أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - مكسيم العراقي - تحليل وعلاج الانتهازية في العراق في سياق ما بعد الثورة (بحث موجز في الانتهازية العراقية)















المزيد.....



تحليل وعلاج الانتهازية في العراق في سياق ما بعد الثورة (بحث موجز في الانتهازية العراقية)


مكسيم العراقي
كاتب وباحث يؤمن بعراق واحد قوي مسالم ديمقراطي علماني بلا عفن ديني طائفي قومي

(Maxim Al-iraqi)


الحوار المتمدن-العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 15:06
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


اقوال ماثورة
-ما أقبح بالإنسان أن يكون ذا وجهين
علي بن أبي طالب
-الإيثار سيد صعب وكذلك الانتهازية.
مينيون ماكلوغلين
-انتهازية رجل قد تعد حكمة دولة عند رجل آخر.
ميلتون فريدمان
-الانتهازية هي سعي وراء المصلحة الذاتية بالمكر وغالبا ما تنطوي على أشكال دقيقة من الخداع جهود محسوبة للتضليل والتشويه والإخفاء.
أوليفر إي ويليامسون
-قد يسمي البعض أفعاله انتهازية بلا خجل لكنه سيعتبر ذلك مديحا فالانتهازي هو من يرى الفرصة ويغتنمها.
فريدريك باكمان
-نسيان وجهات النظر الجوهرية الكبرى والتخلي عن المستقبل من أجل الحاضر قد يقصد به الصدق لكنه يظل ويبقي على الانتهازية.
فريدريك إنجلز
-كل نضال حزبنا ضد أعدائه الخارجيين يجب أن يترافق مع نضال ضد الانتهازية في صفوفه الداخلية.
لينين
-طبائع الانتهازية تعتمد على التضليل.
محمد علي باشراحيل
-المبدأ عند الانتهازي سلم يصعد عليه فقط والأخلاق عنده شبكة صيد والتدين قناع يخفي خلفه ذئبا ضاريا يتربص بالشاة الضالة.
محمد المسعود
-لا تفزع فإن كانت الانتهازية صفتك وداءك الذي لا شفاء منه فأنت المقصود وإن كانت هوايتك المحببة تبديل الأقنعة وإن كنت بارع في اقتناص الفرص لتعلو بقدميك على ظهر الآخرين فأنت بكل تأكيد المقصود.
-محمد العتيبي


مقدمة
ان يصل رئيس وزراء وهو الشخص التنفيذي الاول في العراق للسلطة وقد فتحت ملفات خطيره ضده منها:
التزوير في حادثة وفاة ابيه وكونه بعثي سابق تم انقاذه من المنتفضين عام 1991 بتدخل عشائري وكون والده قد تعرض لحادث سير وتم نقله عام 1980 الى فرنسا للعلاج على نفقة الدولة! وكونه موظفا في مستوى جيد في نظام صدام وكونه قد بوق طويلا للاطار بعد خسارته انتخابات عام 2021 وتحدث ضد رفع قيمة الدولار خشية ثورة جياع! ومارس التجارة بكل المواقف والاحداث السياسية ثم طبق عكس ماصرح به قبل توليه ( راجع مقالاتي ومنها سلسلة سودانيات هادفة) والكذب المتتابع في قضايا مختلفة وثراء اخوته واتهامهم بالنهب المنظم في كل الاتجاهات!
ونخر مؤسسات الدولة وارتفاع الدين الخارجي والداخلي وجسوره وانجازاته بالدين! حسب تصريح حسين مونس في وان نيوز يوم 18 ايلول 2025 وغير ذلك من الكوارث التي احدثها ومنها حل شركات الدولة وتمليك الاراضي للمتجاوزين في تشجيع على نهب ممتلكات الدولة وتدمير الزراعة والاراضي الخضراء والغابات ومنح كل شيء للاستثمار والقروض الفرهودية التي هي ديون على العراق! والصمت على شحة المياه والقمع الممنهج والتخريب والعمالة لايران الخ من قائمة طويلة جدا!
ان ذلك وغيره يطرح الف علامة استفهام عن الطريقة التي وصل بها للسلطة وغيره من الاف او عشرات الاف من المعروفين كونهم بعثيين سابقين او ارهابيين او مرضى نفسيين وجدوا لهم مكانا مرموقا في الاحزاب الاسلامية القادمة التي تبحث عن الانصار والانتهازيين بشكل خاص وتضعهم في اعلى المناصب!
ان تلك الظاهرة هي خطيرة جدا وتلقي الضوء على طبيعة تلك الاحزاب المبتذلة التي جاءت لتهديم العراق!
من المخزي ان نعيش في عصر فيه مليون عراقي مستعد لاداء دور صدام حسين وعلي حسن المجيد ونوري المالكي وبرزاني وخميس الخنجر وشياع السوداني الخ.
ان الانتهازية والعنف والتدمير والعمالة والاجرام ظاهرة تنخر المجتمع العراقي نخرا ولابد من دراستها بعمق وتحصين اي نظام عراقي ثوري علمي قادم يحكم العراق!
ان ذلك يتم بالعلم والعمل.. بمؤسسات فاعلة وقوية ومستقلة وكفوءة تحاسب علميا وفق ارشيف مفصل يتم استحداثه لكل نشاطات الانسان قديما وحديثا لتحديد شكل ومواصفات وتوجهات اي عراقي مع مؤسسات اخرى تنشر التعليم والثقافة في المجتمع لتفادي ظهور اشخاص بتلك المواصفات مع ايقاع عقاب صارم لكل من ارتكب الانتهازية والاجرام والفساد والارهاب الان وسابقا ولاحقا وفق نظرية لاعفو عن ذنب لان العفو سيشجع الاخرين على السير بهذا الطريق وليس مستغربا ان نظام الفساد والارهاب القائم الذي نخر الدولة والقضاء والقوات المسلحة والاقتصاد لايكتفي بكل ذلك بل يلجا لقوانين العفو من اجل تشجيع التخريب والاجرام والاعتداء على الدولة وممتلكاتها والشعب!

الانتهازية والنفاق وجدا تطبيقا واسعا لهما بعد الاسلام, فقد اجبر العرب في غالبيتهم على دخول الاسلام واجبرت شعوب اخرى بقوة السيف على ذلك دون ان يتم ذلك من خلال قناعة, ولما مات محمد ارتد العرب ولما ضعف العرب ارتدت بلاد فارس وغيرها وماتاريخ الاسلام الا تاريخ دماء وحروب ونهب وقتل منطقه الاول هو القوة والقسر والارهاب مما يودي بالمتضررين من ذلك الى الثورة في اقرب فرصة, وتطور الامر الى ان المهزومين قد بداوا من خلال الاسلام ذاته في نخره والاستهزاء به وصناعة طوائف لاعلاقة لها بالاسلام الا شكليا بينما تبث الخراب والانقسام وفق اجندات خارجية خطيرة وتسعى للتجهيل والتخريب والارهاب والنهب المنظم تحت ضلال المقدس!

الانتهازية، في جوهرها، ليست مجرد سلوك فردي عابر، بل هي ظاهرة اجتماعية وسياسية متجذرة في التاريخ البشري، تتفاقم خطورتها وتتسارع وتيرتها في فترات التحولات الكبرى والفراغ السياسي. إنها أشبه ما تكون بالحرباء التي تغير لونها لتتكيف مع البيئة الجديدة، مستفيدة من هشاشة اللحظة التاريخية وهشاشة الحكام الجدد والظروف المحيطة, لتحقيق مكاسب ذاتية بحتة. هذا المقال يسعى إلى تقديم تحليل شامل لهذه الظاهرة، متجاوزاً السطح إلى جذورها الفلسفية والنفسية والاجتماعية، مع تطبيق خاص على السياق العراقي والعربي الذي شهد موجات من التغيير السياسي.
يهدف هذا العمل إلى بناء إطار تحليلي متكامل لفهم الانتهازية، يجمع بين العلوم الإنسانية كالفلسفة، وعلم الاجتماع، والتاريخ، والعلوم التطبيقية مثل علم النفس وعلم الإدارة. إن الجمع بين هذه التخصصات ضروري لوضع استراتيجيات عملية ومنهجية يمكن من خلالها كشف الانتهازيين والتحصين ضد تسللهم إلى أي نظام جديد، لا سيما في سياق يطمح إلى تأسيس نظام ثوري علمي.
سيبنى المقال على أربعة اقسام رئيسية: التأصيل الفلسفي، التحليل النفسي، الانتهازية من منظورات أخرى، والسياق التاريخي والاجتماعي العراقي، وأخيراً، استراتيجيات الكشف والتحصين.

1. التأصيل الفلسفي والأخلاقي للانتهازية
• تعريف الانتهازية- ما بين النفعية وغياب المبادئ
تُعرّف الانتهازية على أنها سياسة وممارسة واعية للاستفادة الأنانية من الظروف المتاحة، مع إيلاء اهتمام ضئيل جداً للمبادئ الأخلاقية أو العواقب التي قد تعود على الآخرين. إن أفعال الشخص الانتهازي هي في جوهرها أفعال نفعية، تحركها بالدرجة الأولى دوافع المصلحة الشخصية والاهتمام الذاتي. هذا السلوك قد لا يُصنف دائماً كجريمة قانونية أو انتهاك صريح للقانون، ولكنه غالباً ما يُنظر إليه على أنه فعل غير أخلاقي يضر بسمعة سيادة القانون ويشوه شرعيته في أعين المتضررين منه.
أما من الناحية اللغوية، فإن كلمة الانتهازية مشتقة من مادة نهز في اللغة العربية، التي تعني اغتنم. إلا أن دلالة الكلمة تطورت بشكل كبير عبر التاريخ وتحولت في القرن العشرين إلى دلالة سلبية تماماً. لم يعد أحد يحب أن يُوصف بـالانتهازي، بل أصبحت الكلمة مرادفاً للنفاق والخيانة وغياب المبادئ، وأصبحت تهمة أخلاقية ثقيلة.
• الانتهازية في مواجهة البراغماتية وحدود الأخلاق والغاية والوسيلة
من المهم جداً التمييز بين الانتهازية والبراغماتية (الواقعية)، حيث تكمن الفروقات الجوهرية بينهما في الدوافع والنتائج النهائية. يمكن للبراغماتية أن تكون فضيلة سياسية عندما تهدف إلى إيجاد حلول عملية تخدم الصالح العام أو تحقق تقدماً للمجتمع، حتى لو تطلب ذلك مرونة في المواقف. أما الانتهازية، فهي سلوك مذموم لأن دوافعها محصورة في تحقيق مصلحة فردية ضيقة، حتى لو كان ذلك على حساب القيم الأخلاقية والثقة العامة.
هذا التقابل بين المفهومين يتضح بشكل عميق في الفلسفة. فمن جهة، يقف المنظور الميكافيلي الذي يبرر استخدام الحيلة والخداع كأدوات للسلطة، ويرى أن الغاية تبرر الوسيلة. بالنسبة لمكيافيلي، فإن المصلحة العليا للدولة تسبق الأخلاق المجردة، وتُعتبر المثاليات مجرد وهم يسقط عند الممارسة العملية، خاصة في عالم السياسة حيث السلطة هي الغاية بحد ذاتها. من هذا المنظور، قد يبدو السلوك الانتهازي واقعياً أو ضرورياً.
على النقيض تماماً، يقف الفيلسوف إيمانويل كانط، الذي يبني رؤيته الأخلاقية على مبدأ الأمر المطلق. يرى كانط أن الفعل يجب أن يقوم على أساس الواجب وليس المصلحة الشخصية، وأن الانتهازية تعد تحريفاً للعقلية الأخلاقية لأنها تتعامل مع الآخرين كوسائل لتحقيق غايات ذاتية، بدلاً من التعامل معهم كغايات في حد ذاتها. هذا الموقف الكانطي يوضح كيف أن الأحزاب والمعتقدات السياسية التي تستخدم أتباعها وقواعدها كوسائل لبناء طموحاتها السياسية هي في جوهرها كيانات انتهازية.
• الانتهازية كظاهرة صوتية وفراغ أيديولوجي
تجد الانتهازية مرتعها الخصب في البيئات التي يغيب فيها الوضوح السياسي والجهل والتخلف وقد تستمد ذلك من قيم عشائرية و اجتماعية ( هناك مثل عراقي يقول- الياخذ امي يصير ابوي- لو شغلتك عند الكلب قل له حجي كلبان- الرجال يخلي بالسلة عنب- الهزيمة ثلثين المرجلة- ثلثين الطك من مدينة كذا- الخ) وتظهر فيها حالة من الانفصام بين الممارسة العملية والمواقف النظرية. هذا الفراغ الأيديولوجي أو عدم وضوح المبادئ، الذي قد ينبع من عجز القيادة أو انحرافها النظري، يمنح الانتهازي الفرصة لملء هذا الفراغ بمصلحته الشخصية، مدعياً أنها تخدم الصالح العام. وهذا ما يسمح له بالتلون وارتداء الأقنعة. فالانتهازيون يمارسون التضليل للآخرين، وقد ترى أحدهم وتسمعه على حقيقته، ثم يتضح أنه يصلح ليكون في حزب آخر غير الذي ينتمي إليه، لأن مواقفه تتأرجح وتتمايل دون بوصلة ثابتة.
ولعل من اخطر الافكار التجسسية ان يتم تنصب العاهات والجهلاء في اخطر المناصب (انظر قائمة السفراء للعوائل التي مررها المشهداني دون نصاب قانوني ودون مناقشة او طرح السير الذاتية! في اعلان اخر عن سقوط النظام العراقي –ثم قال المشهداني ان هذا البرلمان هو من اسوأ البرلمانات! وماعمله من تمرير القوانين الثلاثة سابقا دون تصويت ومررت المحكمة الاتحادية ذلك هو سقوط اخر للقانون والقضاء) او ان يتم وضع فرد في غير اختصاصه وهذا ماحصل في العراق ببشاعة بعد عام 2003!
وهناك مثل قديم عن ذلك في الاتحاد السوفيتي ان عميلا للمخابرات الغربية كان واجبه ينحصر في وضع الاختصاصات في مناصب لاعلاقة لها بتخصصاتها! اما العراق فالوضع اتعس في زيادة البطالة المقنعة داخل اجهزة الدولة بالتعيينات الحزبية المليونية وفي وضع الجهلاء ومزدوجي الجنسية والعملاء والجواسيس في اخطر المناصب!
بحيث ان مدير جهاز الامن الوطني العراقي غير الموجود بالدستور كما الحشد والبيشمركة لايعرف الا باسم ابو علي البصري! ولاتعرف الحكومة والدولة اسماء وعناوين 250 الف من هيئة الحشد الشعبي! الذين تنفق عليهم سنويا 3 مليار دولار وهم قد تسلموا الاقتصاد بشركاتهم ومكاتبهم الاقتصادية ونهبوا الارض ومن عليهاو خربوا العراق ايما تخريب! واصبحوا جهازا قمعيا ضد الشعب بامن الحشد وهل افتى لكم السستاني الصامت بذلك!
او ان يتغلغل الجواسيس داخل كل مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية والامنية وخصوصا من جواسيس ايران ومن مزدوجي الجنسية! وان يتم تجنيس الملايين من الاجانب لاحداث تغيير ديموغرافي وان يسيطر هولاء على مدن عراقية كاملة!
او ان تاتمر المليشيات بامر الخامنائي وتعلن ذلك وان يهدد (سلام عادل) بان الاحتلال الايراني والعلم الايراني قادم للعراق ل 11 محافظة في مسعى فارسي لتقسيم العراق وبلع جنويه بالتقاسم مع الجولاني حيث بدات مليشيات ايرانية وبامر من الحرس الثوري الايراني الان بالتحرش بسوريا! من اجل التمهيد للغزو الارهابي من سوريا نحو المناطق الغربية وهذا ماتريده ايران من اخراج المستشارين الامريكان لتقوم بتقسيم العراق واعلان الجمهورية الايرانية الفارسية في العراق, بعد ان روضت الشعب عبر اختبارات متعددة صمت الناس ازائها! منها انتهاء الصيف, وشحة الكهرباء والعطش وقتل د بان وتمرير السفراء وتمرير قوانين خطيرة ومنها الاحوال الشخصية وتجريم المثلية! ( وهولاء يستوطنون الاحزاب الاسلامية عادة) وتجريم التطبيع ( والحشد هو مطبع كما قال الزبوك الايراني نجاح مدتي) الخ من قوانين لاعلاقة لها بالدستور العراقي ومحاولة ابتزاز امريكا باصدار قانون الحشد الجديد الذي يضعه فوق الدولة والقوات المسلحة!
من أبرز سمات الانتهازيين أنهم يتقنون الضجيج دون أن يقدموا أي إنجاز حقيقي. إنهم ظاهرة صوتية تفتقر إلى الإنتاج الفكري أو العلمي أو التقني. وكونهم يدركون عجزهم عن العطاء، فإنهم يرتكزون على جهود الآخرين ويسرقونها دون أدنى حياء، ويضخمون أي عمل له مردود إعلامي وكأنه معجزة. هذا السلوك لا يُعد مجرد تصرف فردي منعزل، بل هو جزء من منظومة فساد أكبر تتواطأ على حمايته وتمكينه من الانتشار والتغول. إن الانتهازي يسعى ليكون جزءاً من هذه المنظومة لضمان بقائه وحماية مكاسبه، ما يثبت أن الانتهازية ليست مجرد فعل منعزل، بل هي آلية حماية ضمن نظام أوسع.

2. التحليل النفسي والسمات السلوكية للانتهازيين
• الملامح النفسية للشخصية الانتهازية
تتسم الشخصية الانتهازية بملامح نفسية وسلوكية محددة. يضع الشخص الانتهازي مصلحته فوق كل اعتبار، مع تركيز مبالغ فيه على ذاته. يتمتع الانتهازي بذكاء اجتماعي عالٍ يمكّنه من إقامة علاقات مع الأشخاص أصحاب الشأن والنفوذ والمال، وذلك للوصول إلى أهدافه بأسرع وقت ممكن. أما عامة الناس، فيعتبرهم مجرد عبء ولا يهتم بهم، بل يتجنب حضور مجالسهم إلا إذا كان هناك من سيفيده.
من أبرز الخصائص النفسية للانتهازي هو افتقاره للتعاطف الحقيقي. هو لا يشعر بالشفقة أو الرحمة، ولا يقدم المساعدة بلا ثمن، بل يوجه دعمه فقط لمن يمكن أن يفيدوه في المقابل. كما أن الولاء لديه غائب تماماً. فبمجرد انتهاء الغرض الذي سعى إليه، يتخلى عن العلاقة بسرعة دون أي شعور بالذنب أو الندم. إنه لا يتردد في قطع العلاقات التي لم تعد تخدم مصالحه.
• الانتهازية والثالوث المظلم للشخصية
تتقاطع الانتهازية بشكل عميق مع سمات ثالوث الظلام (Dark Triad) في علم النفس، وهي:
--الميكافيلية (Machiavellianism): وهي سمة شخصية تتمثل في الميل إلى التلاعب والخداع واستغلال الآخرين لتحقيق الأهداف الشخصية، وهي ممارسة لا تلتزم بالقيم الأخلاقية التقليدية.
--النرجسية (Narcissism): وتتجسد في شعور مبالغ فيه بالأهمية الذاتية وحاجة مفرطة للإعجاب والاهتمام، مع افتقار للتعاطف مع الآخرين.
--الاعتلال النفسي (Psychopathy): ويتميز بغياب كامل للتعاطف والقسوة، حيث يفتقر الشخص إلى الشعور بالذنب أو الندم، ويبرع في الكذب وارتداء أقنعة اجتماعية جذابة للتلاعب بالآخرين.
يرى عالم النفس إريك فروم أن الانتهازية هي الوجه الرئيسي المعبر عن الشعور بالضعف واللاجدوى، وهي نتاج حتمي لفشل الأنا العليا في كبح جماح الهو الحيواني. هذا المنظور يوسع فهمنا للظاهرة، إذ يشير إلى أن الانتهازية قد لا تكون مجرد مشكلة فردية، بل قد تكون أيضاً استجابة مرضية لبيئة اجتماعية فاسدة أو قمعية لا تسمح بالنمو الطبيعي للأفراد. قد تكون قسوة القلب التي يتصف بها الانتهازي ليست عيباً فيه بالضرورة، بل قد تكون نتيجة لمواقف معينة أو لبيئة فاسدة أدت إلى تصلب المشاعر لديه.
• السلوكيات العملية للانتهازيين (كشفهم من خلال الأفعال لا الأقوال)
يمكن الكشف عن الانتهازيين من خلال سلوكياتهم العملية التي غالباً ما تتناقض مع أقوالهم. فهم بارعون في الكلام وتقديم الوعود التي لا ينوون الوفاء بها، ويستخدمون التلاعب النفسي والعاطفي للضغط على الآخرين. كما أنهم يبررون تجاوزاتهم وسلوكياتهم السلبية بشتى الطرق، وينشرون ثقافة تبريرية ليختبئوا خلفها ويحققوا مكاسبهم بأقل الخسائر، متظاهرين بأنهم مخلصون وشرفاء.
من السهل على الانتهازيين إظهار التودد والتملق المبالغ فيه في البداية، خاصة إذا كانوا يرون في الشخص الآخر وسيلة لتحقيق هدف معين. كما أنهم يجيدون استغلال نقاط ضعف الآخرين، سواء كانت مادية أو عاطفية أو مهنية. ولأنهم غارقون في الأنانية، فإنهم ينحازون دائماً لما يخدم مصالحهم الذاتية دون تردد، ويندر أن يقدموا تضحية حقيقية. إن فهم هذه السلوكيات المحددة يتيح إطاراً عملياً لتقييم الأفراد، ليس بناءً على ما يقولونه، بل على ما يفعلونه بالفعل.
يتضح من المقارنة بين الشخصية الانتهازية والمناضلة الحقيقية أن الفارق الجوهري يكمن في تفضيل الذات على الآخرين. فالغاية الأساسية للانتهازي هي المصلحة الذاتية، في حين يركز المناضل على المبادئ والقضايا وتحقيق الصالح العام. ولاء الانتهازي متغير وسريع التحول حسب المصالح اللحظية، بينما ولاء المناضل ثابت ومخلص للمبادئ. في سلوكياتهم، يبرع الانتهازيون في التملق والتلاعب والتبرير واستغلال الآخرين، بينما يركز المناضلون على التضحية والصدق واحترام الجماهير والعمل الجماعي. هذا التناقض بين الأقوال والأفعال هو ما يصنع جدولاً تحليلياً قيماً يسهل عملية الكشف، خاصة وأن الانتهازي بارع في إظهار عكس ما يبطن.

3. الانتهازية من منظورات أخرى- لينين والعلم في السياسة
• أفكار لينين عن الانتهازية ومكافحتها
يُعدّ فلاديمير لينين من أبرز المفكرين الذين قدموا تعريفاً دقيقاً للانتهازية، حيث اعتبرها ميلاً أيديولوجياً واتجاهاً رجعياً داخل أي حركة، يتسم بالخيانة للمبادئ من أجل تحقيق مكاسب قصيرة الأجل. ورفض لينين النظر إلى الكلمة على أنها مجرد مصطلح إساءة، بل أصر على ضرورة فهم معناها العميق. بالنسبة له، الانتهازي لا يخون حزبه بشكل مباشر، بل يواصل خدمته بإخلاص وحماس، ولكن صفته المميزة هي أنه يستسلم لمزاج اللحظة والقصير النظر سياسياً. إن الانتهازية تعني التضحية بالمصالح الدائمة والأساسية للحزب من أجل مصالح آنية وعابرة وثانوية. والخداع متأصل في المنظور الانتهازي، فهو يتظاهر بشيء ويفعل شيئاً آخر، ويتظاهر بالتوافق مع الجماعة بينما يتحين الفرص لتحقيق مكاسب خاصة.
للتصدي لهذه الظاهرة، شدد لينين على ضرورة بناء حزب ثوري يستمد قوته من النظرية الأكثر تقدماً، كما أكد على أهمية تجنب حرية النقد التي يرفعها الانتهازيون كشعار لإدخال أفكار غريبة إلى الحزب! وبدلاً من ذلك، كان يرى أن النقد الصحيح يجب أن يكون من منظور طبقي محدد، وأن النقد لا ينبغي أن يكون وسيلة للاتهامات العاطفية أو الشتائم، بل أداة علمية تخدم هدف الحركة. كما حذر من أن الانتهازية لها أساس اقتصادي حيث تضحي بالمصالح الكلية للطبقة العاملة لصالح المصالح الفورية لمجموعات منفصلة من العمال. وهذا التعريف، بحسب لينين، يجعل الانتهازي عميلًا للعدو الطبقي داخل صفوف الحركة، ويبرر ضرورة استبعاد الحزب بصرامة للتيارات الإصلاحية والانتهازية من صفوفه.
لينين تحدث عن الانتهازية لنوع معين من العناصر المناظلة التي اختبرت في النضال ولكنها قد تختلف معه في المواقف اما النماذج الحالية العراقية فهي لاتصلح اساسا للمقارنة مع انتهازيي الحزب البلشفي لكونها منحطة بشكل مريع!
• مشكلة إهمال العلم في السياسة
هناك مشكلة كبرى في غياب المنهج العلمي عن النقاش السياسي، حيث يرى بعض المفكرين أن هذا الغياب هو سبب تخلف العديد من المجتمعات. فالعلم يجب أن يكون في صلب النقاش السياسي، لا الدين، لأن السياسة التي تهمل العلم تتناقض في أسسها النظرية مع وجوده. عندما يسيطر المال على العلم، وتتحكم الشركات الكبرى في التمويل البحثي بدلاً من أن يكون العلم جزءاً من النقاش السياسي، يصبح مصير الإنسان رهناً بمراكمة الثروات، وهذا يؤدي إلى تدهور المجتمعات.
العلوم السياسية، على سبيل المثال، توفر أدوات لفهم العلاقات الدولية، وتحليل السياسات، واستيعاب ديناميكيات السلطة، مما يجعلها تخصصاً محورياً في تشكيل الوعي السياسي. أما الممارسات التي تخالف مبادئ النزاهة العلمية، مثل التكسب السياسي أو الإعلامي من عرض نتائج البحوث بطريقة غير دقيقة أو مضللة، فهي تعد تعدياً على الأمانة العلمية. إن تعميم المعرفة هو جوهر الديمقراطية، في حين أن حصر العلم بأقلية متميزة هو استبداد. لذا، فإن النظام الثوري العلمي يجب أن يعتمد على العلم كبوصلة أساسية لاتخاذ القرارات وإدارة المجتمع، وأن يرسخ ثقافة النزاهة والمساءلة التي تحترم الحقيقة العلمية.

4. الانتهازية في السياق السياسي- التاريخ والسجل العراقي
• التلوّن واستبدال الثياب- آليات تسلق الأنظمة الجديدة
يتصف الانتهازيون بقدرة فائقة على التلون واستغلال الأوضاع الهشة في أوقات الأزمات والتحولات السياسية. فهم يهاجمون الحكومات الانتقالية لإضعافها وزيادة رصيدهم السياسي، ويستغلون الظروف الصعبة، مثل الأزمات الاقتصادية، لاقتناص الفرص والصيد في الماء العكر. إنهم يغيرون مواقفهم بلا مبدأ، سعياً وراء السلطة والمنفعة، ويتحولون من المعارضة إلى الموالاة بمجرد تحسن الوضع الاقتصادي لهم.
بعد كل انقلاب أو تغيير في النظام، يظهر الانتهازيون في المقدمة، يتخلون عن ثيابهم القديمة التي كانت تربطهم بالنظام السابق، ويرتدون ثوباً جديداً يناسب النظام القائم. يُشاهدون وهم يقودون المظاهرات المؤيدة للوضع الجديد، ويرسلون برقيات الولاء المطلق التي تحمل شعارات زائفة مثل جاء الحق وزهق الباطل، سر ونحن من ورائك. ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض (كما ردد شياع السوداني اول توليه في قصر الحكومة حيث ظن انه باقي فيه للابد وصدق نفسه انه كان مستضعفا!). وفي كثير من الأحيان، يكون هؤلاء قد كانوا جزءاً من النظام السابق، أو كانوا معارضين له ولكنهم لم يجدوا ما يشبع مصالحهم في الإجراءات الثورية الجديدة، مما دفعهم للبحث عن مصادر أخرى لتحقيق أهدافهم عبر الانتماء لأي مكون جديد أو استغلال الظروف. إن هذا السلوك ليس عشوائياً، بل هو جزء من عملية منظمة تهدف إلى سرقة الثورة وتحريف برنامجها لأهداف شخصية.
• المحددات الاجتماعية في العراق- العشيرة، القومية، والطائفية كأرض خصبة للانتهازيين
تُعد الانتهازية ظاهرة مزمنة ومرضية في التاريخ السياسي العراقي المعاصر. وتكمن جذورها العميقة في المحددات الاجتماعية التي أصبحت أرضاً خصبة لنموها، وعلى رأسها المحددات العشائرية والطائفية.
تلعب العشائر دوراً في الحياة السياسية العراقية، حيث يقوم شيوخها ووجهاؤها بتوجيه الناخبين. ففي ظل غياب سلطة الدولة القوية، توفر العشيرة الحماية الداخلية لأفرادها، مما يجعل الولاء لها أقوى من الولاء الوطني. هذا الأمر عزز من سيطرة الانتماءات الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة، وأدى إلى تآكل مفهوم الدولة الحديثة.
بعد عام 2003، تحولت الطائفية في العراق من ظاهرة اجتماعية إلى ظاهرة سياسية اكتسبت بُعداً رسمياً من خلال نظام المحاصصة الذي بدأ مع مجلس الحكم. هذا النظام قام على التشارك في المناصب على أسس طائفية وعرقية، وليس على أساس الكفاءة أو المشاركة السياسية الحقيقية. هذا الوضع تسبب في تعزيز الانقسام العمودي في المجتمع، وفسر سبب تفاقم أزمة الهوية الوطنية. إن هذا النظام قدّم بيئة مثالية لصعود الانتهازيين الذين لم يعودوا بحاجة إلى مبادئ سياسية، بل إلى انتماء عشائري أو طائفي قوي يضمن لهم منصباً ومكاسب شخصية.
• سجل الانتهازية في العراق- أمثلة تاريخية ودراسات حالة
يحتوي تاريخ العراق على سجل حافل بالانتهازيين، من أبرز أمثلتهم:
--المعارضة الخارجية: ظهرت فئة من المعارضين للنظام السابق، الذين تركوا العراق هرباً من القمع، لكنهم بمجرد أن وجدوا حياة مريحة في الخارج ووظائف ورصيداً متنامياً في البنوك، قاموا بـتجميد نضالهم او اصبحوا ادوات للنظام داخل المعارضة المرتجفة المنخورة. لقد أصبح همهم الوحيد هو الحفاظ على سلامتهم الشخصية وامتيازاتهم التي حصلوا عليها، وتخلوا عن مخاطر المعارضة وشقائها.
او ان الكثير منهم اصبح النضال لهم وسيلة للتكسب من المساعدات الاجنبية وخصوصا بعد عام 1991 بحيث قال طارق عزيز ان المعارضة هي بزنس!- وهذا الامر ظهر انه حقيقي تماما!
--الانتهازيون الاقتصاديون: نشأت مجموعات طفيلية خلال فترة النظام السابق، وخاصة في زمن الحصار الاقتصادي، واستفادت بشكل كبير من تهريب النفط والآثار وسرقة أموال الشعب. هذه الفئات تراكمت لديها ثروات هائلة، وأصبحت قوة مدمرة في بنية الاقتصاد العراقي الجديد بسبب نفوذها في التجارة والاستيراد والتهريب، وولائها للنظام الذي سمح لها بالنمو.
--فساد ما بعد 2003: شهد العراق بعد عام 2003 انتشاراً هائلاً للفساد المالي والإداري. أُهدرت مئات المليارات من الدولارات في عقود وهمية ومشاريع على الورق فقط، مما أدى إلى تدهور هائل في الخدمات والبنى التحتية رغم الأموال الضخمة التي تأتي من بيع النفط. لقد فشل النظام القضائي في محاسبة كبار المسؤولين المتهمين بالفساد، وفي بعض الحالات تم إدانتهم قضائياً ولكنهم شملوا بقانون العفو العام. هذه الظاهرة تبرز أن الانتهازيين لا يأتون دائماً من الخارج، بل يتسللون من الداخل، حيث يستفيد سياسيون من النظام القديم من الاضطرابات الثورية ويسرقون الثورة لأهدافهم الشخصية.

5.استراتيجيات الكشف العلمي والتحصين في لنظام الثوري الشريف
• الجينوم والسلوك- آفاق الكشف المستقبلي
لقد أثبتت الدراسات الحديثة في علم الوراثة السلوكية وجود علاقة وثيقة بين الجينات والميول إلى ارتكاب السلوكيات الإجرامية والعنيفة. ففي حين أن الشخصية البشرية تُعد سمة معقدة تتأثر بعوامل متعددة، فإن الوراثة تفسر حوالي 40% إلى 60% من الاختلافات في السمات الشخصية الأساسية. وعلى الرغم من أن العوامل البيئية تلعب دوراً حاسماً في التعبير عن هذه الجينات، فقد أظهرت الأبحاث أن بعض الجينات، مثل جين ماو أ (MAO A)، يمكن أن تزيد من استعداد الفرد للعدوانية والعنف. هذا التقدم في علم الوراثة الجزيئية والهندسة الوراثية، وخاصة تقنيات التسلسل الجينومي طويل القراءة (Long-Read Sequencing)، يفتح الباب مستقبلاً أمام فهم أعمق لكيفية تأثير التغيرات الجينية على الأعراض السلوكية، مما قد يعزز القدرة على التشخيص والعلاج المخصص للأمراض النفسية. ومع ذلك، لا يزال علم الجينات عاجزاً عن فصل التأثير الجيني عن البيئي بشكل كامل. ولكن هذه التطورات تشير إلى إمكانية مستقبلية لكشف السمات المتعلقة بالانتهازية والأنانية، التي تُعد جزءاً من دوافع البقاء وتُحللها أفكار مثل نظرية الجين الأناني.
• إطار عمل مقترح للكشف عن الانتهازيين
إن بناء نظام ثوري ومقاوم للانتهازية والفساد يبدأ من إرساء أسس قوية لمكافحة الفساد والوصولية. يجب أن يرتكز هذا الإطار على مبدأ الشفافية والمساءلة عبر مؤسسات قانونية ورقابية مستقلة، مثل هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية او بناء هيئات جديدة اكثر صرامة وقوة واستقلالية تعمل داخل وخارج العراق. لا يمكن الاعتماد على الأفراد وحدهم، بل يجب أن تكون هناك آليات مؤسسية فاعلة تتولى التحقيق في جرائم الفساد والفصل فيها بفعالية وكفاءة.
• المنظور السيكولوجي والسلوكي
يجب أن يعتمد النظام الجديد على منهجية علمية لتقييم الأفراد المرشحين للمناصب القيادية، تتجاوز الانطباعات العامة إلى التحليل العميق. يمكن استخدام أدوات علم النفس لقياس السمات السلوكية والشخصية، خاصة تلك المرتبطة بـالثالوث المظلم. يتم تقييم الأفراد بناءً على:
--التعاطف والولاء: هل يظهر الفرد تعاطفاً حقيقياً مع عامة الناس، أم يركز فقط على العلاقات ذات المنفعة الشخصية؟ وهل لديه سجل في التخلي عن الأشخاص أو المبادئ التي لم تعد تخدمه؟
--النزاهة والصدق: هل تتطابق أقواله المبالغ فيها عن المثاليات مع أفعاله الملموسة على أرض الواقع؟ هل يبرر باستمرار تجاوزاته أم يتحمل المسؤولية؟
• المنظور التاريخي والمهني
لا يكتمل الكشف عن الانتهازيين دون تحليل سجلاتهم وتاريخهم. يمكن تطبيق المنهجية تلك من خلال:
--سجل المواقف: تحليل مسيرة الفرد السياسية والاجتماعية للبحث عن أي تغييرات جذرية في مواقفه وآرائه لتتناسب مع مصالحه اللحظية. الانتهازيون يبرعون في تغيير ولاءاتهم، وهذا يمكن كشفه عبر دراسة سجل مواقفهم المتناقضة.
--السجل المهني والمالي: فحص السجلات المالية للمسؤولين، وتحليل ثرواتهم قبل وبعد توليهم للمناصب العامة. إن أي نمو غير مبرر للثروة يعد مؤشراً قوياً على وجود فساد أو انتهازية.
--سجل الإنجازات: مقارنة الضجيج الإعلامي الذي يتقنه الانتهازيون بالأعمال المنجزة فعلياً على أرض الواقع. ففاقد الشيء لا يعطيه، والانتهازيون يسرقون جهود الآخرين ويضخمونها إعلامياً.
• المنظور الاجتماعي والمؤسسي
تعد الاستراتيجيات المؤسسية طويلة المدى هي الضمانة الحقيقية ضد عودة الانتهازيين. يتطلب ذلك:
--بناء المؤسسات الوطنية: إصلاح الجيش وقوى الأمن على أسس وطنية بعيدة عن الولاءات الحزبية والمناطقية والطائفية. كما يجب إلغاء المؤسسات الفاسدة التي ثبت عدم قدرتها على حل المشكلات وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والمخابراتية لتكون تحت سيطرة الدولة وتوفر المعلومات اللازمة لحماية الثورة.
--تغيير الثقافة المجتمعية: لا يمكن محاربة الانتهازية بالخطابات وحدها. يجب تبني مناهج لتعليم النزاهة ومكافحة الفساد في الجامعات، باستخدام استراتيجيات تعليمية تفاعلية مثل دراسات الحالة والعمل الجماعي. الهدف هو غرس قيم النزاهة والعمل الجماعي والولاء الوطني، وبناء هوية وطنية جامعة تتجاوز الانقسامات الطائفية والعشائرية والمناطقية والعرقية التي جرى تغذيتها بعد عام 2003، وتعتبر الانتماء للوطن هو الأساس بدلاً من الولاءات الفرعية.

6. نحو نظام مقاوم للانتهازية والفساد والارهاب والتخريب والعمالة
الانتهازية والفساد والارهاب ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه، تتطلب فهماً عميقاً لأبعادها الفلسفية والنفسية والاجتماعية. لقد أظهر السياق العراقي بشكل خاص كيف أن المحددات القومية والطائفية والعشائرية، ونظام المحاصصة الذي أدى إلى تقسيم المجتمع بشكل عمودي، قد وفرت بيئة مثالية لصعود الانتهازيين والفاسدين والارهابيين. إنهم يبرعون في التلون واستغلال الفراغات الأيديولوجية والفساد المؤسسي لتحقيق مكاسب شخصية، دون أي اعتبار للمصلحة العامة.
إن التحصين ضد هذه الظاهرة لا يمكن أن يتم عبر الإجراءات السطحية. بل يتطلب بناء مؤسسات وطنية قوية ومستقلة، تضمن الشفافية والمساءلة، بدلاً من الاعتماد على الأفراد الذين يميلون إلى التغير. كما أن التحصين الحقيقي يبدأ من التعليم والثقافة، عبر غرس قيم النزاهة والعمل الجماعي والولاء الوطني. لا يمكن محاربة الانتهازية بالخطابات الرنانة، بل بالعمل الجاد، والشفافية التامة، وتطبيق القانون على الجميع بلا استثناء، وبناء ثقافة مجتمعية تضع المصلحة العامة فوق المصالح الفردية والولاءات الفرعية.

مصادر
1. السلاوي, محمد أديب. (2020, January 11). الانتهـــــازية. https://www.hespress.com/536265-536265.html
2. المثقف. (2022, May 10). الأفاعي البشرية وفلسفة الإنسان الانتهازي الوصولي. https://www.almothaqaf.com/opinions/962873-الأفاعي-البشرية-وفلسفة-الإنسان-الانتهازي-الوصولي
3. القدس العربي.. الانتهازية كظاهرة اجتماعية. المقالhttps://www.alquds.co.uk/الانتهازية-كظاهرة-اجتماعية/
4. الفجر نيوز. سمات الشخصية المظلمة أكثر عرضة للخيانة. المقالhttps://alfajr-news.net/details/سمات-الشخصية-المظلمة-أكثر-عرضة-للخيانة
5. البيان. (2016, February 12). الانتهازي... دراسة معمقة لـ«تاريخ مفهوم». https://www.albayan.ae/books/from-world-library/2016-02-12-1.2571496
6. الجزيرة. (2006, December 30). الانتهازيون.. كيف تعرفهم؟. المقالhttp://www.al-jazirah.com/2006/20061230/cu4.htm
7. السيحة. الانتهازيون.. كيف يتلوّنون؟. https://www.assayha.net/40346/
8. إيلاف. (2017, October 28). مثقفو العرب والانتهازية. https://elaph.com/Opinion/1174166/?year=2017&month=10&page=1&per-page=10
9. النهار. من الانتهازي إلى المناضل الحقيقي. https://www.usfp.ma/فصل--فيما-بين-الانتهازي-والمناضل/
10. مجلة العلوم التربوية والدراسات الإنسانية. (2025). الثالوث المظلم للشخصية كمتنبئ بالأبعاد النفسية والأكاديمية والاجتماعية للتنمر السيبراني لدى عينة من طالبات جامعة الملك خالد بالسعودية | مجلة العلوم التربوية و الدراسات الإنسانية عدد 44 (2025): مجـلـة العلـوم التربوية والدراسـات الإنسـانية /. https://hesj.org/ojs/index.php/hesj/article/view/1302
11. مؤسسة إضاءات. كيف تسيطر على الثورة: نصائح خبير أمريكي لثورة يوليو. https://www.ida2at.com/how-to-control-revolutions-us-expert-tips-for-the-july-revolution/
12. مجلة الجوهرة. (. علامات الشخصية الانتهازية. https://www.aljawharamag.com/علامات-الشخصية-الانتهازية-وكيفية-الت/
13. الجزيرة. الطائفية الاجتماعية والطائفية السياسية في العراق. https://lubab.aljazeera.net/article/الطائفية-الاجتماعية-والطائفية-السيا/
14. الفكر الثوري. مفهوم الانتهازية عند لينين. https://www.iraqicp.com/index.php/sections/afkar/67594-2024-12-07-19-02-13
15. السلوك الإجرامي للحوثيين.. علم الوراثة يفسر دور جينات الإجرام المتوارثة سلاليا. (. https://alislah-ye.net/news_details.php?sid=9513&lng=arabic
16. Fastercapital. أخذ العينات الانتهازية: تحقيق أقصى استفادة من الراحة. https://fastercapital.com/arabpreneur/أخذ-العينات-الانتهازية-أخذ-العينات-الانتهازية-تحقيق-أقصى-استفادة-من-الراحة.html
17. Delta Medlab.. ماذا يقصد بصفات الوراثية؟. https://delta-medlab.com/blog/تعرّف-الوراثة-أنها-ماذا/
18. حلا سلكا.. هل الشخصية وراثية؟. https://www.halasalka.com/blog/is-personality-hereditary
19. الجزيرة نت. (2025, April 16). خطوة متقدمة نحو تحسين تشخيص الأمراض النفسية باستخدام الجينات. https://www.aljazeera.net/health/2025/4/16/خطوة-متقدمة-نحو-تحسين-تشخيص-الأمراض
20. أورسام. (. الأدوار السياسية للعشائر العربية في العراق المعاصر. https://orsam.org.tr/ar/yayinlar/الأدوار-السياسية-للعشائر-العربية-في-ا/
21. مركز الجزيرة للدراسات. الطائفية الاجتماعية والسياسية في العراق. https://lubab.aljazeera.net/article/الطائفية-الاجتماعية-والطائفية-السيا/
22. مؤسسة الإضاءات. كيف تسيطر على الثورة. https://www.ida2at.com/how-to-control-revolutions-us-expert-tips-for-the-july-revolution/
23. المجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية. أزمة الهوية الوطنية العراقية. https://iasj.rdd.edu.iq/journals/uploads/2024/12/31/6ded9ccde967cc752fdae9fe713bd0db.pdf
24. السيحة. الانتهازيون.. كيف يتلوّنون؟. https://www.assayha.net/40346/
25. الموسوعة الحرة. الانتهازية السياسية. https://ar.wikipedia.org/wiki/انتهازية_سياسية
26. المجلة الأكاديمية للدراسات الإنسانية. الانتهازية في علم النفس. https://www.researchgate.net/publication/376001325_althryd_wlaqth_bnmt_alshkhsyt_alanthazyt_ldy_tlbt_aljamt
27. المجلة العربية. علامات الشخصية السيكوباتية. https://alsehha.org/Personality-disorders/الشخصية-السيكوباتية
28. مؤسسة الإضاءات. كيف تسيطر على الثورة. https://www.ida2at.com/how-to-control-revolutions-us-expert-tips-for-the-july-revolution/
29. فصل . في ما بين الانتهازي والمناضل الحقيقي. https://www.usfp.ma/فصل--فيما-بين-الانتهازي-والمناضل/
30. الجزيرة. الطائفية الاجتماعية والطائفية السياسية في العراق https://lubab.aljazeera.net/article/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7/)



#مكسيم_العراقي (هاشتاغ)       Maxim_Al-iraqi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البارادايم الإسلامي والعلماني وتأثيرهما على الدولة والهوية و ...
- القرصنة الأخلاقية والفساد الأخلاقي, ايران والعراق انموذجا!
- الهيمنة الثقافية ل أنطونيو غرامشي وتطبيقاتها في الهيمنة الثق ...
- جوزيف ستيكَليتز وأزمة عدم المساواة, من الاقتصاد الأمريكي إلى ...
- رأسمالية الدولة عند عمر ورأسمالية العمائم والعتاكة والمافيات ...
- تصريحات العتاكة بين القوة المزعومة والابتذال
- جمهورية فايمار وجمهورية (الايطار)! ( بحث موجز)
- التنافر المعرفي في العراق: نموذج اية الله-حديد وعباية والشيخ ...
- التقرير الاستخباري التركي ليوم 4 اب 2025: هل تفهم طغمة العتا ...
- نظام ديني فاسد فاسق فاشي متعفن وفق معايير دولية لايفهمها ولا ...
- اردوغان يلغي اتفاق تصدير النفط بعد 52 سنة من طرف واحد!- فمام ...
- الهولوكوست الرهبري: هايبر ماركت الكوت(هبر يلمار كت) انموذجا- ...
- بين صدام وامطار.. امريكا تنغث وتهتز 10 درجات على مقياس ريختر ...
- مابين النظام الملكي ونظام المماليك في العراق: في ذكرى ثورة 1 ...
- مابين النظام الملكي ونظام المماليك في العراق: في ذكرى ثورة 1 ...
- مابين النظام الملكي ونظام المماليك في العراق: في ذكرى ثورة 1 ...
- مابين النظام الملكي ونظام المماليك في العراق: في ذكرى ثورة 1 ...
- مابين النظام الملكي ونظام المماليك في العراق: في الذكرى 67 ل ...
- العوامل التي تصوغ الإيمان والإلحاد: تحليل نقدي لتدخلات القوى ...
- فضائحية مقتل هشام الهاشمي: في جمهورية الاغتيالات والإفلات من ...


المزيد.....




- وزيرة داخلية بريطانيا.. باكستانية حائرة بين اليمين المتطرف و ...
- وزيرة داخلية بريطانيا.. باكستانية حائرة بين اليمين المتطرف و ...
- وزيرة داخلية بريطانيا.. باكستانية حائرة بين اليمين المتطرف و ...
- العدد 620 من جريدة النهج الديمقراطي
- السيناتور الأميركي يرني ساندرز يصف أفعال إسرائيل في غزة بـ-ا ...
- رسالة مفتوحة إلى نقابيي ونقابيات قطاع الصحة
- بتسلئيل سموتريتش: وزير اليمين المتطرف الذي يرى في غزة -فرصة ...
- السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ...
- بعد اغتيال كيرك.. وقف برنامج شهير وترامب يعلن أنتيفا اليساري ...
- بيان حزب النهج الديمقراطي العمالي بجهة الشرق


المزيد.....

- محاضرة عن الحزب الماركسي / الحزب الشيوعي السوداني
- نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2 / عبد الرحمان النوضة
- اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض ... / سعيد العليمى
- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - مكسيم العراقي - تحليل وعلاج الانتهازية في العراق في سياق ما بعد الثورة (بحث موجز في الانتهازية العراقية)