سامي ابراهيم فودة
الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 20:59
المحور:
القضية الفلسطينية
بينما تتجه أنظار العالم إلى سبتمبر لمتابعة أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، جاءت المفاجأة: بأغلبية ساحقة، صوّتت الأمم المتحدة على نقل جلستها من نيويورك إلى جنيف، بعدما رفضت الإدارة الأمريكية منح تأشيرات دخول للرئيس الفلسطيني محمود عباس وعشرات من كبار المسؤولين الفلسطينيين. خطوة وُصفت بالتاريخية، إذ تُعيد إلى الأذهان ما جرى عام 1988 حين اضطرت الأمم المتحدة لنقل جلستها إلى جنيف بعد منع ياسر عرفات من دخول الأراضي الأمريكية.
هذا الموقف الأمريكي لا يُقرأ فقط كبادرة عدائية ضد الدبلوماسية الفلسطينية، بل كجزء من خطة ممنهجة لإسكات أي صوت رسمي يفضح الاحتلال ويُطالب بالحق الفلسطيني.
فالذرائع التي ساقتها واشنطن – "أسباب أمن قومي" و"عرقلة جهود السلام" – جاءت فقط لأن السلطة الفلسطينية تجرأت على اللجوء إلى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية لمحاسبة إسرائيل على جرائم الإبادة في غزة. بذلك، تكون واشنطن قد انتهكت صراحةً اتفاقية مقر الأمم المتحدة لعام 1947، التي تُلزم الدولة المضيفة بتأمين وصول جميع الوفود المعتمدة.
في هذا السياق، يطل بنيامين نتنياهو من نافذة الأزمة، وهو الذي اعتاد أن يحوّل الضغوط السياسية إلى مبررات أمنية. ليس مستبعدًا أن يلجأ، كما فعل مرارًا، إلى اختراع "عملية أمنية" مفبركة: إطلاق نار في القدس، حادثة داخل الخط الأخضر، أو "خلية مزعومة" في الضفة الغربية. الهدف: تصوير الفلسطينيين كخطر وجودي، وإقناع الرأي العام الغربي بأن إسرائيل تواجه "إرهابًا" لا شريكًا للسلام.
المخاوف تزداد مع تصاعد خطاب اليمين الديني المتطرف في إسرائيل الداعي لضم الضفة الغربية بالكامل. قبل أن تلتئم الوفود في جنيف في 22 سبتمبر لجلسة مخصصة لحقوق الشعب الفلسطيني، قد يحاول نتنياهو خلط الأوراق بحدث دموي، ليُبرر للعالم خطوة أحادية بفرض السيادة على الضفة. وبدل أن تُطرح مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، يجد المجتمع الدولي نفسه أمام خطاب إسرائيلي جاهز: "لا شريك فلسطيني، لا سلام، هناك فقط أمن إسرائيل".
إنه السيناريو ذاته الذي تكرر في محطات مفصلية: اغتيالات تُفشل مساعي التهدئة، اقتحامات للمسجد الأقصى لإشعال المواجهة، وحروب على غزة لتغيير العناوين. كلها أدوات في يد حكومة الاحتلال للهروب من الاستحقاقات الدولية.
في ختام سطور مقالي:
نعم يمكن لنتنياهو أن "يفعلها" ويصنع المبرر الدموي، لأنه يعيش على صناعة الأزمات. لكن مهما حاول تغييب الصوت الفلسطيني عن المنابر الدولية، تبقى الحقيقة راسخة: هناك شعب صامد، وحقوق لا تسقط بالتقادم، وتاريخ يعيد نفسه ليؤكد أن محاولات التهميش لن تُلغي جوهر القضية الفلسطينية.
#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟