستبد الأبوي، المستبد الأخ والرفيق، المستبد الطاغية، المستبد الزعيم، المستبد الدموي إلى المستبد المتوحش الذي ينتمي إليه آل الأسد وصحابتهم، يكمن الاختلاف فقط في الظروف الموضوعية والخصائص الشخصية لا في النوع. الكل بلا استثناء من نفس النوع والفصيل الاستبدادي، المفترس لمواطنيه وأوطانه.

تبدأ حكاية القُبح والاستبداد السياسي العربي منذ أن احتكر الحاكم المؤسس، محمد بن عبد الله، الله لنفسه وحده ولأتباعه وأتباعهم وعَدَّ كل من عداهم وثنيين، مشركين، كفار لا يستحقون حتى الحياة الآمنة في أوطانهم الطبيعية. كل من اختلف مع محمد، اختلف مع الله؛ كل من حارب محمد، حارب الله في الوقت نفسه. لم تكن القصة العربية الأولى كذلك. وقتها، كان الاختلاف مباح وجائز، لأن الآلهة كانت متعددة وكثيرة. إذا اختلفنا أو تحاربنا، بقي لكل فصيل أو قبيل أو حزب منا إلهه ليعود ويصلي إليه، وبقينا جميعاً في وطن واحد يسعنا رغم كثرة اختلافاتنا ومنازعاتنا، لكون الوطن والحياة نفسها هبة ومنة من مجمع آلهة متنوع ليس فيه لأحد فضل على آخر، لا إله فوق إله ولا بشر فوق بشر.

مع مراعاة فروق المكان والزمان، لا اختلاف البتة في النوع بين آل الأسد في سوريا، جمال عبد الناصر في مصر، صدام حسين في العراق، أو معمر القذافي في لبيبا؛ جميعهم ينتمون إلى نوعية المستبد الطاغية المتوحش الذي عَذَّب وقتل الآلاف، شَرَّد وهَجَّر الملايين من أبناء شعبه بحجة الاختلاف معه. هؤلاء، بدورهم، لا يختلفون في النوع عن كافة الحكام العرب عبر العصور، الاختلاف فقط في الدرجة والظروف الموضوعية. ربما لو كان عبد الناصر قد وُضِع في عُقدة الأقلية المريضة برهاب الاضطهاد مثل العلويين، وبين حبائل الظروف السياسية السورية الحادة كنصال السيوف لكان ارتكب بحق المصريين جرائم أكثر بشاعة ووحشية مما فعل آل الأسد بحق السوريين.

ليس المستبدون هم الحكام العرب وحدهم. ربما لا يعلم الكثيرون منا- نحن الأفراد والأشخاص الطبيعيين والمجموعات الدينية والفكرية من إفرازات الثقافة العربية- أننا أيضاً لا نقل طغياناً واستبداداً من حكامنا أنفسهم الذين نشتكي منهم. يحضرني في هذا السياق مشهدان سينمائيان معبران للنجم عادل إمام في فيلم "بخيت وعديلة"، حيث في أحدهما يضبط ابنة صديقه متلبسة بفعل الرذيلة مع صديق لها بغرفتها داخل منزل أبيها، وفي الثاني يتعرض لرجل وامرأة يقبلان بعضهما داخل سيارة في الطريق العام. لصدمته الصاعقة، يجد نفسه في المرتين على الجانب الخطأ، المتهم بالجرم والاعتداء على حرمة وخصوصية الآخرين وليس على جانب الانتصار للشرف والفضيلة ومكارم الأخلاق والآداب العامة كما اعتقد. لماذا هو أصلاً اعتقد نفسه على الجانب الحق، في صف الطُهر والفضيلة والشرف والأخلاق الحميدة؟ ولماذا اعتقد الآخرين المخالفين لمعتقده وعاداته على الجانب الآخر الضد، الحري بكبته واستئصال شأفته إذا كان للخير أن يسود ويعم الجميع؟ وكيف، إذا كنا لا نزال نرفض أن نرفع وصايتنا عن بناتنا ونسائنا البالغات، نريد من حكامنا أن يرفعوا وصايتهم عنا كرجال بالغين، إذا كنا مثلهم نُنصب من أنفسناً دون غيرنا حراس وحماة الفضيلة والشرف والوطن والدين؟!

في كل محفل للحكام العرب والمسلمين، في تقليد لسلفه معمر القذافي، كان بشار الأسد دوماً يحاضر نظرائه فيما ينبغي وما لا ينبغي. كان القذافي يملك من الكاريزما الشخصية ما يكفي لكي تعلو ضحكاتهم وتمتلئ القاعة بنسمات الغبطة والسرور. لا أحد يأخذه على محمل الجد. لكن بشار غير، هو لا يملك شيئاً من الكاريزما أو روح الدعابة. بل عِظاته الجوفاء تقع على آذانهم كطلقات النار التحذيرية. كيف لهذا الغِر الأحمق أن ينسى نفسه بهذا الشكل؟! أَيحسب نفسه الإله الأعظم فينا؟! هل نَسيَّ أن كل واحد منا إله مثله وأفضل منه يَعبده ويُقبل التراب من تحت قدميه كل الوطنين الشرفاء من رجال شعبه؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تُبالي حكومة حماس بحياة الفلسطينيين؟
- السيد صاحب مفتاح مطبخ الفرح
- ما ضير الديمقراطية لو انتخب المعاتيه معتوهاً منهم؟
- عن حاجة الإنسان إلى رَبْ
- في القانون بين الرذيلة والفضيلة
- في معرفة الواحد
- العُقْدَة اليهودية في العقل العربي
- تمرير ديمقراطية عربية تحت غطاء ديني!
- رأسمالية روسيا ما بعد الشيوعية
- باسم العدالة والمساواة حكومات تحتكر الاقتصاد
- الأنانية في المجتمع والدولة
- الأمة العربية والإسلامية لكن بزاوية نَظَر حادة
- الدين سلطان القلوب
- من الشورى إلى ديمقراطية جهنم
- بِكمْ تَبِيعُني إلَهَك؟
- بين الديمقراطية والبَيْعّة والشورى في الواقع العربي
- نَظْرة ذُكورية
- هل التعايش ممكناً بين الديمقراطية والدين؟
- التناقض بين الديمقراطية والدين
- كيف أضعنا غزة مجدداً


المزيد.....




- -مستوطنون إسرائيليون- يخربون موقعا أمنيا في الضفة الغربية وي ...
- -عثر على المشتبه به ميتًا-.. مقتل رجلي إطفاء في إطلاق نار بو ...
- بكين تستضيف أول مباراة كرة قدم بين الروبوتات في الصين
- بعد إيران.. هل تستطيع أميركا تنفيذ السيناريو نفسه في كوريا ا ...
- ردّا على شروطها لاستئناف المفاوضات ترامب -لن يقدم- شيئا لإير ...
- حموضة المحيطات تتجاوز الحدود الآمنة والخبراء يحذرون
- مستشار خامنئي: إسرائيل بعثت رسائل تهديد لمسؤولين إيرانيين
- تايمز: جواسيس إسرائيليون داخل إيران منذ سنوات وربما لا يزالو ...
- أكسيوس: أوجه حملة ضغط ترامب لتأييد نتنياهو
- هآرتس: أهل الضفة الغربية يذبحون بهدوء


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حاسبوا أنفسكم مع بشار