سامي ابراهيم فودة
الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 00:31
المحور:
القضية الفلسطينية
في زمنٍ يضجُّ بالمؤامرات، يطلُّ علينا بين الفينة والأخرى حديثٌ مريب عن “انهيار السلطة الوطنية الفلسطينية”، وكأنها مجرد ورقة شطرنج يمكن إسقاطها في لعبة الأمم. لكن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير، والنتيجة ليست سقوط مؤسسة سياسية فحسب، بل انهيار كامل لمنظومة حياةٍ معقدة يعتمد عليها أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية.
إنّ الذين يروّجون لانهيار السلطة—سواء بوعيٍ أو كطابور خامس مأجور—يتجاهلون أو يتعمدون تجاهل ما سيترتب على هذا الانهيار من كوارث، ليست على النخبة السياسية وحدها، بل على حياة الناس اليومية، على المريض في المستشفى، وعلى الطفل في المدرسة، وعلى العامل الذي ينتظر راتبه من البنك.
ماذا يعني انهيار السلطة؟
1. انهيار القطاع الصحي: المستشفيات ستغلق أبوابها، الدواء سيتوقف، وسيُترك المرضى لمصيرهم. وهذا بحد ذاته حرب إبادة صامتة.
2. توقف التعليم: آلاف المدارس ستُقفل، جيلٌ كامل سيُرمى في الشارع بلا أفق، بلا معلم، وبلا مستقبل.
3. انهيار النظام المالي: البنوك ستشلّ، رواتب الموظفين ستضيع، والاقتصاد الهش أصلاً سيتحوّل إلى سوق فوضوي تتسيده العملة السوداء والابتزاز.
4. غياب الأمن: حين يُلغى “رقم 100” ستسود الفوضى، وتتفشى الجريمة والقتل والسرقة في وضح النهار.
5. الغزو العسكري الإسرائيلي: الاحتلال سيجد الذريعة الجاهزة ليشن حملة عسكرية شاملة على الضفة الغربية بحجة “مكافحة الإرهاب”، على غرار ما يحدث في غزة، وسيكون التدمير والقتل والتهجير عنوان المرحلة.
6. التهجير القسري: انهيار السلطة قد يفتح الباب أمام أكبر عملية ترحيل منظمة للفلسطينيين منذ النكبة، تحت شعار “تصفية المشكلة”.
لعبة شيطانية
هذا السيناريو ليس بريئاً، بل هو حلم قديم للأبالسة الذين يريدون تحويل الضفة إلى أرض سائبة بلا عنوان سياسي، لتبرير الضم، وتوسيع الاستيطان، وتنفيذ مخططات الترحيل. أما الذين يروجون لهذه الفكرة من بيننا، فهم إما جهلاء لا يدركون حجم الخطر، أو عملاء مأجورون يبيعون دم الشعب في سوق السياسة الرخيصة.
الخلاصة
انهيار السلطة ليس إصلاحاً ولا خطوة ثورية، بل فخٌّ شيطاني يُراد لنا أن نقع فيه. البديل لن يكون “حرية” ولا “دولة”، بل فوضى، قتل، جريمة، تجويع، واحتلالٌ مباشر بأنيابٍ أكثر شراسة.
علينا أن نكون واعين: من يروّج لانهيار السلطة دون بديل وطني متماسك، هو شريك في مؤامرة ضد وجودنا. المطلوب ليس هدم البيت فوق رؤوسنا، بل إصلاحه من الداخل، وترميم أعمدته، وتطهيره من الفساد والطابور الخامس.
فالوطن ليس ميدان تجارب… والسلطة، رغم علّاتها، تظلّ آخر ما تبقى لنا من مظلة سياسية، أما سقوطها فهو بداية النهاية التي يحلم بها العدو، ويصفق لها كل عرس عميل.
#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟