مكسيم العراقي
كاتب وباحث يومن بعراق واحد عظيم متطور مسالم ديمقراطي علماني قوي
(Maxim Al-iraqi)
الحوار المتمدن-العدد: 8452 - 2025 / 9 / 1 - 23:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اقوال ماثورة
"الرضا يعني ببساطة أن سلطة الطبقة الحاكمة تتسرب إلى عقول الطبقات الخاضعة دون مقاومة أو صراع."
أنطونيو غرامشي
"الهيمنة لا تُمارَس بالقوة وحدها، بل بالقدرة على جعل الآخرين يقبلون رؤيتك للعالم كما لو كانت رؤيتهم الخاصة."
أنطونيو غرامشي
"من الأفضل أن يُخشى الأمير على أن يُحب، إن لم يستطع أن يكون الاثنين معاً."
ميكافيللي
"الصراعات المستقبلية ستكون صراعات ثقافات وحضارات، أكثر مما ستكون صراعات دول قومية."
صموئيل هنتنغتون
"الثقافة هي أداة قوة بقدر ما هي ساحة مقاومة."
إدوارد سعيد
"إيران دولة لها تاريخ طويل من السعي للتأثير في جيرانها."
باراك أوباما
"السياسة الخارجية ليست فقط عن القوة، بل عن القدرة على إعادة تشكيل البيئة الاستراتيجية لمصلحتك."
هنري كيسنجر
"إيران تشكل تهديداً عالمياً لأنها لا تكتفي بتحدي جيرانها بل تسعى لتغيير النظام الدولي."
جورج بوش الابن
"الخيال يحكم العالم."
نابليون بونابرت
"القوة العظمى هي أن تجعل الآخرين يفعلون ما تريد دون أن تأمرهم."
ونستون تشرشل
مقدمة
يعرض هذا المقال تفسيرًا لمفهوم الهيمنة الثقافية عند أنطونيو غرامشي، ثم يحاول نقل هذا الإطار إلى قراءة طرق تأثير إيران في العراق وغيره من الدول المحتلة من قبل نظام الملالي منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، مع التركيز على البُعدين الثقافي والإجرامي في أدوات النفوذ. يعتمد التحليل على دمج النظرية الغرامشية مع ملاحظات ميدانية وتقارير دولية تتعلق بالسياسة الإيرانية في العراق.
غرامشي ومفهوم الهيمنة الثقافية
أنطونيو غرامشي (1891–1937) طوّر مفهوم الهيمنة ليشرح كيف تُمارس السلطة لا عبر القهر المادي وحده، بل من خلال بناء قناعات وقيم تجعل النظام الاجتماعي والسياسي مقبولًا أو طبيعيًا. وتشمل عناصرها:
• بناء قوة فكرية وأخلاقية تشرعن النظام.
• دور المؤسسات المدنية مثل المدارس، الإعلام، الجمعيات والنقابات.
• الاعتماد على المفكرين العضويين او الزبابيك وائمة الفساد والارهاب في المنابر الذين ينشرون خطاب النظام الايراني ويعيدون إنتاجه.
الهيمنة هنا عملية مركّبة من القبول الطوعي مع إمكانية اللجوء إلى القسر عند الحاجة.
من النظرية إلى أدوات النفوذ
وفقًا لغرامشي، فإن أي فاعل خارجي يسعى لترسيخ نفوذه يعتمد على مزيج من:
• نشر الأفكار والقيم عبر مؤسسات ثقافية وتعليمية.
• زرع نخب وسيطة محلية تعمل كوسطاء ثقافيين.
• الاستثمار في البنى الرمزية مثل المراقد وزيادتها كاستثمار مالي وثقافي وامني والمناهج الدينية .
• توظيف النفوذ الاقتصادي والسياسي لربط النخب المحلية بالخارج.
• اللجوء إلى العنف في حال فشل آليات الإقناع.
توسيع المنظور وفق مفكرون آخرون
• من اليسار: لويس ألتوسير، الفيلسوف الماركسي الفرنسي، تحدث عن الأجهزة الأيديولوجية للدولة كالمدارس ووسائل الإعلام التي تعمل على إعادة إنتاج البنية الطبقية عبر غرس الأيديولوجيا المهيمنة في الأفراد. أفكاره تكمل رؤية غرامشي من حيث تفسير استمرار السيطرة عبر آليات تبدو طبيعية.
• من اليمين المحافظ: صموئيل هنتنغتون ركّز على صراع الحضارات باعتباره ساحة تنافس ثقافي وهوياتي بين قوى دولية وإقليمية، وهو ما يمكن توظيفه لفهم الصراع الثقافي-الديني الذي ظهر في العراق بعد 2003.
• من النقد الثقافي المعاصر: ميشيل فوكو (وإن لم يُصنّف بدقة كيساري أو يميني) أضاف بعدًا آخر عبر حديثه عن "السلطة والمعرفة"، أي أن من يمتلك إنتاج الخطاب يملك السيطرة على كيفية رؤية المجتمع لذاته.
• ثوري يسار مفكر وناشط مناهض للاستعمار مثل يفرانز فانون : تتمحور فكرته عن الهيمنة الثقافية بشكل أساسي حول الآثار النفسية والوجودية للاستعمار على الشعوب المستعمَرة، والتي تختلف عن مفهوم الهيمنة الثقافية لدى غرامشي الذي يركز على الصراع الطبقي في المجتمعات الأوروبية.
-الجانب النفسي والوجودي للهيمنة
يرى فانون في كتابه بشرة سوداء، أقنعة بيضاء أن الاستعمار لا يقتصر على السيطرة العسكرية والاقتصادية، بل يعمل على تدمير الهوية الثقافية للشعوب المستعمَرة وفرض ثقافة المستعمر باعتبارها الثقافة الأسمى. هذا يؤدي إلى:
اغتراب ثقافي: يصبح المستعمَر غريبًا عن ثقافته ولغته، ويتبنى ثقافة المستعمر، لدرجة أنه يشعر بالعار من هويته الأصلية.
عقدة الدونية: يُزرع في وعي المستعمَر شعور عميق بالدونية تجاه المستعمِر، مما يجعله يسعى بشتى الطرق إلى تقليده ليحظى بالقبول، حتى لو كان ذلك على حساب ذاته وهويته.
الثقافة كأداة للمقاومة: في كتابه معذبو الأرض، يربط فانون بشكل وثيق بين التحرر السياسي والثقافي. يرى أن التحرر الحقيقي لا يكتمل بمجرد خروج المستعمر، بل يتطلب ثورة ثقافية ونفسية لاستعادة الذات وإعادة بناء الهوية المدمَّرة. الثقافة القومية ليست مجرد فولكلور أو ماضٍ جامد، بل هي أداة حية ومتحركة للنضال، وعملية إبداعية مستمرة تهدف إلى خلق إنسان جديد حر من قيود الاستعمار النفسي.
النفوذ الإيراني في العراق بعد 2003
منذ سقوط نظام صدام حسين، وجدت إيران فرصًا واسعة لتعزيز نفوذها عبر مسارات متعددة:
• البُعد الديني: دعم مؤسسات دينية وتوسيع شبكات الحوزات والمراجع.
• البُعد الأمني: رعاية وتدريب ميليشيات مسلحة تمارس ضغطًا سياسيًا وأمنيًا وتوسيع وتقوية الشبكات الاستخبارية التي تغلغلت في كل مفاصل الدولة ومارست عمليات اجرامية منذ عام 2003.
• البُعد الإعلامي والثقافي: تمويل قنوات ومنابر إعلامية وزبابيك تدعم خطابًا قريبًا من رؤيتها او مجرد صدى له.
• البُعد الاقتصادي: توسيع التبادل التجاري والاستثمارات والنهب والتخريب، بما يعزز اعتماد بعض النخب العراقية على طهران واعتماد العراق كليا على طهران رغم ثرواته الطائلة.
• البُعد التعليمي: تقديم منح وتبادل أكاديمي، بما يعزز الروابط الثقافية والفكرية, وسيطرة المليشيات على التعليم والتعليم العالي! ووصل بهم الحال من الاستهتار الى تنصيب مليشياوي خريج علوم قرعان مزور من جامعة لبنانية لحزب الله كوزير للتعليم العالي وهكذا يدعون محاربة دول عظمى ليس بالعلم والصناعة والاقتصاد والزراعة بل بعلوم القرعان!
الهيمنة الثقافية الإجرامية
يمكن توصيف النفوذ الإيراني الثقافي في العراق بـ الهيمنة الثقافية الإجرامية ، إذ يجمع بين آليات الإقناع الثقافي والديني التي ترتكز على الاكاذيب والاساطير والدجل والاحكام الاجرامية المسبقة ضد كل من يختلف معه وبين أدوات القسر المتمثلة بالعنف المسلح والضغط الاقتصادي. هذا الدمج يجعل الهيمنة أكثر رسوخًا، ويحدّ من قدرة الشعب وطلائعه على مقاومة النفوذ الخارجي.
التأثيرات على المجتمع والهوية العراقية
• تجزئة وتدمير الهوية الوطنية عبر ترسيخ الانقسامات الطائفية وتدمير التعليم والثقافة والصحة والامن والخدمات.
• تقييد المجال العام من خلال القمع والاغتيالات التي استهدفت الناشطين والوطنيين والقادة والضباط والطيارين واساتذة الجامعات.
• اعتماد النخب السياسية والاقتصادية على الخارج بشكل دمر السيادة الوطنية واصبح وصول شخص لمنصب يمر عبر ملالي طهران حصرا.
• إعادة تشكيل الذاكرة الرمزية عبر مشاريع دينية وثقافية ذات توجهات ايرانية فارسية تخدم تصدير الثورة الايرانية الفاشلة التي جوعت ودمرت ايران.
استنتاجات
• لا ينبغي تعميم النفوذ الإيراني على جميع الفاعلين الشيعة في العراق، إذ توجد قوى دينية ووطنية مستقلة كما ان القوى السنية التي يسمح لها بالعمل هي الموالية لايران حصرا او التي لاتتقاطع مع مشروعها وكل النخب الحاكمة في العراق فاسدة للعظم وبور سرطانية.
• النفوذ الإيراني يتقاطع مع قوى إقليمية ودولية أخرى، ولا يمكن عزله عنها.
• من الضروري التمييز بين أدوات القوة الناعمة المشروعة، وأدوات العنف والإكراه.
• إطار غرامشي يساعد على فهم كيفية توظيف الأفكار والثقافة لبناء نفوذ سياسي. في العراق، عززت إيران حضورها عبر أدوات ثقافية واقتصادية، لكنها دعمت هذا النفوذ باستخدام أدوات عسكرية وإجرامية بل كان ذلك اول خيار لها ومازال مستمرا، ما يجعل الحالة مثالًا واضحًا لـ الهيمنة الثقافية الإجرامية.
توصيات بعد نهاية الاحتلال الايراني الاجرامي
• دعم استقلال المؤسسات التعليمية والدينية عن النفوذ الخارجي.
• تعزيز المساءلة القانونية للفصائل المسلحة بعد حلها وتنظيف جهاز الدولة بالكامل من الجواسيس والموالين لايران وغيرها!
• تمكين الإعلام الحر والمشروعات الثقافية الوطنية.
• دعم المجتمع المدني العراقي لحماية الفضاء العام.
• تطوير دبلوماسية متوازنة تحفظ سيادة العراق واستقلال قراره.
• تنويع مصادر الاقتصاد والكف عن الاستيرادات وتحديد النسل من اجل النوعية وليس الكمية الجاهلة التي تخدم مشاريع خارجية!
المصادر
1. Human Rights Watch. (2020, February 2). Iraq: Protester killings, abductions by militias. World Report 2020: Iraq | Human Rights Watch
https://www.hrw.org/world-report/2020/country-chapters/iraq
2. House of commons Library. (25 July 2024). Iranian influence in the Middle East. https://researchbriefings.files.parliament.uk/documents/CBP-9504/CBP-9504.pdf
3. Powercube. (2019, April 10). Gramsci and Hegemony. https://www.powercube.net/other-forms-of-power/gramsci-and-hegemony
4. Stanford Encyclopedia of Philosophy. (2020, August). Antonio Gramsci. https://plato.stanford.edu/entries/gramsci/
5. Wikipedia Contributors. (2025, August). Cultural hegemony. In Wikipedia. https://en.wikipedia.org/wiki/Cultural_hegemony
#مكسيم_العراقي (هاشتاغ)
Maxim_Al-iraqi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟