صالح مهدي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 8463 - 2025 / 9 / 12 - 23:16
المحور:
الادب والفن
لم تتركني،
بل تركتَ شكلَكَ يتوزّعُ في الهواء،
يتسلّلُ إلى مقعدٍ فارغ،
وإلى بابٍ لا يُفتحُ إلّا على الصدى.
كنتَ جسرًا من صمت،
تمشي فوقهُ العائلةُ بحذر،
ولا تسقطُ إلّا دمعةٌ خفيّةٌ
تتشبّثُ بيدها قبل أن تراها العيون.
أبي،
لم أعرف أنّك كنتَ تُذيبُ جسدك
في نارِ الزمن ببطء،
تتركُ أطيافك تتسرّب
من بين الأيّام كندى يتلاشى مع الصباح.
في غيابك،
تعلّمتُ أن الكرسيّ لا يجلسُ عليه أحد،
أنّ الجدار لا يُسندُ كتفهُ إلّا مرّةً واحدة،
وأنّ الهواءَ يُخبّئُ ملامحك
أكثرَ من الصور.
كيف أرثيك،
وأنتَ تُطلّ عليّ كلّ ليلة
من حنجرة المصباح،
من رجفة النوافذ،
من الخطوةِ التي تتردّدُ في السلالم؟
أكتبُ اسمك
فأسمعُ ارتطامَهُ في قلبي
كحجرٍ يسقطُ في بئرٍ بلا ماء.
أبي،
كنتَ الطريقَ الذي لا يُسافر،
واليدَ التي لا تُفلت،
والموتُ الآن يعلّمني
كيف يكتبُ غيابك
بأحرفٍ لا تمحوها
كلُّ دفاتر الأرض.
#صالح_مهدي_محمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟