سامي ابراهيم فودة
الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 07:47
المحور:
القضية الفلسطينية
الأستاذ الفاضل أسامة دليل،
تحية من قلب ينزف حبًا لهذا الوطن، ويبحث في ركام الجراح عن كلمة إنصاف وعدالة.
تابعتُ حديثكم الأخير، الذي لم يخلُ من عمق التحليل، وجرأة الطرح، في نقد أداء حركة حماس ومآلات ما جرى في 7 أكتوبر. ومثل كثيرين، أقدّر لكم هذا الموقف الواضح، الذي يتطلب شجاعة في زمن الالتباس.
ولكني – بكل احترام ومحبة – أقف معك لا في وجهك، وأتوجه إليك بنداء أخوي صادق، من قلب فلسطيني يرى في الأسرى وجوهًا لرفاق الدرب، لا لأدوات السياسة، ولا لصفقات الدم.
الأستاذ أسامة،
حين نحمّل الأسرى وزر ما جرى بعد 7 أكتوبر، فإننا نسقط في فخ الجَمع المضلل، فنساوي بين من اتخذ القرار، وبين من غابت عنه الشمس لعشرات السنين في زنازين الاحتلال، وبين من قرر اقتحام المستوطنات، وبين من كانت أقصى أمانيه أن يرى والدته وجهًا لوجه ولو لدقيقة.
هؤلاء الأسرى، هم من دُفنوا أحياءً في غياهب السجون، لا صوت لهم في الإعلام، ولا حضور لهم في القرار.
فكيف نربط خروجهم الطاهر، بدم سفك دون علمهم؟
كيف نحاكم أجسادًا أنهكها القيد، وعيونًا أنهكها الانتظار، بجريرة من لا يعرفون عنهم شيئًا سوى أنهم من غزة؟
بل كيف لنا – إن أردنا إنصافًا – أن نحجب حريتهم لأن غزة دُمّرت؟
وهل العدالة تُبنى على الحرمان؟
وهل ننتقم من أبناء فلسطين لأن أبناء فلسطين يُذبَحون؟
أقول لك، ويشهد الله على ما أقول:
لو خُيّر كل أسير أن يخرج اليوم من سجنه مقابل دمار غزة، لقال: دعوني أموت هنا، ولا يُمسّ طفلٌ في القطاع بسوء.
يا أستاذ أسامة،
قضيتنا لا تحتمل الخلط بين الحُقوق والمواقف.
نختلف مع حماس، نعم. نحاسبها، نعم.
لكن الأسرى؟
هؤلاء لا نختلف عليهم، لأنهم الصفحة البيضاء في كتاب نكبتنا، لأنهم لم يختاروا توقيت الصفقة ولا شروطها، بل دفعوا أعمارهم ثمنًا للحرية.
وأنت، صاحب القلم الحر، تعلم أن تحرير الأسير ليس مكرمة، بل واجب.
ليس مكافأة على فعل، بل رد اعتبار لإنسانية سُحقت في زنزانة.
فدعونا لا نُحمّلهم ذنبًا لم يرتكبوه، ولا نضعهم في مرمى الاتهام ظلما، فإن ضاع معيار العدل منا، ضاعت البوصلة، وضاعت فلسطين في الزحام.
#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟