صالح مهدي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 8425 - 2025 / 8 / 5 - 08:16
المحور:
الادب والفن
ـ 1 ـ
أَسيرُ داخلَ الغرفة،
كَأنّني أَسيرُ داخلي.
كلُّ زاويةٍ تسعلُ ذِكرى،
وكلُّ رُكنٍ يحملُ جُملةً.
الغبارُ لا يتراكم،
هو فقط يُذكّرني.
ـ 2 ـ
في الزاويةِ الرابعة،
كان الظلُّ جالسًا.
ليس ظِلَّك،
ولا ظِلّي،
ظِلٌّ آخر...
يتكلّمُ بلغةٍ لم أسمعها من قبل،
لغةٍ تجرحُ دون أن تلمس.
حينَ حاولتُ أن أفهمه،
ارتدّ صوتُه في صدري
كألمٍ لا يملكُ جهةً محدّدة.
ـ 3 ـ
المرآةُ؟
لم تكن مرآةً.
كانت صدعًا في الجدار،
يكشفُ ما لم يحدُث بعد.
كلّما اقتربتُ منها،
شاهدتُني...
في هيئةٍ لم أعِشْها بعد،
أصغرَ، أهدأ،
ومُنهَكًا من انتظارٍ
لا أعرِفُ بدايتَه.
ـ 4 ـ
لم أذكرْهُ بالاسم،
ولا كتبته في دفتر،
ولا قلتُه بصوتٍ عالٍ.
لكنَّ كلَّ التفاصيلِ تعرفه،
كأنّ الأشياءَ لا تنسى،
حتّى لو حاولَ
ذلك الكرسيُّ،
الذي لا يُرفَعُ من مكانه،
ولم يجلِسْ عليه أحدٌ
منذُ قرّر أن لا يعود.
ـ 5 ـ
على الطاولةِ،
كوبُ الماءِ
الذي لا يَبرُد،
يَمتلئُ بغيابِه
دون أن يُسكَبَ فيه شيء.
ـ 6 ـ
حينَ فتحتُ الخزانة،
لم أجدْ ثيابًا،
وجدتُ روائحَ.
روائحَ لا تُحكى،
بل تتسلّلُ مثلَ أصابعِ الندمِ
إلى أماكنَ لا تطالُها اليد.
ـ 7 ـ
ليس الغيابُ ما يُؤلِم،
بل المساحةُ التي يتركها
على هيئةِ "احتمال":
أن يدخلَ الآن...
أن يسمعَني فجأة...
أن يكونَ في الغرفةِ المجاورة،
يتهيّأ ليقولَ كلمة...
هذا ما يجعلُني أفتحُ الباب
مرّاتٍ كثيرة،
لا لأراه،
بل لأُكذِّبَ الفقد.
ـ 8 ـ
الغِيابُ ليس حدثًا،
إنّه طقسٌ يوميٌّ.
يقفُ معنا في طابورِ الانتظار،
ويجلسُ على المقعدِ الخلفيّ في الحافلة،
ويقولُ عنّا شيئًا لا نعرفُ ما هو...
إلّا حينَ نَنظرُ إلى الخلف،
ونكتشفَ أنّنا أَخفُّ من أنفسِنا.
#صالح_مهدي_محمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟