أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس موسى الكعبي - علم الآثار الرافديني وأدب الرحلات: علاقات متحوِّلة (8)














المزيد.....

علم الآثار الرافديني وأدب الرحلات: علاقات متحوِّلة (8)


عباس موسى الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 8474 - 2025 / 9 / 23 - 20:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


استشراف المستقبل

لقد بدأت السنوات العشرون الماضية في إرساء أسس نظرية وعملية متينة لدراسة أدب الرحلات في سياقٍ أثري. قد يساعدنا هذا في نهاية المطاف على إعادة تقييم الوضع الذي برز خلال القرنين التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ويحثنا على إعادة النظر في جملةٍ من المسلَّمات التأريخية المتعلّقة بمكانتنا كباحثين، وبأصول وتطور حقلنا العلمي. ومع إعادة الكشف عن كتابات وإنجازات الرحّالة منذ فترة ما بعد العصور الوسطى، بدأت تتضح صورة أشمل عن الجذور الأولى لتخصصنا. وقد ألقى البحث، خلال العقد الماضي بالفعل، ضوءاً جديداً على العلاقات الأكثر تعقيداً بين الرحلات والعلوم في هذه المنطقة من العالم. كما أخذ التركيز الأساسي على الرحّالة الفرنسيين والإنجليز والألمان في بلاد ما بين النهرين يتّسع تدريجياً ليشمل أمماً أخرى أقل شهرة من منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط. ومع ذلك، فإن علماء الآثار المتخصصين ببلاد الرافدين، بل وبالشرق الأدنى عموماً، ممن يهتمون برحلات العصر الحديث المبكر، ما زالوا يواجهون عقبات محددة ينبغي التنبه إليها. وفي خاتمة هذه الدراسة، سيكون من المفيد التوقف عند أبرز العناصر التي ينبغي مراعاتها بوصفها إرشاداتٍ للبحوث المستقبلية. وتتمثل العقبتان الأوليتان في استمرار الفجوة بين البحث النصي وغير النصي، والمتجسدة في الفصل بين البحث التاريخي والبحث الأثاري، وتجاهل الإطار الزمني العثماني المرتبط بذلك.
صحيح أن علم الآثار وتاريخ الشرق الأدنى متداخلان إلى حدٍّ بعيد، وأن التعاون بينهما كثيراً ما أثمر عن نتائج إيجابية، ولا سيما فيما يخص الفترات السابقة للإسلام، غير أن التمايز بين التخصصين لا يزال قائماً بقوة حينما يتعلق الأمر بالفترة العثمانية. وقد لوحظ بالفعل أن البحث الأثري لهذه الحقبة ما زال محدوداً، فمعظم الدراسات يقوم بها مؤرخون ولغويون. ويبرز علم آثار المشاهد الطبيعية بوصفه استثناءً هامشيًا، كما أُشير سابقاً، غير أن الثنائية بين هذين النمطين من البحث ما تزال راسخة تمامًا. فقد تجلى ذلك في أحد أهم المراجع الشاملة في العقد الماضي: كتاب توني ولكنسون " المشاهد الطبيعية الأثرية في الشرق الأدنى" (توسون، 2003). فهذا العمل الموسوعي قدّم صورةً بحثيةً شاملةً عن مختلف الجوانب المنهجية والعملية والمفاهيمية لعلم آثار المشاهد الطبيعية في الشرق الأدنى. وفيه، يدعو ولكنسون صراحة إلى دمج المنهجيات التاريخية والثقافية والإجرائية وما بعد الإجرائية، ويرى أن "علم آثار المشاهد الطبيعية" الناتج، هو أكثر بكثير من مجرد إعادة البناء المادية الملموسة، ليشمل أيضاً، من وجهة نظره، الظواهر الثقافية وتعقيدات الدراسات البيئية. كما يُقرّ ولكنسون بالقيمة الكبيرة لإدراج المدونات التاريخية ضمن أبحاث العصور الوسطى وما بعدها، مستشهداً بعدد من الدراسات التخصصية التي جعلت من البحث النصي، لا سيما في الفترات السابقة، عنصراً أساسياً. غير أنه، عند عرضه للمصادر التي ينبغي دمجها في علم آثار المشاهد الطبيعية، اكتفى بذكر الأشكال البيانية الأكثر دقة: الخرائط الحديثة، الصور الجوية، صور الأقمار الصناعية، المسوحات والتنقيبات الأثرية، المعلومات الجيولوجية العلمية بمختلف أنواعها، والدراسات البيئية المطبقة على اللقى الاثرية. ومن الواضح أن المواد التاريخية لا تزال تُفهم على أنها مختلفة تمامًا حتى عن الدراسات الأثرية متعددة التخصصات. وفي هذا السياق، ليس مستغربًا أن لم يُنجَز بعدُ عمل أساسي يجمع بين أدب الحقبة العثمانية ودراسة المشاهد الطبيعية الرافدينية، على الرغم من أنّ الأخيرة قد ازدهرت لأكثر من نصف قرن.
أما العقبة الثالثة التي ينبغي التطرق إليها فهي استمرار التركيز على تاريخ التخصص من خلال "الأسماء الكبرى". فرغم أن القاموس المرجعي الذي تم صياغته في أوائل القرن العشرين بدأ يتوسع تدريجياً، إلا أن روايات الرحّالة الأقل شهرة لم تُدمج بعد بصورةٍ منهجية في الدراسات التخصصية الشاملة أو في الأبحاث الآثرية (المشاهد الطبيعية). فما زلنا بعيدين عن المرحلة التي تصبح فيها الأسماء الأقل شهرة معروفة على المستوى الأكاديمي، وعن المرحلة التي يتم فيها إدماجهم بشكل أوسع. ويتجلّى هذا المنظور الفرداني مثلاً في العديد من المحاضرات التي قُدمت ضمن جلسات "تاريخ ومنهج البحث الأثري" في المؤتمر الدولي الخامس لعلم آثار الشرق الأدنى القديم (مدريد، 2006). ومع ذلك، فإن أعمال إنفرنيتسي، كوردوبا، بيريث ديي، وأعمالي أنا أيضاً، قد تكون مؤشراً على أن السنوات المقبلة قد تشهد نشوء مرجعية جديدة أكثر شمولاً، تتجاوز "السرديات الكبرى" لتضعها في المكان المناسب لتطور أنساق المعرفة. وآمل أن يُسهم البحث المستمر في سد الفجوة بين الدراسات التاريخية والأثرية في هذا الحقل الفرعي تحديدًا، بحيث يُسهّل على عالم الآثار دراسة المدونات المنشورة والأرشيفية للاستكشافات المبكرة بتفصيل أكبر، ويدفع المؤرخين والجغرافيين التاريخيين إلى التركيز بشغف أكبر على منطقة بلاد ما بين النهرين السفلى.
وتتمثل العقبة الرابعة والأخيرة التي ينبغي تجاوزها، في التركيز المستمر على القرن التاسع عشر. فما زالت التنقيبات والاكتشافات الملموسة في تلك الفترة تُعتبر ذات قيمة أكبر من مجرد الانفتاح الفكري والعملي للمنطقة على الدراسات الأوروبية. وببساطة، لم يُنظر إلى الرحالة الأوائل بعدُ بشكل كامل على أنهم علماء آثار أوائل، وبالتالي تم تجاهلهم في جميع الدراسات باستثناء عدد قليل منها. كما هو الحال مع توسع نطاق المواد المدروسة، ليشمل أسماء جديدة، يبدو من المرجح أن التوسع الزمني سيصبح في نهاية المطاف أمرًا لا مفر منه، مع ابتعاد التاريخ التخصصي عن التركيز الحصري على الإنجازات الكبرى الأولى ذات الصلة بآثار بلاد ما بين النهرين. ومن اللافت أن توسع البحث في الفترات السابقة قد جرى، في الغالب، على يد باحثين ينتمون إلى دول لم تكن منخرطة في عصر الاستكشاف الذي سيطرت عليه بريطانيا وفرنسا، ثم لاحقاً ألمانيا.

يتبع..



#عباس_موسى_الكعبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علم الآثار الرافديني وأدب الرحلات: علاقات متحوِّلة (7)
- علم الآثار الرافديني وأدب الرحلات: علاقات متحوِّلة (6)
- علم الآثار الرافديني وأدب الرحلات: علاقات متحوِّلة (5)
- علم الآثار الرافديني وأدب الرحلات: علاقات متحوِّلة (4)
- علم الآثار الرافديني وأدب الرحلات: علاقات متحوِّلة (3)
- علم الآثار الرافديني وأدب الرحلات: علاقات متحوِّلة (2)
- علم الآثار الرافديني وأدب الرحلات: علاقات متحوِّلة
- ما أشبه اليوم بالبارحة
- وين شايفك؟
- هل سمعت بالروائي خايمي بايلي ليتس
- مع قانون حظر المشروبات الروحية في العراق
- عبد الرزاق قرنح
- هذا ليس إنجازا ياهذا..
- ثورة العشرين- وجهة نظر الطرف الآخر..
- شيزوفرينيا وطن..
- حينما ينهب الماضي، يدفع الجميع الثمن
- الاكتشافات الجديدة في العراق تعيد النظر بتأريخ بلاد ما بين ا ...
- ابك ايها الغريب..
- العراق: قلب الشرق الاوسط .. ح 12
- العراق: قلب الشرق الاوسط 1925 .. ح 11


المزيد.....




- -أحبها لكنني لا أتعرف عليها حاليا-.. شاهد ما قالته أنجلينا ج ...
- أردوغان: الهجوم على قطر أظهر أن القيادة الإسرائيلية خارجة عن ...
- إعجاب مدير السي آي إيه السابق بالشرع يشعل مواقع التواصل
- كيف رد الأطباء على ادعاءات ترامب حول تناول الحوامل مسكن بارا ...
- برنامج أمريكي يعود للبث بعد إيقافه بسبب تعليقات حول مقتل ناش ...
- فيضانات إيطاليا: إنقاذ أم وطفلتها بعملية جوية
- ضغوط داخلية وخارجية.. ألمانيا و-مأزق- الاعتراف بدولة فلسطيني ...
- الضفة الغربية : احتفالات عقب اعتراف بعض الدول بدولة فلسطين ...
- إنفوغراف.. أبرز عقوبات الاحتلال الجماعية بحق فلسطينيي الضفة ...
- الإكثار من ضرب الكرة بالرأس يؤدي لتغيرات في المخ


المزيد.....

- كتّب العقائد فى العصر الأموى / رحيم فرحان صدام
- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس موسى الكعبي - علم الآثار الرافديني وأدب الرحلات: علاقات متحوِّلة (8)