أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - بين الوطنية واللصوصية- أزمة دولة ناصر














المزيد.....

بين الوطنية واللصوصية- أزمة دولة ناصر


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8432 - 2025 / 8 / 12 - 18:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين زَفَ جمال عبد الناصر لأنصاره المحتشدين قراره لتأميم قناة السويس في 1956 عَلَت أصوات المتجمهرين مباركة وفرحة. في النهاية، هذه قناة مصرية في أرض مصرية والمصريون، مثل الأراجوز جُحا، أولى بعوائد قناتهم. لكن هذه الجماهير المحتشدة مهما بلغ تعدادها لا يمكن أبداً أن تشمل كل المصريين البالغين. في دولة ناصر، لا توجد استطلاعات حرة ومحايدة لاستكشاف ميول الرأي العام، ولا وسائل إعلام وصحافة مستقلة، ولا آليات ديمقراطية يمكن على أساسها قياس التوجهات والانقسامات السائدة بين عموم المصريين. رغم ذلك يمكن، في حالة قناة السويس، ترجيح أن أغلبية المصريين قد أيدت فعلاً هكذا قرار سيترتب عليه نزع الثروة من أيدي الأجانب لتوزيعها عليهم مجاناً. ومن يرفض هكذا ثروة تسقط عليه بلا عناء من السماء! لكن، من جهة أخرى، لابد أن هناك نفر قليل من المصريين أيضاً كانوا يتعاونون مع هؤلاء الأجانب وتربطهم بهم مصالح. هؤلاء المصريون القلائل سيتضررون ويخسرون حتماً من جراء قرار التأمين. ليس هؤلاء فحسب، بل كانت هناك نُخب سياسية واقتصادية وثقافية مُحنكة ومُخضرمة على علم بالتبعات المستقبلية لهكذا قرار مُستعجل ومُتهور ومُنفرد على كيان الدولة المصرية. لكن هكذا أصوات معارضة، كعادة الدولة الناصرية، قد مُنعت ولا تزال من الوصول إلى مسامع المصريين.

بعد القناة، فُتحت شهية دولة ناصر على أملاك ورؤوس أموال واستثمارات الجاليات الأجنبية المقيمة في مصر. وما الضير؟ هؤلاء ينهبون خيرات البلاد منذ أمد ولا ضير في أن يسترد المصريون حقوقهم، أو هكذا قد فكرت أغلبية المصريين الواقعين تحت نير الفقر والجهل. وهنا، كما يُرجح، ربما قد ظهرت بعض المعارضة من أقلية من المصريين ذوي المصالح والأواصر المشتركة مع هؤلاء الأجانب. لكن حتى هذه الأقلية الثرية الوطنية، كما ظنت ساعتها، ستكون أكبر الكاسبين من قرار عبد الناصر بمصادرة الأملاك والشركات الأجنبية. حتما سيضطر هؤلاء الأجانب إلى بيع أصولهم وممتلكاتهم على عجل وبسعر بخس ولن يجدوا مشترين أوثق وأفضل من شركائهم ومعارفهم المصريين. هكذا، ربما قد لاقت خطوة التأميم الثانية تلك مباركة أكبر من فقراء المصريين وأثريائهم معاً حيث سيحصل الأوائل على مكتسبات مجانية وسيحصل عليها الأواخر بسعر بخس. رغم ذلك، كانت الخشية والمعارضة لا تزال قائمة ولو على استحياء: وماذا يضمن ألا تنفتح شهية دولة ناصر، بعد ثروات هؤلاء الأجانب، على ثروات الوطنيين المصريين أنفسهم؟

في دولة ناصر لا يوجد ضمان لأحد. وهذا بالضبط ما كان. بعدما فرغ ناصر من كل الأغراب تحول إلى أبناء بلده وجردهم من أملاكهم ورؤوس أموالهم واستثماراتهم كلها. عندئذٍ، كما في المرتين السابقتين، يمكن ترجيح أن أغلبية المصريين الذين ينهشهم الفقر والجهل فرحوا وهللوا واستبشروا أن تهبط المكاسب تترا فوق روؤسهم من سماء الدولة ومناصبها ووظائفها ومعوناتها ومشاريعها الحكومية. ويرجح أيضاً أن المعارضة في هذه المرة تحديداً كانت الأصدق والأكبر على الإطلاق من المصريين أنفسهم، الذين بالتأكيد كانوا أقلية ثرية ومتعلمة في مواجهة أغلبية جاهلة ومعدومة ليس لديها ما تخسره أو تبكي عليه. وبالطبع هؤلاء المعارضون لم يسمع بهم أحد، لأن في دولة ناصر لا صوت يُسمع سوى صوت ناصر نفسه.

رويداً رويداً، وبعد طول انتظار لكي تهطل عليهم ثمار السرقات التي مارستها الدولة باسمهم ولأجلهم، يأس المصريون من حلم الثراء السريع من كد وجهد آخرين يتهمونهم بسرقة خيرات بلدهم. إذا كانوا قد سرقونا أولاً، ما الضير في أن نسرقهم ثانية؟! أليست العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم؟! لكننا، هكذا، نكون قد أصبحنا لصوصاً مثلهم. بدل من أن نحاسبهم ونُقومهم سنتعلم منهم السرقة. وهذا ما كان فعلاً. استحل المصريون لأنفسهم السرقة وأتقنوها وأحبوا طعم ثمرتها السهلة والسريعة واللذيذة. بعد تأميم القناة ومغادرة الأثرياء ورجال الأعمال الأجانب والمصريين البلاد، لم يجد المصريون من يسرقون منه سوى دولة ناصر نفسها التي سرقت الثروات كلها ووضعتها في خزائنها.

لكن غاب عن هؤلاء المصريين، فقراء وأثرياء، مثقفين وجاهلين، أن كل ما قد سرقته دولة ناصر من أملاك وثروات أجنبية ووطنية باسمهم ولأجلهم لا يساوي ثمن جناح بعوضة من سرقة أكبر وأعظم- سرقة إرادة المصريين. دولة ناصر لم تأتي ولم تستمر بإرادة المصريين الحرة.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا فشلت الجمهوريات الثورية ونجحت الممالك الرجعية؟
- خيبة الأمل في 23 يوليو
- المصريون بين طرحةً ناصر وحجاب المُرشد
- شكوى إلى الله ضد إسرائيل
- في الدولة جنة الإنسان على الأرض، أو هكذا ينبغي
- ما هي حقيقة الدولة؟
- هل كانت 30 يونيو ثورة؟
- هل كانت 25 يناير ثورة؟
- الثورة بين الحقيقة والمجاز
- هل كانت 23 يوليو ثورة؟
- هل مصر دولة ديمقراطية؟
- الساداتيىة وتهافت الأنظمة الثورية
- الله حائر بين اليهود والفرس
- عن طبيعة الجسم السياسي
- هل الثورة اختيار حقاً؟
- هل ينتج الاستبداد تنمية مستدامة؟ (1)
- الضمير بين الوعي والدين (3)
- الضمير بين الوعي والدين (2)
- الضمير بين الوعي والدين (1)
- هل ضاعت غزة حقاً؟


المزيد.....




- قوات روسية تخترق دفاعات أوكرانية في دونيتسك قبل أيام من قمة ...
- الانتقال إلى إيطاليا قد يكون خطة جيمي كيميل البديلة
- إسرائيل: حرب ردود بين وزير الدفاع ورئيس الأركان.. و-التعيينا ...
- - فلسطين حرّة-.. رسالة من مراقب جوي فرنسي إلى طياري شركة -إل ...
- شركة -البحري- السعودية تنفي نقلها أسلحة لإسرائيل على متن سفي ...
- رونالدو وجورجينا.. خطوبة وقصة حب وقيراطات ألماس ثمنها ملايين ...
- -قبة حرارية فوق أوروبا!-.. جفاف وحر وحرائق وجو يحبس الأنفاس ...
- لماذا اغتالت إسرائيل أنس الشريف؟
- سرايا القدس تبث مشاهد لقصف مستوطنتين إسرائيليتين بغلاف غزة
- نشطاء يشيدون بنباهة طفل يمني أنقذ شقيقته من محاولة اختطاف


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - بين الوطنية واللصوصية- أزمة دولة ناصر