أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - قمة -شنغهاي- والاستعراض الجيوسياسي: هل ينكسر احتكار الغرب للقرار الدولي؟














المزيد.....

قمة -شنغهاي- والاستعراض الجيوسياسي: هل ينكسر احتكار الغرب للقرار الدولي؟


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8474 - 2025 / 9 / 23 - 18:36
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يُعدّ النظام الدولي الراهن في مرحلة مفصلية، حيث تتقاطع فيه ديناميكيات التنافس بين القوى العظمى مع محاولات دولية لتشكيل ترتيبات جديدة تتجاوز الهيمنة الغربية التي تكرّست منذ مطلع القرن العشرين.
وفي هذا السياق، شكّل الاجتماع الثلاثي في بكين بين الرئيس الصيني "شي جينبينغ"، ونظيره الروسي "فلاديمير بوتين"، والزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ أون"، إلى جانب قمة منظمة شنغهاي للتعاون، حدثاً سياسياً واستراتيجياً لافتاً، عكس توجهاً متصاعداً نحو تعددية قطبية ناشئة تقف في مواجهة الأحادية الأميركية.
منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، تبنت الولايات المتحدة سياسة تقوم على تكريس موقعها كقوة أحادية مهيمنة على النظام الدولي، وقد تجسّد ذلك في توسع حلف شمال الأطلسي، والتدخلات العسكرية المباشرة في مناطق عدة، من البلقان إلى الشرق الأوسط.
إلا أنّ العقدين الأخيرين أظهرا حدود هذه الهيمنة، خاصة بعد فشل التجارب الأميركية في العراق وأفغانستان، وتصاعد القوة الاقتصادية والتكنولوجية للصين، وعودة روسيا إلى المسرح الدولي عبر سياسات تدخلية في جورجيا وسورية وأوكرانيا.
إلى جانب ذلك، أسهمت التحديات العابرة للحدود، مثل الأزمات الاقتصادية والمالية، والتغير المناخي، والجائحة العالمية، في كشف ضعف قدرة القوة الأحادية على فرض حلول شاملة، ومن هنا برزت الحاجة إلى إعادة توزيع مراكز الثقل الدولي، بما يتيح مجالاً أكبر لصعود قوى آسيوية ونامية.
لم يكن اللقاء الذي جمع قادة الصين وروسيا وكوريا الشمالية حدثاً بروتوكولياً عادياً، بل حمل أبعاداً استراتيجية تتجاوز الرمزية، فإلى جانب الاستعراض العسكري الذي عرضت فيه بكين أسلحة نوعية، بينها "الثالوث النووي"، جاءت القمة كرسالة واضحة للولايات المتحدة وحلفائها بأن التحالفات البديلة لم تعد مجرد فكرة، بل باتت واقعاً سياسياً وعسكرياً في طور التبلور.
قمة "شنغهاي للتعاون"، التي ضمت نحو عشرين رئيس دولة، عكست أيضاً انتقال المنظمة من كونها إطاراً إقليمياً للتنسيق الأمني والاقتصادي، إلى منصة أوسع تُظهر تماسكاً آسيوياً في مواجهة الضغوط الغربية. ومن ثمّ، يمكن اعتبار أن ظهور "بوتين وكيم" إلى جانب "شي" في بكين، يعكس محاولة لبلورة جبهة آسيوية – أوراسية قادرة على موازنة النفوذ الغربي.
وقد أثار الاجتماع الثلاثي استياءً واضحاً لدى الولايات المتحدة وأوروبا، فقد وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب القمة بـ"المؤامرة"، في إشارة إلى إدراكه بأن التحركات الصينية – الروسية – الكورية لا تستهدف مجرد إبراز رمزية مضادة، بل تسعى لتقويض أسس الهيمنة الأميركية.
تجد واشنطن نفسها اليوم أمام معضلة مزدوجة: من جهة، الانخراط العميق في الحرب الأوكرانية وما تفرضه من استنزاف سياسي وعسكري واقتصادي؛ ومن جهة أخرى، التحدي الصيني المتنامي في المجالات التكنولوجية والعسكرية والبحرية، والذي يتقاطع مع ملفات شائكة مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي. هذا فضلاً عن أن قدرة الولايات المتحدة على إدارة شبكة تحالفاتها التقليدية (الناتو، اليابان، كوريا الجنوبية) تواجه ضغوطاً متزايدة نتيجة اهتزاز الثقة في القيادة الأميركية.
ولم يقتصر الانزعاج من مخرجات قمة شنغهاي والاجتماع الثلاثي على واشنطن، بل امتد إلى أوروبا التي وصفت الاجتماع بأنه "تحدٍ مباشر للنظام القائم على القواعد"! فقد أعربت مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية "كايا كالاس" عن قلقها من وقوف "شي" إلى جانب قادة روسيا وإيران وكوريا الشمالية في مشهد يعكس، بحسب تعبيرها، "سلوكاً غير مسؤول"!
وعليه، فإن القارة العجوز تبدو رهينة للموقف الأميركي أكثر مما هي قادرة على صياغة استراتيجية خاصة بها في هذا الصراع الجيوسياسي.
في ضوء هذه التحولات، يمكن استشراف عدة سيناريوهات:
1. ترسخ التعددية القطبية: بحيث تشهد الساحة الدولية مزيجاً من القوى الكبرى (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، الهند، الاتحاد الأوروبي) تتقاسم النفوذ في مجالات مختلفة، بما يقلل من فرص الانفراد بالقرار الدولي.
2. ثنائية أميركية–صينية: قد تتكرّس إذا تمكنت بكين من فرض نفسها كمنافس أوحد للولايات المتحدة، مع تراجع الدور الروسي نتيجة الاستنزاف في أوكرانيا.
3. فوضى دولية: إذا فشلت القوى الكبرى في إدارة التنافس وضبط التفاعلات الإقليمية، فقد ينشأ نظام عالمي غير مستقر قائم على الصراعات المفتوحة والتحالفات المتغيرة.
تشير المؤشرات الراهنة إلى أن النظام الأحادي القطبية الذي تزعّمته الولايات المتحدة منذ مطلع التسعينيات يواجه تحديات بنيوية عميقة، فالتحالفات الآسيوية الجديدة، بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية، تمثل نقلة نوعية في إعادة صياغة موازين القوى، وسياسة الإدارة الأمريكية الحالية ساهمت في انضمام الهند وإيران الى هذا التحالف، ما يعززّ من مكانته العالمية، الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية، ومع أن واشنطن ما تزال تحتفظ بتفوق اقتصادي وعسكري واسع، إلا أن قدرتها على فرض هيمنتها دون منازع تتراجع تدريجياً.
يمكن القول إننا لسنا أمام انهيار فوري للأحادية الأميركية، بل أمام مسار تاريخي طويل الأمد نحو عالم متعدد الأقطاب، تتقدم فيه آسيا لتستعيد مكانتها كمركز فاعل في إدارة النظام الدولي.
ويبقى السؤال المفتوح: هل ستنجح القوى الصاعدة في صياغة نظام أكثر عدلاً وتوازناً، أم سنشهد إعادة إنتاج صراعات كبرى بوجوه قديمة- جديدة؟



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبنان و-سلاح- حزب الله: بين معادلات الداخل ووصاية الخارج
- أمريكا -السنية والشيعية-: كيف حوّلت الطائفية إلى استراتيجية ...
- الأردن في مواجهة المشروع الصهيوني وخيارات التحدّي الوجودي
- ما بعد -مؤتمر نيويورك-: هل تتجه فلسطين نحو الدولة أم نحو الع ...
- -عقدة الثمانين- .. بين سرديّة الاعتراف وسرديّة الوجود!
- الصندوق الأسود العربي: محاولة لفهم لحظة السقوط
- -غزة- في مرآة الخذلان العربي
- الأمّةُ في زمن الانكسار: كيف نبني مستقبلاً يستحق الحياة؟
- ما بعد الدولة -المُتألّهة-: سرديّة المقدّس في عصر الحداثة!
- في قبضة المجانين: العالم بين انهيار القيم والشرعية وغطرسة ال ...
- الدولة المارقة: -إسرائيل- وإعادة إنتاج النازية بالصهيونية!
- -المسألة اليهودية- .. لم تُحل!
- استراتيجيا الإنهاك والإنهاء: عندما تتحول السياسة إلى فيلم
- قوس السقوط الحضاري: -القوّة العمياء- في مواجهة حتميّة مع مرآ ...
- -نُخب القيادة- وجدليّة التغيير في الوعي العربي
- -قرن الإهانة العربي-: لماذا نهضت الصين ولم ينهض العرب؟!
- -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!
- حين دمّرت بريطانيا الشرق: الوجه الآخر لحضارة العنصريّة!
- -التديّن الإمبريالي-: حين تُصبح الحروب مقدّسة!
- حين تحدث الفلاسفة بالعربية: أثر الإسلام في الفلسفة الغربية


المزيد.....




- سوريا: حمص تنفي فصل الجنسين في المدارس.. وتغيرات بالمناهج تُ ...
- بري يرد على واشنطن: الجيش اللبناني لن يكون حرس حدود لإسرائيل ...
- عشرات الشهداء بغزة والاحتلال يقصف محطة أكسجين مستشفى القدس
- غضب في لبنان من تصريحات المبعوث الأميركي
- نائب أميركي يحذر من خطر -سوء تفاهم- عسكري مع الصين
- مساع أميركية لتجديد الوساطة القطرية بشأن غزة
- ترامب يبدأ اجتماعا مع قادة عرب ومسلمين بشأن غزة
- أين وصلت توغلات الجيش الإسرائيلي بمدينة غزة؟
- ماكرون: منح ترامب نوبل السلام ممكن في حالة واحدة فقط
- ملك الأردن: خطاب إسرائيل حول الأقصى سيُشعل حربًا دينية تتجاو ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - قمة -شنغهاي- والاستعراض الجيوسياسي: هل ينكسر احتكار الغرب للقرار الدولي؟