أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدالله عطية شناوة - -الأمة العربية- موت نهائي أم وفاة سريرية؟














المزيد.....

-الأمة العربية- موت نهائي أم وفاة سريرية؟


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 17:02
المحور: القضية الفلسطينية
    


نجحت فلسطين في خلق أمة عربية، فقبل نكبتها الأولى لم يكن العقل الجمعي للشعوب الناطقة بالعربية في الإمبراطورية العثمانية المتهرئة، قد طور مفهوماً للأمة خارج نطاق الدين، أي ما كان يدعى بالأمة الإسلامية.
إذ كان لنكبة فلسطين جانبا إيجابيا، تمثل في انها أعادت إلى الأهتمام اطروحات مفكرين مسيحيين شوام، تحدثوا عن روابط لغوية وثقافية وحتى عرقية تتجاوز رابطة الدين، وتتقدم عليها، وتشكلت حركة قومية، تجاوزت موضوع الروابط الثقافية والتاريخية إلى الحديث عن روابط مصيرية، تتعلق بمستقبل تطور ما وصفته ب "الأمة العربية"، وانتزاع استقلال شعوبها من المستعمرين الأوربيين، مستنكرة قيامهم بما وصف في الأدبيات القومية، بتمزيق الأمة إلى كيانات قطرية يتحكمون بها، بما يُؤبد هيمنتهم على الأمة ويكرس تجزئتها وخضوعها للمستعمرين. وكانت النكبة الفلسطينية برهانهم الذي لا يدحض على أن المستعمرين يتعاملون مع هذه الأمة وشعوبها، كأسلاب يغتصبون أوطانها ويوزعونها كيف ما يشاءون.
وكان للمثقفين والناشطين الفلسطينيين دور مبرز في بلورة هذه الطروحات، وفي خلق أمة عربية لم تكن قد تجسدت بعد على أرض الواقع.
وتدخل عامل آخر لصالح دعم أطروحة وجود أمة عربية، من طرف هو في الأساس أبعد من أن يكون متعاطفا معها، وتمثل هذا العامل في المستعمر البريطاني ذاته، الذي اعتقد أن أنشاء روابط بين أنظمة الكيانات التي أنشأها ويتحكم بحكامها، ربما يكون نافعا في دعم هؤلاء الحكام في مواجهة الحركة القومية الفتية وقبل ذلك في مواجهة الحركات اليسارية التي كانت تشارك الحركة القومية في مناهضة الأستعمار. وهكذا تشكل الهيكل المسمى "جامعة الدول العربية". وكان لهذا التطور نتيجتين متناقضتين فهو كان من جهة وسيلة تنسيق بين أدوات المستعمر، في قمع الشعوب العربية، ولكنه من جانب آخر كرس في الوعي العام فكرة أن هناك أمة عربية لها مصالح وتطلعات مشتركة. وقد زادت هذه الفكرة رسوخا في الوعي العام بعد أن أطاح الضباط الأحرار في مصر - مقر الجامعة العربية الدائم - بالنظام الملكي الخاضع للمستعمرين، ومع بروز البجباشي جمال عبدالناصر كقائد للنظام الجديد في القاهرة، وتبنه لأطروحة الأمة العربية ، وقيادته للصراع مع المستعمرين البريطانيين والفرنسيين ودخول مصر في مواجهات عسكرية معهم ومع الكيان الصهيوني الذي أنشأوه في فلسطين، بعد تأميم قناة السويس تحولت مقولة "الأمة العربية" من أطروحة فكرية، إلى فعل سياسي، استقطب ملايين العرب في مختلف أقطارهم.
وشهد هذا المسار تطورا كبيرا في التقارب الذي نشأ بين مصر والأتحاد السوڤييتي ومعسكره الإشتراكي، الذي أرتقى في وقت لاحق إلى ما يقرب من التحالف. وما تلاه من إغناء لمضمون الأمة والوحدة العربية بالأشتراكية، والذي قاد في نهاية المطاف إلى تبني عديد من الحركات القومية العربية - والفصائل الفلسطينية منها على نحو خاص - للإيديولوجيا الماركسية والماركسية - اللينينية في سبعينات القرن الماضي.
لكن هذا المسار سرعان ما ارتكس، ليس بسبب هزيمة حزيران / يونيو، التي تلاها انتعاش كبير لمفهوم الأمة العربية والمصير العربي المشترك، وانما بوفاة الزعيم جمال عبدالناصر الذي رُسّم رمزا لذلك المفهوم، وانتقال السلطة في مصر إلى أنور السادات الذي انقلب على إرث رفيقه جمال عبدالناصر وتوجهاته القومية، وانتقاله ونقله مصر إلى معسكر التوافق مع الغرب وقاعدته في المنطقة، الكيان الصهيوني في فلسطين.
وجاءت الضربة القاضية للمشروع القومي العربي، بانحسار الدور السوڤييي في مقارعة الأمبريالية، وتبني القيادة السوڤييتية لسياسة الأنفراج أو الوفاق مع الغرب وزعيمته الأمبريالية الأمريكية، التي قادت في النهاية إلى انهيار الإتحاد السوڤييتي نفسه وتفكك معسكره، وانضمام مكوناته إلى حلف الناتو.
انهيار التجربة الإشتراكية في معقلها الأوربي، وانتكاس الحركة القومية، خلق فراغاً، سياسيا وفكريا في وعي شعوب المنطقة كان لا بد أن يمُلأ، وكان البديل المفضل لدى الغرب للقيام بهذه المهمة هو الدين السياسي، الذي سبق وأن أُعيد اختلاقه من جانب أمريكا في معركتها الأخيرة ضد الإتحاد السوڤييتي في أفغانستان وقد نجحت في ذلك إلى حد كبير.
ولكن هل انتهت إلى الأبد فكرة "الأمة العربية"، التي برعمت في فلسطين؟
التخلي الرسمي العربي الكامل عن فلسطين في معركتها المصيرية الحالية، والتخلي العربي الشعبي الجزئي عنها، يوحي بموت تام لأطروحة الأمة العربية، لكن التعاطف غير الفاعل من جانب ملايين العرب في مختلف أقطارهم مع محنة الشعب الفلسطيني لا يرجح الجزم بالوفاة، وربما يطرح احتمال أن تكون وفاة سريرية، قد يتبعها انتعاش في وقت ما.



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القتل كهواية أو التمتع بالقتل
- خففوا عن أنفسكم يرحمكم الله
- ألا بِئس المُهان وبِس المُهين!
- مالذي يحدث على الساحة الدولية؟
- طهارة الشبيبة وقذارة السياسيين
- أوربا هي الأصل
- حضروا الأغلال لأعناقكم!
- قائد أنبل مسيرة أنسانية في التأريخ
- صدمتي المهولة في (( مجتمعي )) الجديد!
- متى يحول العراقيون اختلافهم الى رحمة؟
- جواد ثانية
- على هامش حياة معاوية وذويه
- العلويون ليسو شيعة!
- عن الثورة التي ضلت طريقها
- الإسلام السياسي السني يتخلى عن أقنعته
- موازين قوة جديدة
- مخاطر عقلية -التفوق الأبيض-!
- اثنان وستون عاما على الواقعة
- ما هي خلفيات مجزرة أوربرو؟
- من يقف وراء جريمة أوربرو؟


المزيد.....




- اختفت منذ 82 عامًا.. اكتشاف سفينة حربية يابانية من الحرب الع ...
- نظرة على معاناة عائلة للحصول على طبق واحد فقط في غزة
- غزة: مقتل أكثر من 1000 فلسطيني لدى محاولتهم الحصول على مساعد ...
- إردام أوزان يكتب: وهم -الشرق الأوسط الجديد-.. إعادة صياغة ال ...
- جندي يؤدي تحية عسكرية للأنصار في سيطرة ألقوش
- 25 دولة غربية تدعو لإنهاء الحرب في غزة وإسرائيل تحمل حماس ال ...
- -إكس- و-ميتا- تروّجان لبيع الأسلحة في اليمن.. ونشطاء: لا يحذ ...
- عاجل | السيناتور الأميركي ساندرز: الجيش الإسرائيلي أطلق النا ...
- سلاح الهندسة بجيش الاحتلال يعاني أزمة غير مسبوقة في صفوفه
- السويداء وتحدي إسرائيل الوقح لسوريا


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدالله عطية شناوة - -الأمة العربية- موت نهائي أم وفاة سريرية؟