أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - داود السلمان - في العاشرة: كانت تحلم بلعبة فوجدت نفسها زوجة!














المزيد.....

في العاشرة: كانت تحلم بلعبة فوجدت نفسها زوجة!


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8471 - 2025 / 9 / 20 - 23:44
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


زواج طفلة وهي في العاشرة من عمرها هو اغتصاب للبراءة وقتل للأحلام. وهذا فقط يحدث في أمتنا الاسلامية؛ والسؤال: كيف لطفلة بالكاد تفهم الحياة أن تتحمل مسؤولية أسرة وزوج؟، كيف يُتوقع منها أن تُنجب وتُربي وهي لم تنضج بعد؟؛ هذه الممارسات تؤدي إلى مشكلات صحية ونفسية خطيرة، حيث تشير الدراسات إلى أن الفتيات الصغيرات اللواتي يتزوجن في سن مبكرة أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات الحمل والولادة، وقد يفقدن حياتهن في كثير من الحالات بسبب عدم قدرة أجسادهن على تحمّل الحمل. كما أنهن يتعرضن غالبًا للعنف الأسري، ويُحرمن من استكمال تعليمهن، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة من الفقر والتبعية والجهل.
وما يزيد من فداحة الأمر هو صمت المجتمعات، العربية والاسلامية، فضلا عمن سواها، أو تواطؤها أحيانًا، أمام هذه الجريمة. بدلاً من حماية الطفولة، كثير من الأسر تدفعها إلى الزواج بحجة الستر أو الفرصة الجيدة، غير مدركة أن ما تفعله هو انتهاك صارخ للإنسانية. والقوانين في بعض الدول، وإن كانت تمنع زواج القاصرات، إلا أنها تحتوي على ثغرات قانونية تسمح بتجاوز الحد الأدنى للزواج عبر موافقة ولي الأمر أو المحكمة، مما يفتح الباب واسعًا أمام استغلال الطفلات.
الحل لا يكمن فقط في تشديد القوانين، رغم أهمية ذلك، بل في تغيير الثقافة المجتمعية - الجاهلة التي تبرر هذه الجريمة، بتبريرات واهية. يجب أن نعيد تعريف مفاهيم الشرف والكرامة والرجولة، وألا نسمح بأن تُبنى على حساب طفولة الفتيات. فالتربية الواعية، والتعليم، والحملات الإعلامية التي تفضح مخاطر هذه الممارسات، كلها أدوات ضرورية لتغيير الوعي الجمعي. كما يجب أن تتحمل الحكومات مسؤوليتها في توفير الحماية للأطفال، وتوفير بيئة آمنة تُمكن كل طفل من النمو والتطور بحرية.
في عالم يتقدم فيه العلم وتتطور فيه المجتمعات، ما يزال هناك من يمارس تقاليد قديمة تنتهك أبسط حقوق الإنسان، وتحديدًا حقوق الطفل. ومن أبرز هذه الممارسات زواج القاصرات، حيث تُجبر فتيات في عمر الزهور على دخول عالم الكبار دون تهيئة نفسية أو جسدية أو اجتماعية. أن تُزف فتاة في العاشرة من عمرها إلى رجل يكبرها بعقود، لا يعد فقط انتهاكًا صارخًا لحقوق الطفولة، بل هو أيضًا جريمة بحق الإنسانية جمعاء، تُرتكب باسم العادات والتقاليد أو حتى باسم الدين، في بعض الأحيان، حين يُساء تفسيره ويُستغل لتمرير مثل هذه الانتهاكات.
إنّ زواج الأطفال ليس مجرد مسألة اجتماعية عابرة، بل هو قضية تمس مستقبل أجيال بأكملها. الطفولة ليست مجرد مرحلة عمرية، بل هي حق أساسي يجب أن يتمتع به كل طفل، وهي الفترة التي يجب أن ينمو فيها الطفل بأمان، ويتعلم، ويلعب، ويكتشف العالم من حوله دون أن يُلقى على كاهله عبء المسؤوليات التي لا يستطيع تحمّلها. عندما تُجبر فتاة صغيرة على الزواج، فإنها تُنتزع من طفولتها انتزاعًا، وتُحرم من حقها في التعليم، وفي النمو الطبيعي، وفي العيش بحرية وكرامة.
إن المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسف، تؤكد بشكل واضح أن زواج القاصرات هو انتهاك لحقوق الإنسان، وتُصنفه كأحد أشكال العنف ضد الأطفال. اتفاقية حقوق الطفل، التي وقّعت عليها معظم دول العالم، تنص على حماية الأطفال من جميع أشكال الاستغلال، وتكفل لهم الحق في التعليم والصحة والنمو السليم. ومع ذلك، ما تزال هناك مجتمعات، في الشرق والغرب، تسمح بتزويج الفتيات القاصرات، بل وتعتبره أمرًا طبيعيًا ومقبولًا اجتماعيًا. وكثير من هذه المجتمعات تبرر هذه الممارسات بذرائع مثل "الخوف على شرف الفتاة" أو "الظروف الاقتصادية"، وكأن جسد الفتاة هو وسيلة لحل الأزمات، لا كيان مستقل له الحق في العيش بحرية وكرامة.
وفي النهاية نقول:إن الطفلة التي تُزف وهي في العاشرة من عمرها، ليست فقط ضحية لزواج مبكر، بل هي ضحية لمجتمع خذلها، وقانون لم يحصّنها، وأسرة لم تفهم مسؤوليتها. لا يمكن أن نرفع شعارات حقوق الإنسان وحقوق الطفل، ونحن نسمح بحدوث مثل هذه الانتهاكات في وضح النهار. الطفولة ليست مرحلة مؤقتة، بل هي الأساس الذي يُبنى عليه مستقبل الأفراد والمجتمعات، وحمايتها ليست خيارًا، بل واجب لا يقبل التهاون.
هذه رسالتي الى المنظمة العالمية اليونسيف، اتمنى قد وصلت.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (المدعو) لخضير فليح الزيدي: الهوية كعبء وجودي
- دور رجال اللاهوت في تسطيع العقل وصناعة الجهل*
- دلالة الزمن في السرد
- المثقف المقولب: السلطة بصوت ناعم(36)
- المثقف في مواجهة القوالب الأيديولوجية(35)
- النماذج الفكرية كيف تؤثر على المثقف(34)
- المثقف المقولب: فقدان الاصالة أم اكتساب القوة؟(33)
- نبيّ الخمرة ونقّاد الوهم: تفكيك قصة (دمية راقصة) للكاتب عبد ...
- تأثير التكنولوجيا على قولبة أفكار المثقف(32)
- المثقف والقيود الذاتية: هل المثقف يصنع قيوده؟(31)
- جسر على نهر الاسئلة: الشاعر طه الزرباطي
- المثقف المقولب في عصر العولمة: تحديات وآفاق(30)
- المثقف والحدود الفكرية: كيف تُرسم(29)
- القولبة الفكرية: خطر على الحوار الثقافي(28)
- المثقف كصانع قوالب أو كضحية لها؟(26)
- أوجاع غير قابلة للغفراف
- الضغوط المؤسسة على حرية المثقف(26)
- هل سيتعافى العراق بعدما حلّ به من دمار؟
- المثقف المقولب: نمطية الفكر أم تنوعه؟(25)
- تشكيل الأفكار: هل هو فعل واع أم ملقن؟(24)


المزيد.....




- قطر تطلب اعتذارا إسرائيليا لاستئناف الوساطة في صفقة الأسرى
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل مع غزة ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل مع غزة ...
- احتجاجات ضد وكالة الهجرة تتحول لمواجهات واعتقالات.. ماذا يجر ...
- عائلات الأسرى الإسرائيليين: نتنياهو قرر التضحية بأبنائنا لحم ...
- الولايات المتحدة ستنهي وضع الحماية من الترحيل للمهاجرين السو ...
- الأمين العام للأمم المتحدة: العالم يجب ألا -يخشى- ردود فعل إ ...
- الاحتلال يفرض تصاريح لدخول قرى فلسطينية ويواصل الدهم والاعتق ...
- الاحتلال يفرض تصاريح لدخول قرى فلسطينية ويواصل الدهم والاعتق ...
- من سيتحدث في الأمم المتحدة وما جدول الأعمال؟


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - داود السلمان - في العاشرة: كانت تحلم بلعبة فوجدت نفسها زوجة!