أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - عقول خالدة















المزيد.....

عقول خالدة


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8469 - 2025 / 9 / 18 - 16:47
المحور: قضايا ثقافية
    


كيف يضغط الدماغ على الذاكرة لطمس مرور الوقت؟
سام جولدشتاين
ترجمة محمد عبد الكريم يوسف

النقاط الرئيسية
• يقوم الدماغ بضغط الذكريات في نقاط بارزة بدلاً من تسجيلها بشكل خطي.
• إن الذكريات الأخيرة تبدو متشابهة مع مرور الوقت، مما يساعد في الحفاظ على صورة ذاتية مستقرة.
• تساعد التجديد والمشاركة على توسيع نطاق الإدراك الذاتي للوقت.

هل تساءلتَ يومًا كيف مرّت السنوات العشر الماضية بلمح البصر، أو لماذا لا تزال تشعر بأنكَ مُتجذّرٌ في نسخةٍ حديثةٍ من نفسك، بغض النظر عن عمرك؟ هذه الظاهرة ليست مجرد حنينٍ أو إنكار ، بل هي مُتجذّرةٌ في كيفية ترميز أدمغتنا للذاكرة وتخزينها وضغطها. سواءً كنتَ في العشرين أو السبعين من عمرك، فإنّ ذكرياتك عن "الماضي القريب" غالبًا ما تكون ذات بنيةٍ مُوحّدة، مما يُشعرك وكأنّ الزمن لم يُغيّرك حقًّا. تُمكّننا آليات ضغط الذاكرة في الدماغ من إدراك الوقت بسلاسة، مما يُساعد، بشكلٍ مُتناقض، في تفسير سبب "عدم شعور الناس بعمرهم" في كثيرٍ من الأحيان.
الدماغ كمحرر زمني
بدلاً من تخزين الذكريات كسلسلة خطية من التجارب، يُكثّف الدماغ الأحداث في لقطات مُجرّدة، وهي عملية تُسمى عادةً ضغط الذاكرة. فبدلاً من إعادة تشغيلها بدقة، تعمل ذكرياتنا كقصة نعيد بناءها مع كل استرجاع. وينطبق هذا بشكل خاص على الذاكرة العرضية - التسلسل الزمني لتجاربنا المعاشة - التي تخضع لعملية تنعيم زمني واستخلاص للجوهر (شاكتر وأديس، ٢٠٠٧). وبهذا المعنى، يُعطي الدماغ الأولوية للوزن العاطفي والمعنى واستمرارية التجارب على حساب الدقة الزمنية الدقيقة.
نتيجةً لذلك، قد تبدو أحداث السنوات الخمس الماضية متكافئة زمنيًا، سواءً كانت 30 أو 60 عامًا، لأنها مُدمجة في علامات مرجعية ذهنية أقل أهمية. هذا الدمج أيضًا يجعل السنوات الأولى، الغنية بالحداثة والتجارب الأولى، تبدو أطول، بينما تبدو السنوات اللاحقة، المليئة بالتكرار غالبًا، أقصر بكثير (درايسما، 2004).
الذاكرة والخيال والشعور بالوقت
الذاكرة ليست مخزنًا للبيانات الثابتة، بل هي عملية بناءة يلعب فيها الخيال دورًا محوريًا. فعندما نتذكر تجربةً ما، تُعيد أدمغتنا بناءها بدلًا من إعادة تمثيلها، جامعةً بين الذاكرة الواقعية وعناصر إبداعية لتشكيل ما يُطلق عليه علماء الأعصاب "المحاكاة العرضية" (شاكتر وأديس، ٢٠٠٧). هذا التداخل بين الذاكرة والخيال يُطمس الخط الفاصل بين الماضي والحاضر، خاصةً بالنسبة للذكريات الأحدث والأكثر حيويةً.
تؤثر هذه المحاكاة الذهنية أيضًا على إحساسنا الذاتي بالعمر. فنظرًا لأن صورتنا الذاتية تعتمد بشكل كبير على ذكرياتنا العرضية الحديثة - المضغوطة بشكل متشابه عبر عقود - فإننا نختبر استمرارية الذات. يصف هوغ (2009) كيف أن حاجة دماغنا إلى التماسك السردي تدفعنا إلى الحفاظ على تصور ذاتي موحد ومستقر مع مرور الوقت، بغض النظر عن العمر.
لذا عندما يقول الناس "ما زلت أشعر وكأنني في العشرينيات من عمري"، فالأمر لا يتعلق بالغرور بقدر ما يتعلق بكيفية الحفاظ على نظام الذاكرة لدينا لإحساس بالثبات النفسي.
لماذا نشعر بأن الوقت يمر أسرع مع التقدم في السن
إدراك الوقت ليس مجرد ساعات وتقاويم، بل هو أمر نفسي عميق. مع تقدمنا في العمر، تقلّ الأحداث التي تبدو جديدة أو مؤثرة عاطفيًا، مما يؤدي إلى تكوّن آثار ذاكرة فريدة أقل. ونتيجةً لذلك، يضغط الدماغ فترات طويلة من التجارب المتشابهة في ذكريات أشبه بجوهر الموضوع، مما يُسرّع مرور الوقت (درايسما، ٢٠٠٤؛ ويلز وموريسون، ٢٠١٤).
على النقيض من ذلك، يرى الأطفال الصغار الوقتَ امتدادًا. تستوعب أدمغتهم أنماطًا وتفاعلات اجتماعية وتجارب حسية جديدة. أما البالغون، وخاصةً أولئك الذين يغرقون في الروتين، فيكوّنون ذكريات "المرة الأولى" أقل. هذا يُضعف العلامات المعرفية المستخدمة للدلالة على مرور الوقت، مما يؤدي إلى الشعور بأن السنوات تمر بسرعة.
يشير روبرتسون (2002) إلى أن الأهمية العاطفية والتفاعل يلعبان دورًا في تكوين الذاكرة. ويتماشى هذا مع التقارير التي تفيد بأن حتى كبار السن يمكنهم "إبطاء الزمن" من خلال المشاركة النشطة في أنشطة جديدة، أو السفر، أو تعلم مهارات جديدة. تُنشئ هذه الأنشطة طوابع زمنية ذهنية أكثر ثراءً، مما يُطيل المدة المُدركة لمراحل الحياة.
خاتمة
إن "عدم شعورك بعمرك" لا يكمن في الإنكار، بل في علم الأعصاب. دماغك، المصمم لضغط تجاربك وتجريدها وإعادة بنائها، يتعامل مع الذكريات الحديثة بشكل متشابه عبر العصور. هذا يخلق وهمًا بالتجانس الزمني، حيث تشعر أن خمس سنوات مضت، سواءً كنتَ حديث التخرج من الجامعة أو على وشك التقاعد . وبينما يمضي الوقت بموضوعية، فإن سردك الداخلي - الذي تصوغه الذاكرة الانتقائية والضغط العرضي - يتبع قواعده الخاصة.

سام جولدشتاين، حاصل على درجة الدكتوراه، هو عضو هيئة تدريس مساعد في كلية الطب بجامعة يوتا والمؤلف المشارك لكتاب " المثابرة عند الأطفال".

مراجع
Draaisma, D. (2004). Why life speeds up as you age: How memory shapes our past. Cambridge University Press.

Hogue, D. A. (2009). Remembering the future, imagining the past: Story, ritual, and the human brain. Wipf and Stock Publishers.

Robertson, L. T. (2002). Memory and the brain. Journal of Dental Education, 66(1), 30-42.

Schacter, D. L., & Addis, D. R. (2007). The cognitive neuroscience of constructive memory: Remembering the past and imagining the future. Philosophical Transactions of the Royal Society B: Biological Sciences, 362(1481), 773-786.

Wells, C., & Morrison, C. M. (2014). Adult recollections of childhood memories: What details can be recalled? The Quarterly Journal of Experimental Psychology, 67(7), 1249–1261.


المصدر
https://www.psychologytoday.com/us/blog/common-sense-science/202504/timeless-minds



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل لدينا وقت للمتعة بعد الآن؟
- لماذا يجب أن يكون الحب دليلنا في عصر الذكاء الفائق
- الرفاهية والعلم والروحانية
- طول العمر وقصره
- لماذا عدم القيام بأي شيء هو بذاته شيء جيد لنفسك
- قمتان، شطرتا الغرب إلى ضفتين
- عندما يخطئ الدماغ في السمع
- حكايات سورية-1 ابن قنوات وابن عطيل
- حكايات سورية -3 سنبكي إن أمطرت وإن لم تمطر
- حكايات سورية-2 أثقل الأشياء وأخفها
- البحث الأمل في الأوقات العصيبة
- أسرار الشيخوخة السعيدة
- أصول الحب
- سحر التعلم من التجارب
- كاتولوس 64 تم إكتشافها
- كاتولوس 64
- اضطهاد الأقليات السورية يُهدد مستقبل تخفيف العقوبات
- غزة - المرحلة الثانية: فرز السيناريوهات السياسية والأمنية
- الشيخوخة والاكتئاب
- العمر الحقيقي شعور وليس سنوات


المزيد.....




- لماذا لا تقيم قطر علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل؟ الأنصار ...
- الشيخ موفق طريف في بلا قيود: للأسف لا توجد نوايا حسنة حتى ا ...
- اُتهمت بسرقة التبرعات.. مؤثرة فلسطينية تواجه انتقادات بعد مغ ...
- إسبانيا وإسرائيل..تحالفات تتصدع ومصالح تتشابك بسبب حرب غزة
- -ما وراء الخبر- يتناول رفض مجلس الأمن تمديد رفع العقوبات عن ...
- مالي تلجأ إلى محكمة العدل الدولية والجزائر ترد
- مباحثات -مثمرة- بين ترامب والرئيس الصيني
- كيف تحل الخلافات بين الأطفال على طريقة -ميمامورو- اليابانية؟ ...
- ماذا بعد رفض تمديد رفع العقوبات عن إيران؟ محللون يجيبون
- نازحو غزة على شاطئ الموت.. بين البحر وقسوة الحرب


المزيد.....

- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - عقول خالدة