سامي ابراهيم فودة
الحوار المتمدن-العدد: 8466 - 2025 / 9 / 15 - 22:17
المحور:
القضية الفلسطينية
غزة اليوم ليست كما كانت، مدينة تقف على شفا الهاوية، منكوبةٌ مكلومة، تلبس الحداد صباح مساء، وملامحها حزينة كأنها خرجت من فاجعة لا تنتهي.
سماؤها مظلمة لا تعرف ضوء الفجر، وأرضها ترتجف تحت أقدام ساكنيها، الذين يتشحون السواد، لا حدادًا على ماضٍ بعيد، بل على حاضر يغصّ بالموت، ومستقبل مجهول المعالم.
أهل غزة، أولئك الرهائن في قفص الاتجار والمتاجرة، لا قرار لهم في حربٍ تُشنّ باسمهم، ولا في سلمٍ يُفرض عليهم، ولا في مصالحةٍ تُولد ميتة في دهاليز الطامعين.
لا أعرف لماذا كُتب علينا كل هذا الوجع،
لكن ما أعرفه جيدًا أن شعبنا ليس قطيعًا من الخراف، حتى يُساق إلى مسالخ الذبح والسلخ، ويُقدّم قرابين لقيادات أنظمة فاسدة، ولأمةٍ نائمةٍ في سبات عميق، لا ترتقي إلى مستوى أحذية أطفال غزة.
غزة، اليوم، لا تشبه المدن… بل تشبه الكوابيس.
أشباحٌ تفترسُ الحلم، وحيواناتٌ مفترسة ترتدي وجوه بشر، تقتات على خوف الناس، وتقتحم لياليهم بلا استئذان. فراش أبنائها هو الهول، وغطاء ساكنيها الفزع، وطمأنينة أهلها هي شواهد قبور الموتى.
من حولنا، تتحوّل "المقاومة" إلى سوقٍ سوداء…
لا ضمير فيها ولا شرف.
كبار تجارها هم سماسرة الوطن، وتجار الحروب والسلاح والطحين، وسارقو أقوات أطفال غزة، ومصاصو دمائهم.
هؤلاء الذين تاجروا باسم الدين، والدين منهم براء.
هؤلاء الأقزام الذين يجنون أرباحهم السياسية والعسكرية من جراحنا… من دماء شهدائنا، ومن آهات أسرانا، ومن أنين أراملنا وثكالى نسائنا، ومن أرواح الأطفال والشيوخ والشباب.
وحدها غزة تدفع الثمن…
ثمن الخيانة، والتواطؤ، والتخاذل، والبيع الرخيص في بورصة السياسة القذرة.
إلى متى ستبقى غزة وأهلها في هذا القفص؟
قيد المتاجرة بأوجاعهم، على موائد مشبوهة، مع أجندات لها علاقات حميمة ووطيدة مع أمريكا وإسرائيل؟
غزة لا تحتاج إلى خطابات رنانة، ولا إلى شعارات تستهلكها الفضائيات.
غزة تحتاج إلى شرفاء… فقط شرفاء، يحملون همّها، ويحمون كرامتها، ويفكون قيدها من أيادي اللصوص والجبناء والمخادعين.
غزة… ليست للبيع.
غزة… ليست حقل تجارب.
غزة… هي الكرامة حين يُعدم الشرف، وهي الحقيقة حين تُغتال، وهي الجرح الذي لا يُشفى.
#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟