أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل ينتج الاستبداد تنمية مستدامة؟ (1)














المزيد.....

هل ينتج الاستبداد تنمية مستدامة؟ (1)


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8350 - 2025 / 5 / 22 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أبداً في قدرة الاستبداد بمختلف أشكاله ودرجاته على تحقيق بعضاً من التنمية، التي قد تصل إلى حد الطفرة أحياناً، وإلا ما استطاعت هياكل أنظمة الحكم الاستبدادية والشعوب التي تعيش في كنفها البقاء ومقاومة آفات الفساد والتحلل فوق أرضية صلبة وتحت قبضة أمنية لا تلين منذ آلاف السنين حتى اليوم عبر أنحاء ضخمة من المعمورة. سنجد أن أكبر وأقدم شعوب العالم، الصيني، لم يعيشوا قط إلا في كنف نظم حكم استبدادية متوالية، ملكية قديماً وشيوعية حديثاً، ولم يجربوا الديمقراطية يوماً واحداً خلال تاريخهم المديد؛ رغم ذلك، كانت الصين قديماً وحديثاً بوصلة تجتذب ويحتذي بها العالم أجمع. كذلك الحال مع ثاني أقوى دولة تسليحاً في العالم، روسيا؛ سواء القيصرية أو الشيوعية، ظلت الإمبراطورية، الاتحاد، أو الدولة الروسية مزاحماً قوياً ومخيفاً للعالم أجمع، تماماً كحال رئيسها الحالي، فلاديمير بوتين، الآن مع جيرانه الأوروبيين. في حالة ثالثة، سنجد مصر، التي سواء في عهد الفراعنة، اليونانيين، الرومان، العرب، المماليك، العثمانيين، أو بعد نشأتها الحديثة على يد محمد علي باشا، ثم مؤخراً في عهد ضباطها الوطنيين الأحرار، قد بقيت تتبادل عليها أيادي المستبدين والطغاة من كل جنسية وطائفة، لا تكاد ترتوي وتشبع لبضع سنوات من طفرة تنموية عابرة إلا وتجرعت بعدها لسنوات عجاف طوال من الكساد والفقر والمرض، لتكمن جثة خامدة في انتظار أن يبعث فيها منقذ مستبد مأمول الحياة مجدداً. هذه الحالات الثلاثة البارزة، ومعها كل الأنظمة الاستبدادية بلا استثناء، شهدت وتشهد بالفعل معدلات تنمية قد تصل أحياناً إلى حد الطفرات الغامرة. لكن، كيف تحققت هذه التنمية، وما هي طبيعتها، وهل استطاعت مواصلة الطريق لفترة معقولة من الزمن دون انكسار ونكوص للوراء؟ حتى نعرف، يجب أن نعرف أولاً ماذا تعني كلمات مثل "الاستبداد"، "التنمية" و"الاستدامة".

النظم الاستبدادية ضد الديمقراطية

في الديمقراطيات، موضع السيادة يكون في عموم أفراد الشعب على اختلاف انتماءاتهم وولاءاتهم؛ بمعنى أن سلطة سن القوانين وتنفيذ السياسات العامة تنشأ في نهاية المطاف من، وتُرد إلى، إرادات هؤلاء المواطنين كما يدلون بها على بطاقات توضع في صناديق الاقتراع. هذا لا يعني أن عموم الشعب يمارسون سيادتهم الوطنية بأياديهم، يصنعون القوانين وينفذون السياسات بأنفسهم، لكون ذلك مستحيل في التجمعات الكبرى وإذا تحقق سيؤدي إلى الفوضى لا محالة. بل هم يختارون في انتخابات حرة ونزيهة بحق عدداً محدوداً من المرشحين المتنافسين لشغل مقاعد الحكومة. أكثر، وأهم، من ذلك، أنهم يستطيعون في الانتخابات المقبلة سحب التفويض من هؤلاء الذين انتخبوهم قبلاً لكن خذلوهم، واستبدالهم بآخرين. بذلك يكون الشعب هو مصدر السلطات، التي لا يمارسها بنفسه لكن يأتمنها لمدة معلومة لدى ممثلين له؛ ويصبح شخوص الحكم مجرد ممارسين للسيادة، يتمتعون بامتيازاتها وحصاناتها لكن لمدة محددة فقط، بتفويض من الناخبين، وليسوا هم منشأ ولا مرد هذه السيادة، اللذان يبقيان دائماً وأبداً لدى عموم الناخبين. عند كل انتخاب، يسترد الشعب ويمارس سيادته كاملة في تجديد الثقة بالحكومة القائمة أو استبدالها بأخرى جديدة.

علاوة على ما سبق، كون الشعب هو صاحب السيادة الأصيل لكنه لا يمارسها بنفسه ويفوض لهذه المهمة ممثلين ينوبون عنه، تحرص الدساتير الديمقراطية على تقسيم هذه السيادة الشعبية المفوضة في أنصبة محسوبة وموزونة بعناية بين أفرع الحكومة الثلاثة، التشريعي والتنفيذي والقضائي. بحيث يحصل كل فرع على نصيب وازن ورادع لما يحصل عليه الآخر من كعكة السيادة الشعبية المفوضة، مما يستلزم من الثلاثة تنسيق الرأي والفعل معاً قبل أن تستطيع الحكومة مباشرة أعمالها. وفي حال تعثر الاتفاق بشأن قانون أو سياسة ما بما يهدد بتعطيل الحكومة وشل قدرتها عن مباشرة أعمالها وتقديم خدماتها للمواطنين، عندئذ لا يكون هناك بديل غير رد السيادة إلى حيث منشأها الطبيعي- عموم الشعب- باللجوء إلى عقد انتخابات مبكرة أو الدعوة إلى استفتاء عام. لكونه صاحب السيادة الأصيل في بلده، ليس هناك أعلى من الشعب للبت في أي نزاع داخل أروقة الحكومة يعطلها عن تقديم خدماتها للمواطنين.

عموم الشعب يختارون بإرادتهم الحرة أفراد حكومتهم، الذين يتمتعون بسيادة مؤقتة بموجب هذا التفويض الشعبي. هذا يعني أن السيادة العليا والأبدية هي للشعب وحده، وأن هذا الشعب من خلال حكومته هو المشرع الوحيد والمطلق في أمور حياته الدنيوية كافة، لا يعلو عليه في أي من تفاصيلها الصغرى أو الكبرى إله، كتاب مقدس، فقيه، شيخ أزهر، إمام، مرجعية دينية، حزب شيوعي، ملك، رئيس، زعيم، رفيق، أخ، بكباشي، جنرال...الخ. في هذه الحياة الدنيا، فوق الأرض وداخل حدود بلاده، كل شعب هو السائد المطلق في تنظيم وإدارة حياته بالشكل الذي يريد.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضمير بين الوعي والدين (3)
- الضمير بين الوعي والدين (2)
- الضمير بين الوعي والدين (1)
- هل ضاعت غزة حقاً؟
- بين العقيدة والسلطة، أزمة الدين
- بين الوحي والعقل، المأزق الديني
- ليس طمعاً في نعيم الجَنَّة ولا خوفاً من جَحيم النار
- كيف أزاح الشيطان الإله من مُلْكه - أحمد الشرع
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (6)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (5)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (4)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (3)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (2)
- في مآلات المشروع العربي الناصري
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا
- حاسبوا أنفسكم مع بشار
- هل تُبالي حكومة حماس بحياة الفلسطينيين؟
- السيد صاحب مفتاح مطبخ الفرح
- ما ضير الديمقراطية لو انتخب المعاتيه معتوهاً منهم؟
- عن حاجة الإنسان إلى رَبْ


المزيد.....




- إيطاليا تُغيّر قانونا بشأن الحق في المطالبة بالجنسية عبر أجد ...
- -شعرت الثانية وكأنها ساعة-.. شاهدة عيان تروي تفاصيل مقتل موظ ...
- أرباح -فلكية- خلال عام فقط.. أرقام ترصد ما كسبه أثرى 10 أشخا ...
- انتصار السيسي تكرم ممثلين مصريين لعبوا أدوارا تدعم أصحاب اله ...
- معلومات مفاجئة عن هجمات -لم تعلن من قبل- يكشفها وزير خارجية ...
- فستان كلوديا شيفر من عام 1995 يخطف الأضواء في مهرجان كان 202 ...
- بسبب الحرب.. كيف تحولت الشقق المحترقة في غزة إلى سلاح بأيدي ...
- سيئول: بيونغ يانغ أطلقت عدة صواريخ باتجاه البحر الشرقي
- كوبياكوف: الغرب ألغى القانون الدولي ودمر النظام العالمي القا ...
- دون الاتفاق على صيغة بيان.. مجموعة -السبع- تجدد التزامها بدع ...


المزيد.....

- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل ينتج الاستبداد تنمية مستدامة؟ (1)