سامي ابراهيم فودة
الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 20:20
المحور:
القضية الفلسطينية
مقدمة: المأزق التاريخي
لم تعد حركة حماس اليوم تواجه مجرد تحديات عابرة، بل تعيش مأزقًا تاريخيًا يهدد وجودها كحركة سياسية ومسلحة في آن واحد. فبعد حرب الإبادة التي عصفت بغزة، وتراجع الدعم الإقليمي، وانكشاف حدود "محور المقاومة"، وجدت الحركة نفسها محاصرة على كل المستويات: عزلة عربية ودولية، تصنيف أمني وإرهابي متصاعد، وغضب شعبي داخلي لم يعد قادرًا على احتمال ويلات الدمار والخراب.
الخيار التكتيكي: فصل الأجنحة
في مواجهة هذا الضغط، يبرز خيار فصل المسؤوليات بين الجناح السياسي والعسكري. الهدف منه منح القيادة السياسية هامشًا دبلوماسيًا يتيح لها المناورة، مع محاولة حماية الأصول المالية والتنظيمية من المصادرة الدولية. غير أن هذا التكتيك محفوف بالمخاطر؛ فهو يضع الحركة أمام معضلة خطيرة: هل تستطيع الإبقاء على شرعيتها الشعبية بعد أن تخلّت –ولو شكليًا– عن بندقية المقاومة التي قامت على أساسها؟
الانزلاق نحو العمل السري
في حال فشل خيار الفصل، يبقى أمام حماس مسار آخر: التحول إلى العمل السري. وهو ما يعني إعادة تشكيل نفسها في صورة مجموعات صغيرة وخلايا خفية، مهمتها الأساسية حماية ما تبقى من الأصول والموارد، مع تنفيذ عمليات محدودة لإثبات الوجود أو الردع. هذا السيناريو ليس جديدًا في التاريخ السياسي؛ فقد سلكته تنظيمات إسلامية أخرى حين ضاق الخناق عليها، لتستمر في الظل بعيدًا عن الضوء.
غضب الشارع الفلسطيني
لكن المعضلة الأعمق تكمن في الحاضنة الشعبية. فالجماهير التي كانت تصدح بشعارات المقاومة، وجدت نفسها اليوم بين ركام البيوت ومقابر الأحبة ومخيمات النزوح. هذا الواقع القاسي بدّد الكثير من رصيد الحركة، وأشعل نقمة شعبية متنامية تعتبر أن حماس لم تعد تعني سوى مزيد من الدمار والمعاناة. إن الشرعية التي كانت الحركة تستند إليها تهتز يومًا بعد يوم، مع كل جرح ينزف وكل بيت ينهار.
في ختام سطور مقالي:
هل دخلت حماس طور الأفول؟
بين خيار الفصل العسكري والسياسي، أو الانزلاق إلى العمل السري، تقف حماس اليوم على حافة هاوية تاريخية.
فإما أن تعيد التموضع عبر تحولات مؤلمة قد تفقدها جوهر مشروعها، أو أن تدخل في طور الأفول والانهيار المحتوم، لتصبح صفحة أخرى في سجل التنظيمات التي لم تستطع التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وفقدت شرعيتها أمام شعبها.
ويبقى السؤال الكبير مفتوحًا:
هل تفعلها حماس وتفصل جناحيها لتنجو سياسيًا، أم أن ما نشهده اليوم ليس سوى الترتيب الأخير لانطفاء نجمها من سماء غزة وفلسطين؟
#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟