أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - حكايات سورية -6-‏المليونير الأحمق والفتاة الذكية














المزيد.....

حكايات سورية -6-‏المليونير الأحمق والفتاة الذكية


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8476 - 2025 / 9 / 25 - 02:53
المحور: قضايا ثقافية
    


‏المليونير الأحمق والفتاة الذكية

‏كان في إحدى الزمان، في زاوية هادئة من مدينة دمشق، رجلٌ ثريٌ جدًا، لدرجة أنه لم يعد يعرف مقدار المال الذي يملكه. كان مغرمًا بالمال إلى حدٍ كبير، وكان يظن أن المال هو ما يحدد قيمته، وأنه إذا امتلك أكثر من غيره، فهو الأكثر قيمة. لم يكن هذا الرجل يعرف عن أشياء كثيرة في الحياة، ولكن كان لديه يقين واحد: أن المال هو الأهم.

‏كان اسمه أبو رامي، وكان يمتلك ثروة طائلة من الأراضي والعقارات في المدينة، بالإضافة إلى أعمال تجارية ضخمة. لكن مع مرور الوقت، بدأ يشعر بأن أمواله قد تزايدت بشكل مذهل لدرجة أنه لم يعد يعرف كيف يحسبها. أصبح يُصاب بالذهول كلما قرر أن يُراجع حساباته، لأن المبالغ التي كانت تظهر على الورق كانت ضخمة جدًا لدرجة أنه لا يستطيع أن يدركها.

‏في أحد الأيام، بينما كان أبو رامي يراقب مكتبه المملوء بالأوراق والمستندات المالية، فكر في حلٍ لقياس مدى ثروته بدقة. فكر طويلاً وقرر أنه بحاجة إلى من يساعده في هذا الأمر، شخص ذكي يستطيع أن يقوم بحساب المبالغ بشكل دقيق.

‏كانت هناك فتاة صغيرة تُدعى ليلى، وهي فتاة بسيطة من الريف، لكنها كانت ذكية جدًا في الرياضيات. سمع أبو رامي عنها من خلال أحد أصدقائه، فقرر أن يستعين بها. طلب منها أن تأتي إلى مكتبه في اليوم التالي.

‏وصلت ليلى في اليوم المحدد، وكانت تحمل دفترًا صغيرًا وقلمًا. نظرت إلى أبو رامي بابتسامة خجولة، ثم بدأت تسأله عن تفاصيل المال الذي يملكه.

‏قال أبو رامي: "أريدك أن تحسبي كل شيء، أريدك أن تعرفي كم أملك بالضبط. لا تتركِ أي شيء دون حساب!"

‏فكرت ليلى للحظة، ثم قالت: "حسنًا، سأقوم بذلك. لكن سيكون لدي شرط واحد، وهو أنني سأحصل على أجري بناءً على نظام خاص. سأخبرك بما سأطلبه."

‏نظر إليها أبو رامي بدهشة وقال: "ما هو هذا الشرط؟"

‏أجابته ليلى بثقة: "ببساطة، سأبدأ بحساب المال من اليوم الأول. في اليوم الأول، سأطلب منك بنسين فقط. ولكن في اليوم التالي، سأطلب منك المبلغ من اليوم السابق مُضاعفًا في نفسه. وبالتالي، كل يوم سيكون هناك تربيع للمبلغ الذي حصلت عليه في اليوم الذي قبله."

‏ابتسم أبو رامي بخبث وقال: "هذا يبدو معقولاً. فبمبلغ صغير في البداية، لن أحتاج إلى دفع الكثير. بالتأكيد، سأوافق على هذه الخطة."

‏بدأت ليلى في العمل. كانت يومًا بعد يوم تتنقل بين الأرقام وتُحاسب المال بحذر شديد. في اليوم الأول، حصلت على بنسين فقط، وفي اليوم الثاني، كما اتفقت، حصلت على ليرتين، وُضِربت في نفسها لتصبح 4 ليرات. في اليوم الثالث، حصلت على 16 ليرة، وفي اليوم الرابع، زادت الأموال لتصبح 256 ليرة.

‏كان أبو رامي يراقبها عن كثب، وقد بدأ يبتسم عندما بدأ المبلغ يزيد بشكل غير محسوس. "يا لها من فتاة حمقاء!" فكّر في نفسه، "لن أضطر لدفع أكثر من بضعة ليرات في النهاية."

‏ولكنه لم يكن يعرف بعد ماذا سيحدث.

‏في اليوم الخامس، ضربت 256 ليرة في نفسها فظهرت نتيجة مذهلة: 65,536 ليرة!

‏قال أبو رامي في نفسه: "يا لها من مصيبة! لكن لا يزال الأمر في المتناول. سأدفعها ما تبقى من أجرها، وسأنتهي من هذا الأمر قريبًا."

‏لكن المفاجأة الكبرى كانت في اليوم السادس. عندما ضربت 65,536 ليرة في نفسها، ظهرت النتيجة التي جعلت قلبه يتوقف عن الخفقان: 4,294,967,296 ليرة، أي أكثر من 4 مليارات ليرة سورية!

‏وقف أبو رامي مذهولًا أمام هذا الرقم الضخم. كان قد ظن أنه سيحصل على صفقة رابحة، لكنه اكتشف الآن أنه وقع في فخٍ محكم. كان عليه أن يدفع لليلى أكثر من أربعة مليارات ليرة، وهو المبلغ الذي كان يملكه تقريبًا في حساباته كلها.

‏نهض أبو رامي من مكانه وقد بدا عليه القلق، وعيناه تلمعان بالذهول. نظر إلى ليلى وقال بصوت متهدج: "ماذا فعلتِ؟ كيف حدث هذا؟ كيف أصبحتُ مدينًا بهذا المبلغ الهائل؟"

‏ابتسمت ليلى، وقالت له بهدوء: "كان الأمر بسيطًا، يا أبو رامي. الرياضيات لا تكذب أبدًا. كل يوم كان يتضاعف المبلغ وفقًا للطريقة التي اخترتها. لم يكن لديّ سوى أن أتبع القواعد."

‏هز أبو رامي رأسه في يأس وقال: "كيف يمكنني دفع هذا المبلغ؟ أحتاج إلى أكثر من حياة كاملة لأدفع لك هذا المال!"

‏لكن ليلى كانت قد توقعت هذه اللحظة، وقالت: "أبو رامي، لم يكن هدفي من البداية أن آخذ منك كل شيء. في الحقيقة، كان هدفي أن أريك شيئًا مهمًا جدًا: المال ليس كل شيء. تظن أن بإمكانك شراء كل شيء، ولكن هناك أشياء لا يمكن للمال أن يشتريها، مثل الذكاء، مثل الفهم، مثل المعرفة."

‏نظر إليها أبو رامي في صمت، ثم بدأ يشعر بشيء من التواضع والندم. على الرغم من أن المبلغ الذي كان عليه دفعه كان هائلًا، إلا أن الدرس الذي تعلمه كان أثمن بكثير.

‏قال لها أخيرًا: "أنتِ حقًا ذكية جدًا. تعلمت درسًا لن أنساه أبدًا. المال ليس كل شيء."

‏ابتسمت ليلى وقالت: "المال مهم، لكن لا ينبغي أن نسمح له بالتحكم في حياتنا. لن نعيش أبدًا حياةً مليئة بالسلام الداخلي إذا كنا نركض وراء المال فقط."

‏فكر أبو رامي في كلامها وأخذ نفسًا عميقًا. بعد لحظة صمت، قال: "ربما حان الوقت لأعيد ترتيب أولوياتي."

‏وابتسم، وهو يدرك أن الذكاء ليس فقط في امتلاك المال، بل في القدرة على فهم الحياة وتقدير قيمتها الحقيقية.

‏النهاية

‏لقد تركت هذه الحكاية أثرًا في قلب أبو رامي، حيث تعلم أن الحياة ليست مجرد جمع للمال، بل في تحقيق التوازن بين المادية والمعنويات. أما ليلى، فقد أثبتت أن العقل والذكاء يمكن أن يقلبا الموازين، حتى في عالم مليء بالمال والقوة.




#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‏ -القاف-: دفاع عن اللسان والهوية
- رسالة إلى أولئك الذين اغتصبوا إنسانيتي
- في متاهة الحب
- الاستنسابية في المجتمع: المظاهر، التداعيات، وآفاق المعالجة
- عند ملقاك
- ‏سيكولوجيا الاغتصاب: دراسة للفاعل والضحية
- ‏القاف: قوة المعنى في اللغة العربية
- قِيمٌ وقُدَمٌ: رحلة في قُدرةِ القَلبِ والعقل
- في ظل غياب المساءلة، سيتفاقم العنف الطائفي في سوريا
- عقول خالدة
- هل لدينا وقت للمتعة بعد الآن؟
- لماذا يجب أن يكون الحب دليلنا في عصر الذكاء الفائق
- الرفاهية والعلم والروحانية
- طول العمر وقصره
- لماذا عدم القيام بأي شيء هو بذاته شيء جيد لنفسك
- قمتان، شطرتا الغرب إلى ضفتين
- عندما يخطئ الدماغ في السمع
- حكايات سورية-1 ابن قنوات وابن عطيل
- حكايات سورية -3 سنبكي إن أمطرت وإن لم تمطر
- حكايات سورية-2 أثقل الأشياء وأخفها


المزيد.....




- في مقابلة مع CNN.. أرنولد شوارزنيجر ينتقد ترامب لوصفه تغير ا ...
- متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يقاطعون كامالا هاريس خلال التروي ...
- -تبرُّع ابني بأعضائه أنقذ 9 أرواح-
- عاجل | مصدر بمستشفى شهداء الأقصى: 8 شهداء ومصابون في قصف إسر ...
- هل تضيّق خطة ترامب لحل أزمة غزة فرص نتنياهو في المناورة؟
- خطة ترامب لغزة بين مناورات نتنياهو والشكوك في التنفيذ
- أحمد الشرع يلتقي ترامب وميلانيا.. وسوريا تعلن تفاصيل اللقاء ...
- إيطاليا ترسل فرقاطة عسكرية لمساعدة أسطول الصمود بعد -هجمات ب ...
- نتنياهو: اعتراف دول غربية بدولة فلسطينية -غير ملزم لإسرائيل- ...
- القوة الوحيدة القادرة على مواجهة إسرائيل


المزيد.....

- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - حكايات سورية -6-‏المليونير الأحمق والفتاة الذكية