أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح مهدي محمد - احلام المدن














المزيد.....

احلام المدن


صالح مهدي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8443 - 2025 / 8 / 23 - 09:21
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة أحلام المدن

الليلُ مساحةٌ من حبرٍ يتّسع كلما أُطفئت الأضواء، يتسلّل من النوافذ ويجلس على أكتاف البيوت، ويغيّر شكل الأزقّة حتى تبدو كمتاهاتٍ لم تُرسم من قبل. يجعل الأشياء تُبطئ حركتها كي تُصغي إلى ما لا يُسمع، وتبدأ الأصوات في التحوّل إلى أشكال.

همسُ الأوراق يتحوّل إلى دوائر من ضوءٍ باهت، وخطواتُ المارّة تصبح خطوطًا طويلة تمتدّ إلى آخر الشارع. وفي ذلك الاتّساع يتداخل صوت الليل مع الحُلم:
– أما زلتَ تظنّ أنّ المدن تصدّقكَ حين تعدّها بأبوابٍ لا وجود لها؟

يردّ الحلم بصوتٍ شفاف:
– المدن لا تبحث عن الأبواب، بل عن المفاتيح... وما يُفتح في الداخل أوسع مما يُفتح في الخارج.

تتنهّد المدينة وتقول بصوتٍ متردّد:
– كفاكما جدالًا... أنا التي أعيش بينكما. كلّما طال ليلُك يا ظلام، أثقلتُ بالشهوات المؤجّلة، وكلّما توغّل حُلمُك يا وهم، امتلأتُ بالطرقات التي لا تصل إلى أحد.

فيجيبها الحلم:
– أنتِ مرآتي... كلّ ما لا أستطيع أن أكونه تتحوّلين أنتِ إليه. أنفخ فيكِ صورًا فتعودين لتمطر حجارةً أو زهورًا.

ويتمتم الليل كمن يبحث عن اعتراف:
– وأين مكاني فيكما؟
فيردّ الحلم:
– أنت البداية التي لا تنتهي، والخاتمة التي لا تُكتب. بدونك لن يراني أحد، وبدوني لن يذكرك أحد.

ترتجف المدينة بخوفٍ طفولي وتسأل:
– وهل سيبقى شيءٌ مني في الفجر؟
فيصمت الحُلم طويلًا، ثم يقول:
– يبقى ما يشبه أثر العطر... شيءٌ لا يُمسك، لكنه يلاحقكِ إلى أن تنسي أنكِ استنشقتِه يومًا.

وحين يتقاطع ظلّ الليل، وهو ينكمش في الأفق، مع ظلّ الحُلم، وهو يذوب في الضوء، يبقى السؤال معلّقًا في هواء الفجر: من منهما غادر أولًا؟



#صالح_مهدي_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الصدى
- رائحة المطر
- وجهك ملامح روحي
- ثلاثية
- انعطاف السير
- شظايا الهواء
- صمت يكتبنا
- إيحاءات السرد والرمزية
- وصايا الغيم للبحر
- كَأنّكَ نسيتَ أن ترحل
- طفولة
- رسائل مشفرة
- نص _ أعدك
- البحر والليل
- بقايا على الرصيف
- أنفاس الليل
- ممرٌّ إلى العتمة
- ظل العطر، ظل الذاكرة
- إيجاز العنونة واقتضاب الحدث السردي
- قصة دهشة .. موضوعة معاناة برهافة الحس


المزيد.....




- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني
- المخرج طارق صالح - حبّ مصر الذي تحوّل إلى سينما بثمن باهظ
- -إنّما يُجنى الهدى من صُحبة الخِلّ الأمين-.. الصداقة الافترا ...
- مؤسس -هاغينغ فيس-: نحن في فقاعة النماذج اللغوية لا الذكاء ال ...
- مسرحية -عيشة ومش عيشة-: قراءة أنثروبولوجية في اليومي الاجتما ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح مهدي محمد - احلام المدن