عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 20:48
المحور:
قضايا ثقافية
بملاحظة عابرة عن ضعف مفترض لدى زملائه المصريين في استخدام اللغة العربية الفصحى أثار الفنان السوري سلوم حداد، عاصفة من الغضب في مصر، لم يخفف منها أعتراف بعض من الفنانين المصريين بصحة ما طرحه حداد.
وعلى هامش المعركة التي دارت حول الموضوع، طرحت آراء تزعم ان الدراما ينبغي ان تقدم باللغة أو اللهجة الدارجة لدى الجمهور، ولا ينبغي ان "تتعالى" عليه باستخدام اللغة الفصحى.
وأرى هذا الطرح مجانبا للأنصاف، فوصف اللغة الفصحى بالتعالي فيه كثير من التجني، فاللغة والفن كمجالين للفكر والأبداع لهما مهمتان مترابطتان، هما إمتاع المتلقي والسمو بملكاته الفكرية والقيمية والجمالية، والنأي به عن الإبتذال والإنحطاط. وقد يمكن القول بأن أصحاب الطرح المذكور ينطلقون من رؤية تعتبر أن المتلقي أضعف من أن يرتقي للتفاعل مع إبداع فني يستخدم لغة على مستوى أعلى من الجمالية والعمق، وأبعد عن الإبتذال والتسطيح الذي يستشري حاليا في الإنتاج الفني، ومثل هذه الرؤية هي التي يتعالى أصحابها على الجمهور برؤيته عاجزا عن التطور والرقي.
ولدينا في عقود أربعينات وخمسينات وحتى ستينات القرن الماضي ما يدحض هذه الرؤية، فرغم شيوع الأمية في مجتمعاتنا حينها، كانت الأبداعات الفنية مسرحا أو سينما أو اعمالاً غنائية باللغة الفصحى تجد رواجا لا يقل عن الإبداعات المصاغة باللهجات الدارجة، وكنا نجد أميين يترنمون بأبيات شعرية فصحى غنتها أسمهان أو أم كلثوم أو نجاة الصغيرة أو عبدالحليم حافظ. وحتى في وقتنا الحاضر فان شعبية الفنان كاظم الساهر على المستوى العربي، لم يكن سببها أغانيه باللهجة العراقية، بل بسبب قصائد نزار قباني وغيره من الشعراء باللغة الفصحى التي غناها. ولا أعتقد ان ثمة من يجرؤ على الزعم بأن الساهر أقل شعبية من زملائه الذين يقتصر نتاجهم على اللهجات الدارجة.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟