أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عن طبيعة الجسم السياسي














المزيد.....

عن طبيعة الجسم السياسي


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8375 - 2025 / 6 / 16 - 16:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يختلف الجسم السياسي عن الجسم البدني في كون الأخير طبيعي، من لحم ودم، بينما يبدو الأول مُصطنعاً، بقوة الحديد والنار. هكذا، حين يعتل الجسم البدني، يضعف بدايةً جهازه المناعي، ومن ثم تضطرب وظائفه الحيوية إلى أن تتمكن منه الحمي للحد الذي قد يخرجه من المعاش إلى الممات. في المقابل، تأتي اضطرابات الجسم السياسي، في ضوء تركيبته غير الطبيعية، في شكل انفجارات وحرائق ودمار واسع النطاق بما قد يُفضي في الحالات المستعصية إلى التصدع والسقوط تمهيداً لفوضى تُفضي إلى ميلاد جسم جديد، ذو طبيعة محلية أو أجنبية. قد يتبادر إلى ذهن القارئ أننا أمام جسم ماكينة بالكامل من شكل أو آخر. لكن هذا غير صحيح. الصحيح هو أن الجسم السياسي ليس عضوية حية مثل الإنسان أو سواه من مثل هذه الكائنات، التي وجدت وتبقى في الطبيعة دون تدخل من الإنسان، ولا هو أيضاً ماكينة من صنع البشر؛ لكنه، في الحقيقة، يضم في تكوينه بعضاً من هذا وبعضاً من ذاك. صحيح أن الجسم السياسي أقرب إلى ماكينة من صنع البشر منه إلى كائن طبيعي، لكن هؤلاء البشر الطبيعيون أنفسهم هم العنصر الأساس في تكوينه وتشغيله. إلى مزيد من التفصيل.

تتحدد كتلة الجسم السياسي بنطاق المساحة الجغرافية التي تستطيع قوة بشرية فرض الهيمنة عليها. وحتى تتمكن مثل هذا القوة من ذلك، تحتاج إلى جبي خدمات كل أو معظم البشر المتواجدين عبر هذه الرقعة الجغرافية وتسكينهم، طوعاً أو كرهاً، في وظائف شتى حيوية من أجل بقاء وازدهار الجسم السياسي. هكذا، إلى الآن، نحن أمام جسم من ثلاثة أركان أو أعضاء رئيسية: (1) جغرافيا؛ (2) سكان؛ و(3) قوة قاهرة تهيمن على الاثنين معاً وتسخرهما لما تراه الخير والصالح العام للجسم السياسي ككل بركائزه الثلاثة. بهذا الشكل، تؤدي القوة المهيمنة في الجسم السياسي دور الجهاز العصبي المركزي في الجسم البشري، حيث مقر مركز التحكم والسيطرة في الجسم كله عبر الدماغ والحبل الشوكي.

تعمل القوة القاهرة في الجسم السياسي عمل الرأس في الإنسان. وكما لا يوجد إنسان بلا رأس، كذلك لا يوجد جسم سياسي من دون قوة تُمسك بقبضتها الباطشة جغرافية وسكان الجسم السياسي، وتشكل منهما ما يشبه وحدة عضوية متكاملة قادرة على الحياة في استقلالية عن، أو تحالف أو تجارة أو حرب مع، نظرائها من الأجسام السياسية سواء التي بالجوار أو فيما وراء البحار.

رغم ترامي الجغرافيا ووفرة السكان، وقيام وسقوط الأجسام السياسية من حولهم على مدار آلاف السنين، بقي قلب جزيرة العرب خال من أي جسم سياسي بالمعنى محل النظر هنا. كانت أقصى إنجازاتهم في هذا الصدد لا تتعدى القبيلة، التي هي امتداد للأسرة البيولوجية ومن ثم لا تؤهل لاعتبارها كائناً اصطناعياً بحق من شاكلة الممالك والامبراطوريات. لماذا أخفق العرب فيما نجح فيه الآخرون، وما الذي استجد فجأة صدر الإسلام جعلهم يعيدون النظر في أنفسهم ويحاولون اللحاق بما سبقتهم إليه بقية شعوب الأرض؟

في معرض حديثنا عن أعضاء الجسم السياسي، ذكرنا الجغرافيا والديموغرافيا والقوة القاهرة. لكن هذا ليس كل شيء. لأن توافر هذه الشروط الثلاثة غير كاف لتأسيس جسم سياسي غير طبيعي لكن قابل للحياة والتوسع والتطور. يبقى هناك عنصر ناقص، وربما يكون الأهم. إنه الروح. لا جسد، طبيعي أو مصطنع، من دون روح، أو ما يشبه الروح، حتى تدب فيه الحياة والحركة والقدرة على أداء وظائفه المتوقعة منه. وماذا تكون روح الجسم السياسي؟ هي تلك التي لم تتوفر في قلب صحراء العرب إلا في صدر الإسلام قبل نحو ألف ونصف الألف عام، ثم اختفت لتعاود الظهور ثانية مع الدولة السعودية المعاصرة قبل عدة عقود مضت؛ هي السردية القومية، الأسطورة الجامعة، أو ما نسميها وفق مفردات حديثة- الشرعية السياسية.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الثورة اختيار حقاً؟
- هل ينتج الاستبداد تنمية مستدامة؟ (1)
- الضمير بين الوعي والدين (3)
- الضمير بين الوعي والدين (2)
- الضمير بين الوعي والدين (1)
- هل ضاعت غزة حقاً؟
- بين العقيدة والسلطة، أزمة الدين
- بين الوحي والعقل، المأزق الديني
- ليس طمعاً في نعيم الجَنَّة ولا خوفاً من جَحيم النار
- كيف أزاح الشيطان الإله من مُلْكه - أحمد الشرع
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (6)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (5)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (4)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (3)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (2)
- في مآلات المشروع العربي الناصري
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا
- حاسبوا أنفسكم مع بشار
- هل تُبالي حكومة حماس بحياة الفلسطينيين؟
- السيد صاحب مفتاح مطبخ الفرح


المزيد.....




- مقطورات مغمورة ومركبات عالقة.. شاهد نتائج الفيضانات الخطيرة ...
- بايدن يُحذر: أمريكا تواجه -أياما مظلمة- في عهد ترامب
- مصر.. تداول فيديو لشخص يدعي أنه ضابط شرطة -مختف قسريا- والدا ...
- -هذا موت وليس مساعدة أو طعامًا-.. شاهد ردود فعل سكان غزة على ...
- -مصالح مشتركة-.. أيّ دور لعبته حرب غزة في تقارب السيسي وأردو ...
- البرلمان السلفادوري يمنح الرئيس بوكيلي قابلية الترشح إلى ما ...
- قوافل المساعدات تدخل السويداء وسط هدوء حذر
- خطة سحب سلاح المخيمات.. حسابات ما بعد -دبور-
- دمشق تشكل لجنة تحقيق في أحداث السويداء
- بعد وفاة شاب وإصابة 6 بحفلة محمد رمضان يزعم: كانت محاولة اغت ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عن طبيعة الجسم السياسي