صالح مهدي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 8473 - 2025 / 9 / 22 - 21:29
المحور:
الادب والفن
هناك، في الزوايا التي لا يعرفها أحد، تجلس الأرصفة على أطراف الزمن، تتنفس أشياءً لم يولد لها اسم بعد.
الأشجار تصرخ بصمتها، والهواء يبتلع خطوات العابرين كما يبتلع البحر أصوات القمر.
أنا أمشي بين أحلامي المتناثرة كأوراق الخريف، أبحث عن مكان لا يقرأه الواقع، عن صرحٍ لا يعرفه الوعي.
في تلك الحدائق المعلقة فوق الهاوية، أرى ضحكاتٍ تتسلل من بين جذوع الأشجار، تتساءل عن وجودها قبل أن تولد.
الزهور تكتب قصائدها على الماء، والطيور تعكس صمتها على وجه السماء.
كل شيء هنا، وكل شيء ليس هنا، والزمن ينسل بين أصابعي كحبرٍ يرفض التجفيف.
أحيانًا ألتقي هناك بذاتي، لكن لا أعرف أيُّنا أنا، وأيُّنا ذاك الآخر الذي يهمس في صمت الهواء.
المدينة نائمة تحت وشاحٍ من غبار النسيان، وأنا أركض في طرقاتٍ لا تقود إلا إلى أسئلة لم تُسأل بعد.
في أماكن للتنزه هذه، أتعلم أن السعادة لا تمشي على الأرض، بل تطير على حواف الحلم،
وأن الوحدة ليست غياب الآخرين، بل غياب القدرة على إدراك نفسك حين تتلاشى في فراغ الأشياء.
هنا، كل شيء مبهم، وكل شيء مسموح، وكل شيء يعيدك إلى نفسك دون خرائط ولا علامات.
أجلس على مقعدٍ بلا ظل، وأراقب كيف تتشقق اللحظة، وكيف تتسرب الحياة إلى حافة اللاوعي.
هنا، حيث تتنزه الأرواح قبل أن تعرف الطريق، أتعلم أن المشي وحده يكفي،
وأن أماكن التنزه الحقيقية ليست في الخرائط، بل في فراغ الذاكرة التي تحلم بأن تصبح حياة.
#صالح_مهدي_محمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟