أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل صحيح أن القرآن كلام الله؟














المزيد.....

هل صحيح أن القرآن كلام الله؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 17:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا القول هو معتقد يقيني لدى فقهاء المسلمين. وهو معتقد خاطئ وغير صحيح بالمرة. البشر هم الذين يتكلمون، لكن الآلهة لا تتكلم. وأن تنسب إلى الله صفة الكلام البشرية يعد سباً وتجديفاً بحق الذات الإلهية. الله كامل مطلق ولا يتصف بصفات البشر الزائلين. جدير بالذكر أن الفقهاء المسلمين ليسوا وحدهم الذين يعتقدون في أن إلههم يخاطبهم مباشرة بنص كلمات القرآن. بل كهنة كل الأديان التي عرفتها البشرية ولا تزال يعتقدون في أن آلهتهم تخاطبهم، وبلغة أقوامهم تحديداً، من خلال نصوص كتبهم المقدسة على كثرتها وتنوعها. كأن البشرية خلال كفاحها من أجل البقاء على الأرض كانت دائماً وأبداً بحاجة إلى إله أكبر في السماء يحميهم ويرزقهم ويهديهم إلى سواء السبيل. فوق هذا الأساس النفسي، نشأت الأديان وكان لابد أن يُعَبِّد الفقهاء الطريق المستقيم مباشرة إلى الله. ولم يجدوا من وسيلة اتصال أيسر وأطوع بين أيديهم من اللغة.

لكن الفقهاء أيضاً ينزهون الله عز وجل عن الاتصاف بصفات البشر. والقرآن، كما نعلم جميعاً ويعلم الفقهاء المسلمون أنفسهم، هو كلام بشري صرف من حيث الشكل والمضمون. كيف أمكنهم إذن القفز فوق هذا التناقض؟

أبداً لم تكن مسألة سهلة وطريقهم مفروش بالورود. رغم مجهوداتهم الباسلة والمخلصة، لم يفلحوا في حسم التناقض بالضربة المنطقية القاضية. لكن، بدلاً من ذلك، اختاروا الهروب من المأزق إلى عالم ما وراء المنطق- عالم المعجزات. وهذا، على وجه التحديد، هو العالم الذي تحيا وتزدهر فيها الأديان وكهنوتها.

وما هي المعجزة التي على أساسها يعتقدون أن القرآن هو كلام الله حرفاً ومعناً؟

الوحي من السماء. حتى يتحقق الاتصال بين المطلق من جهة والنسبي في المقابل تحتاج العملية إلى وسيط يجمع في جوهره بين هذا وذاك. الملائكة لا هم آلهة ولا هم بشر، لكن هيئتهم تجمع بين هذا وهؤلاء، وبالتالي يمكنهم الاتصال بالطرفين معاً. وقد أوكل الله لملاكه جبريل مهمة تبليغ القرآن إلى نبيه محمد، الذي هو واحد مخصوص ومصطفى تحديداً من البشر.

لكن بذلك تكون المعضلة العقلية قد تفاقمت أكثر. إذا كانت الملائكة تجمع في جوهرها بين الإلهي والبشري، لماذا لا يراهم ويخاطبهم البشر العاديون كما يفعل الأنبياء، الذين هم بشر أيضاً؟! وإذا كانت تلك هي إرادة الله جلت قدرته التي ليس لنا أن نسأله فيها كما يجيب رجال الدين، كيف يستطيع مثل هؤلاء البشر الناقصين فك شفرة وتفسير رسالة إلهية مطلقة الكمال؟ كيف يستطيع ناقص أن يدرك الكامل؟!

نعم، معك حق. هذه معضلة كانت ولا تزال تؤرق تفكير رجال الدين وتقض مضاجعهم عبر التاريخ وفي كل الدنيا. كيف لهم- كبشر ناقصين- الولوج إلى المعنى الإلهي المطلق من متن النص البشري النسبي شكلاً وموضوعاً؟

لكن يجب أن تعلم أن من طبيعة رجال الدين في كل مكان وزمان أنهم لا يكتفون بالهروب من المأزق على أرجلهم الطبيعية إلى الأمام فوق الأرض فقط، لكنهم يحلقون بأجنحة افتراضية إلى الأعلى في السماء أيضاً وفي الوقت نفسه. سيستحضرون نفس الحيلة الإعجازية التي بواسطتها أبلغ الله رسالته للبشر عبر أنبيائه المصطفين. الله قادر على أن يفعل ما يشاء ويختار من عباده من يشاء. وتماماً كما اختار من عباده البشريين أنبياء، هو يستطيع أيضاً أن يختار من كل عصر ومن كل أُمة علماء بفحوى ومضمون الرسالة الإلهية كما أبلغها قديماً لهؤلاء الأنبياء.

هكذا يصبح العلماء في الدين هم ورثة الأنبياء؛ كل عالم دين هو بمثابة نبي ثانوي بعد النبي الأصلي. ويتحول العلم من كونه مُكتسب عقلي إلى نور رباني يقذفه الله في قلوب من يشاء من عباده، حتى لو كان أجهل جهلاء الأرض.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل صحيح أن ليس في الإسلام كهنوت؟
- هل تُنجب المسلمة من هندوسي؟
- دعوة التوحيد
- بين الوطنية واللصوصية- أزمة دولة ناصر
- لماذا فشلت الجمهوريات الثورية ونجحت الممالك الرجعية؟
- خيبة الأمل في 23 يوليو
- المصريون بين طرحةً ناصر وحجاب المُرشد
- شكوى إلى الله ضد إسرائيل
- في الدولة جنة الإنسان على الأرض، أو هكذا ينبغي
- ما هي حقيقة الدولة؟
- هل كانت 30 يونيو ثورة؟
- هل كانت 25 يناير ثورة؟
- الثورة بين الحقيقة والمجاز
- هل كانت 23 يوليو ثورة؟
- هل مصر دولة ديمقراطية؟
- الساداتيىة وتهافت الأنظمة الثورية
- الله حائر بين اليهود والفرس
- عن طبيعة الجسم السياسي
- هل الثورة اختيار حقاً؟
- هل ينتج الاستبداد تنمية مستدامة؟ (1)


المزيد.....




- إنتخابات الكنيسة السويدية الأحد - ممارسة ديمقراطية في مؤسسة ...
- عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحي ...
- عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحي ...
- نيويورك.. يهود يتظاهرون احتجاجا على مشاركة نتنياهو باجتماعات ...
- يهود يتظاهرون في نيويورك احتجاجا على مشاركة نتنياهو باجتماعا ...
- القمة العربية الإسلامية في الدوحة.. نجاح مرهون بمراجعة التحا ...
- التعليم كجبهة في الحرب الناعمة: بين الاستخراب الغربي وبناء ا ...
- خليج الجنة في تركيا.. رفاهية خفية على شاطئ لا يقصده سوى الأث ...
- أردوغان يعين صافي أرباجوش رئيسا للشئون الدينية التركية
- مظاهرة يهودية في نيويورك ضد مشاركة نتنياهو في اجتماعات الأمم ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل صحيح أن القرآن كلام الله؟