أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - العُقْدَة اليهودية في العقل العربي














المزيد.....

العُقْدَة اليهودية في العقل العربي


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8138 - 2024 / 10 / 22 - 14:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليسوا اليهود وحدهم من يكرههم العقل العربي ويسعى للتخلص منهم ولو بالقتل خلال العصر الحديث. بل تاريخ العقل العربي في أغلبه ينزف كراهية ورغبة ثأرية محمومة ضد الآخر المختلف، حتى لو تصادف كونه من نفس الأهل، العشيرة، القبيلة، القوم واللغة أو حتى الدين. مثلما دأبت القبائل العربية تفعل ضد أبنائها المنشقين وضد بعضها البعض، كذلك فعل صحابة رسول الله أنفسهم في صدر الإسلام فيما تُسمى ’الفتنة الكبرى‘، على خلفية اتهام كل فريق للآخر بمخالفة شرع الله وسنة رسوله. ومن بعدهم كررت الفعلة نفسها كل عائلة حاكمة عربية ضد الأخرى وصولاً إلى نهاية مُزرية لسلسال الحكم العربي ذاته وترك الإرث العربي الإسلامي لقمة سائغة للغزاة المماليك والأتراك حتى اقتسمته فيما بينها دول أوروبا الغربية خلال العصر الحديث. دائماً وأبداً، ظل العقل العربي يَنبُذ المنشق والمختلف معه، يكرهه ويسعى لاستئصاله إلى حد التضحية بالنفس وسفك الدماء.

قد لا نُحصي الأسباب الكثيرة من وراء كراهية العقل العربي لليهود في فلسطين التاريخية خلال العصر الحديث، التي ليس أقلها الاستيلاء عنوة على أراضي أخوتهم في العروبة والدين واضطهادهم وتهجيرهم وحرمانهم من إقامة دولتهم المستقلة. رغم ذلك، هل تُعزى حقاً كراهية العقل العربي لليهود المعاصرين لمثل هذه الأسباب وما لا يحصى غيرها من المكائد والدسائس والمؤامرات الدولية والويلات والنكبات الوطنية التي أوقعها الإسرائيليون فعلياً أو تخيلياً بحق العرب؟ ماذا لو لم ينشأ المشروع الصهيوني، أو نشأ لكن أفلح العرب ساعتها في إجهاضه من المهد، ولم تنشأ وسطهم دولة إسرائيلية كحالهم اليوم؟ هل كان مثل هذا الوضع الافتراضي- دولة فلسطينية بأغلبية مسلمة وذات سيادة فوق كل أراضيها- سينتقص من كراهية العرب الحالية لليهود في فلسطين أو حول العالم عن منسوبها الحالي؟ في صيغة أخرى أكثر مصداقية ومباشرة، هل العقل العربي لا يكره الأقليات التي تُشاركه العيش عبر جنبات أوطانه لكنها تختلف معه في أمور أخرى مثل اللغة، العرق، المذهب، الدين؛ وحتى داخل اللغة ذاتها والعرق والدين ذاتهما، هل العقل العربي لا يكره المنشقين والمختلفين معه في الرأي الفكري أو المذهب الديني أو التوجه السياسي؟

مثل أسلافه شيوخ القبائل ورجال العائلات الحاكمة العربية مثل الأمويين والعباسيين والفاطميين، قبل أن ينطلق الزعيم العربي الأبرز خلال العصر الحديث، جمال عبد الناصر، لكي يُلقي باليهود الصهاينة في عرض البحر كان قد أسكت بالفعل عبر خطاب الكراهية والتحريض والاضطهاد والتنكيل والحبس والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون كل صوت منشق اختلف معه أو رفض أن يُردد من ورائه كالببغاء أنشودته الوطنية الخاصة؛ قبل أن يتجه للتخلص من الإسرائيليين، كان قد تخلص فعلاً وبالكامل من كل النُخبة والطبقة السياسية الوطنية المصرية. حتى قبل أن يفكر في أعداء الخارج، كان عبد الناصر قد انتهى بالفعل من أعداء الداخل. وماذا عن سبب العداوة؟ الاختلاف معه، في كلا الحالتين. في تساؤل آخر، لماذا لم يفلح العقل العربي قديماً وحديثاً في إيجاد بدائل أخرى لحل الاختلافات- الداخلية قبل الخارجية- غير التصفية المعنوية بالكراهية، أو التصفية الجسدية بالقتل؟

هم رجال كراهية وقتل ضد المختلفين معهم، من الداخل قبل الخارج. هكذا كان حال الزعماء العرب منذ الاستقلال حتى اليوم. ولما كان لكل فعل رد فعل من جنسه بالضرورة، لم يكن مستغرباً أن تتشكل حركات المعارضة والمقاومة والكفاح المسلح والإسلام السياسي عبر المنطقة العربية بالكامل من ذات نيران الكراهية والرغبة الثأرية القاتلة ضد المختلفين معهم، وفي المقدمة دولهم وأنظمتهم السياسية الوطنية ذاتها. هذا ما فعلته حركة المقاومة الإسلامية حماس ضد السلطة الفلسطينية وحركة فتح قبل أن تفعله ضد إسرائيل؛ وهو نفسه ما فعله حزب الله في لبنان وسوريا والعراق قبل ما يفعله الآن ضد إسرائيل؛ وقد فعله تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ضد الشيعة والسنة والأقليات المسيحية والإيزيدية وغيرها في العراق وسوريا ولم يفعل أي من مثله ضد إسرائيل. كان صدام حسين لا يَمل من ترديد خطابات الكراهية والقتل ضد الكيان الصهيوني؛ لكن نيران كراهيته تلك في الحقيقة قَضت على المنشقين والمعارضين الوطنيين العراقيين ولم تمس اليهود الصهاينة بسوء. وحين حرك صدام جيوشه أخيراً لإيفاء وعيده، كانت وجهتها بداية شرقاً نحو دولة مسلمة (من داخل دينه) ثم جنوباً إلى دولة عربية (من داخل لغته)، وليس إلى أرض فلسطين لتحريرها من اليهود الصهاينة (من خارج لغته ودينه).



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمرير ديمقراطية عربية تحت غطاء ديني!
- رأسمالية روسيا ما بعد الشيوعية
- باسم العدالة والمساواة حكومات تحتكر الاقتصاد
- الأنانية في المجتمع والدولة
- الأمة العربية والإسلامية لكن بزاوية نَظَر حادة
- الدين سلطان القلوب
- من الشورى إلى ديمقراطية جهنم
- بِكمْ تَبِيعُني إلَهَك؟
- بين الديمقراطية والبَيْعّة والشورى في الواقع العربي
- نَظْرة ذُكورية
- هل التعايش ممكناً بين الديمقراطية والدين؟
- التناقض بين الديمقراطية والدين
- كيف أضعنا غزة مجدداً
- ما هي منزلة المرأة في الإسلام؟
- محاولة لفهم الدولة
- مفهوم الدولة ما بين الإرادة والقوة
- حُلُم الدولة العربية المُجهض
- أصحاب الجلالة والسيادة والسمو
- عبادة المقاومة - حدود حق الدفاع عن النفس
- تفكيك السلطوية العربية-2


المزيد.....




- احتمال الصراع الأهلي في سوريا يزداد
- الجالية الروسية بعمّان تحتفل بيوم العمال
- نائب وزير الخارجية التركي لبي بي سي: -حرب غير مسبوقة تُشنّ ض ...
- إقالة أم استقالة؟ مستشار الأمن القومي يغادر منصبه على وقع تس ...
- قاضٍ أمريكي يفرج عن الطالب الفلسطيني محسن مهداوي ويؤكد حقه ا ...
- سوريا: أنباء عن اتفاق بتسليم السلاح الثقيل ودخول الأمن إلى ا ...
- مركبة فضاء سوفيتية ضلت طريقها وتعود إلى الأرض بعد نصف قرن
- السودان.. الدعم السريع تقصف العاصمة وسط تحذيرات أممية
- مفوض أممي: الرعب في السودان لا حدود له
- سلطات رومانيا ترحل مراسل RT إلى تركيا


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - العُقْدَة اليهودية في العقل العربي