أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل كانت 30 يونيو ثورة؟














المزيد.....

هل كانت 30 يونيو ثورة؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 16:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت خناقة ربحها من بيده السلاح.

خناقة؟! وكيف تُفسر تلك الحشود الغفيرة التي اكتظت بها شوارع وميادين مصر كلها دعماً وتأييداً لـ30 يونيو 2013؟

كلامك صحيح. وهذا بالتحديد هو ما صنع منها "خناقة" وليس "انقلاب" كالذي وقع في 1952. هنا المظاهرات المدنية كانت سابقة على ومواكبة لتحرك الجيش هذه المرة، بينما في 1952 لم تظهر أي من مثل هذه المظاهرات الحاشدة إلا بعد وقوع التحرك العسكري بالفعل، وبعده بزمن ليس بقليل. علاوة على ذلك، حتى لو احتشد المصريون عن بكرة أبيهم في الشوارع ثائرين، يبقى هذا وحده غير كافٍ أبداً لإحداث ثورة. لكي نفهم أكثر حقيقة ما وقع في 30 يونيو، يجب العودة للأحداث التي وقعت خلال فترة العامين والنصف من 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2013.

كانت الفضيلة الأهم لمظاهرات 25 يناير أنها أخرجت المصريين من القمقم. هي المرة الأولى خلال تاريخهم الحديث التي ينزلون فيها الشوارع من تلقاء أنفسهم للاحتجاج على مظالم مزعومة ضد النظام، لا أن يسوقهم النظام كقطيع الغنم كدأب العهد الناصري معهم. وعندما التقوا أخيراً على طبيعتهم وجهاً لوجه في وضح النهار، لا على الصورة المصطنعة التي ظل يروجها النظام، أصبح بمقدورهم الآن التحدث بصراحة وشفافية ومصداقية غير مسبوقة، دون خوف أو مواربة أو تجميل للكلام. كل واحد باح بلا تصنع بمكنون صدره الحقيقي من الأفكار والمعتقدات والأحلام مهما كانت ساذجة وضحلة ومضحكة ومشجوبة في أعين آخرين؛ ومنهم حتى من دفعته الحماسة الثورية إلى حد الشروع بيده لوضعها موضع التنفيذ. بالطبع، بعد كل هذا الغياب والموات السياسي، ما كان أحداً يعرف الآخر، وفي أحسن الأحوال كان يعرفه معرفة سطحية ومنقوصة ومشوهة. كانت الصدمة كبيرة بحق عندما رأى المصريون أنفسهم على حقيقتهم بعد انفجار 25 يناير الكاشف. وقتها أخذ الكل يسأل الكل في استغراب ودهشة وانكار: أهؤلاء منا، مصريون مثلنا؟! لكن الحقيقة المؤسفة أنهم كانوا بالفعل مصريون، جزء لا يتجزأ من مصر لا يمكن إنكاره بأي حال من الأحوال، ولأي سبب مهما كان. والحال كذلك، ما العمل إذن؟

بعد 25 يناير، اكتشف المصريون أنهم لا يعيشون في مصر واحدة كما كانوا يعتقدون، بل ثلاثة أمصار متباينة فيما بينها إلى حد التناقض والحرب الأهلية: (1) مصر التراثية ذات الأسس والتوجهات الإسلامية؛ (2) مصر الحداثية ذات الأسس والتوجهات العصرية المستوردة من الغرب؛ (3) مصر الرسمية الحريصة على استتباب الأمن وحفظ النظام بأي ثمن حتى تأخذ المصالح مجراها وتستمر الحياة ولو في حدودها الدنيا. داخل كل معسكر من الثلاثة الرئيسية، وجدت تيارات عديدة متصارعة فيما بينها حتى بشراسة أشد من الصراع مع المعسكرين الآخرين. على سبيل المثال، كان الصراع محتدماً داخل المعسكر الأكبر، التراثي، بين تفاسير وتطبيقات الإسلام الرسمي كما يمثله الأزهر والإسلام السياسي كما يمثله الإخوان المسلمون والإسلام السلفي كما يمثله حزب النور. هذه التناقضات الداخلية في المعسكر التراثي لا تقل حدة عن تناقضاتهم مجتمعين مع المعسكرين الآخرين الحداثي والرسمي. وهكذا كان الحال أيضاً داخل المعسكرين الآخرين.

لكن المشكلة ليست في الاختلافات والتناقضات التي هي في النهاية أمر طبيعي ومتوقع، حتى لو كانت أشد حدة وشراسة بعد موات سياسي دام دهوراً. بل كانت المشكلة الحقيقية تكمن في طريقة تعاطيهم مع الاختلافات والتناقضات سواء فيما بينهم داخل نفس المعسكر الواحد أو مع المعسكرين المختلفين الآخرين، في حلولهم المنظورة لهذه الاختلافات والتناقضات التي هي في نهاية المطاف أمر طبيعي وايجابي وقائم في كل الدنيا. كل واحد يُنكر وجود الآخر، وبالتالي ينكر حقه في أن تكون له نظرته الخاصة المختلفة لنفسه ولبلده وللعالم. هنا، رغم اختلافهم في كل شيء آخر، اتفق المصريون بالإجماع على حل واحد له مفعول السحر سيحقق لهم أحلامهم ويخلصهم من خصومهم بضربة واحدة وفي غمضة عين: سلطة الدولة. ما الذي يعنيه ذلك؟

يعني أنهم جميعاً ينظرون إلى الدولة كوسيلة لبلوغ غاية هي بالضرورة أعلى وأعظم من الدولة ذاتها. "سنستخدم سلطة الدولة لجعل مصر إسلامية"، أو هكذا يمني فريق نفسه؛ "سنستخدم سلطة الدولة لجعل مصر مدنية وحديثة وديمقراطية"، أو هكذا يمني فريق ثان نفسه ؛ "سنستخدم سلطة الدولة لإنهاء الفوضى واستعادة الأمن والاستقرار وفرض النظام حتى يستطيع الناس تسيير المصالح وإلا خربت البلد"، أو هكذا أقنع فريق ثالث نفسه. لا أحد يرى في الدولة غاية جديرة بأن تُقصد لذاتها، لا يعلوها ولا يُقدم عليها شيء آخر في الحياة الاجتماعية للناس. لكن، كيف وصلوا جميعاً، في وعيهم الباطن، لمثل هذه القناعة الراسخة: أن الدولة وسيلة لغاية أعظم؟

الإجابة، ببساطة، لأنهم جميعاً- كبشر- لا زالوا لا يرون في أنفسهم غايات جديرة بأن تُقصد لذاتها بصرف النظر عن اختلافاتهم الطبيعية. لا يزال كل واحد يرى في نفسه والآخر مجرد وسيلة لبلوغ غاية أعظم من الإنسان وربما حتى من الإنسانية كلها. من هذا المنطلق العقائدي، يرى كل فريق في الدولة مجرد وسيلة لبلوغ غايته الأعظم من الإنسان ولو على حساب الإنسان ذاته. لكن عندما يكون الإنسان، أي وكل إنسان، هو الغاية الأعلى، ولأن الدولة هي في نهاية المطاف المجموع السياسي لكل هؤلاء الناس، سيصبح هذا الإنسان ودولته معاً قيمة وغاية عظمى لا يعلوها ولا يُقدم عليها أي شيء أو مشروع آخر مهما كان. هكذا، بعد 25 يناير، تصور المصريون خطئاً أن مشاريعهم لا يمكن أن تدخل حيز التنفيذ إلا عبر اختطاف واستعمال سلطة الدولة في قمع المنشقين ومشاريعهم المارقة. ذلك لأنهم كانوا يعتبرون أنفسهم والدولة معاً كمجرد أدوات ووسائل لتحقيق مشاريعهم المتباينة التي كانت في الحقيقة هي الغاية الأعظم التي لا يترددون من أجلها في التضحية بأنفسهم وبغيرهم وبالدولة ذاتها.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كانت 25 يناير ثورة؟
- الثورة بين الحقيقة والمجاز
- هل كانت 23 يوليو ثورة؟
- هل مصر دولة ديمقراطية؟
- الساداتيىة وتهافت الأنظمة الثورية
- الله حائر بين اليهود والفرس
- عن طبيعة الجسم السياسي
- هل الثورة اختيار حقاً؟
- هل ينتج الاستبداد تنمية مستدامة؟ (1)
- الضمير بين الوعي والدين (3)
- الضمير بين الوعي والدين (2)
- الضمير بين الوعي والدين (1)
- هل ضاعت غزة حقاً؟
- بين العقيدة والسلطة، أزمة الدين
- بين الوحي والعقل، المأزق الديني
- ليس طمعاً في نعيم الجَنَّة ولا خوفاً من جَحيم النار
- كيف أزاح الشيطان الإله من مُلْكه - أحمد الشرع
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (6)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (5)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (4)


المزيد.....




- مسلسل -Scrubs- يعود بنجومه الأصليين
- بحضور الشرع.. سوريا توقع اتفاقية -امتياز- مع موانئ دبي العال ...
- ماذا قال نتنياهو عن موقف -حماس- من صفقة وقف إطلاق النار والر ...
- -حنظلة- تشق طريقها من صقلية إلى غزة.. محاولة جديدة لكسر الحص ...
- عقيدة بيغن: -حق إسرائيل في أن تملك وحدها السلاح النووي-
- الاتحاد الأوروبي يطالب بـ -حلٍّ عادل- في قضية الرسوم الجمركي ...
- ألمانيا: 300 كيلوغرام من الكبتاغون في محل بيع خضروات
- مارايكه ماير.. اسم نسائي لامع في سباقات الأربعة جياد
- روسيا تعلن السيطرة على بلدتين بدونيتسك وزيلينسكي يدعو الغرب ...
- إعادة فتح الحدود بين أوغندا والكونغو تثير جدلا بشأن تمويل ال ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل كانت 30 يونيو ثورة؟