أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الأنسان وباء .














المزيد.....

مقامة الأنسان وباء .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 20:03
المحور: الادب والفن
    


مقامة الإنسان وباء :

في زمننا هذا , يتجدد سؤال الفيلسوف الصيني (( كونفوشيوس )) الذي طرحه قبل آلاف السنين : (( ما أشقى الرجل الذي يملأ بطنه بالطعام طوال اليوم دون أن يجهد عقله في شيء؟. إن هذا الإنسان وباء )) , هذه المقولة تجد صداها اليوم في واقعنا , حيث تجاوزت العطل الرسمية في بعض البلدان , مثل العراق , المئة يوم في السنة , هذه الظاهرة لا تعكس استحقاقًا للراحة , بل استسهالًا لإضاعة الوقت وتكريسًا للكسل المؤسسي , تدفع الرواتب بلا إنتاج , وتتراكم أزمات الناس وسط جهاز إداري مترهل , وكأن الزمن قد توقف , في المقابل , نجد الدول التي تحترم وقتها تعرف كيف توازن بين العمل والراحة , وتمنح كل مناسبة حقها دون أن تجعلها سببًا لشلل الحياة العامة.

الأسوأ من ذلك , أن البعض استبدل العمل المنتج بالنقد السلبي والتسقيط الطائفي , وكأن الهدم أصبح بديلًا عن البناء , يكمن الوباء الحقيقي في هذا الهدم المستمر , الذي لا ينجز مشروعًا ولا يعالج أزمة , بل يعمق الشرخ ويهدر الفرص , كما قال (( كارل يونغ )) في مقولته الشهيرة : (( ما ترفض مواجهته سيبقى يتحكم في حياتك )) , إن الهروب من مواجهة مشاكلنا هو جوهر الوباء , فهو يحولنا إلى كائنات سلبية تهدم بدلًا من أن تبني , وتتسلط عليها مخاوفها وصدماتها المكبوتة.

الحل يكمن في العمل الصامت والواعي , يقول الجنرال الفيتنامي (( جياب)) : (( الثورة والثروة لا يلتقيان )) , في إشارة إلى أن الثورات التي يغدق عليها المال تتحول إلى لصوص ومجرمين , هذا المبدأ لا ينطبق على الثورات السياسية فقط , بل على أي حركة بناء في المجتمع , فالعمل الحقيقي لا يُصنع في قصور الفساد , ولا يتقدم بالتباهي والترف , بل يُصنع بسواعد مخلصة تعمل بصمت , بعيدًا عن لفت الأنظار , كما وصف (( جان بول سارتر)) في رواية (( الغثيان )) حين قال : (( أقصى درجات الحرية , هي ألا تكون لافتًا للنظر , بمعنى ان تكون حاضرا وفاعلا ولكنك غير مرئي )) .
الدين نفسه يقدس العمل حين يجعل قضاء حوائج الناس عبادة , حيث (( ما ملأ ابن آدم وعاء شرًا من بطنه )) كما جاء في الحديث , فالعمل هو القيمة التي تضيء الأوطان , وهو الفعل الذي يميز المرء , إن الأوطان لا تبنيها إلا سواعد من يعمل بصمت , بوعي , وبعقل منفتح على الآخر.

وفي الختام , تذكر أن الأشياء تقاس بجوهرها لا بمظهرها , يقاس الذهب بعياره لا بلمعانه , ويقاس الإنسان بأفعاله لا بأقواله , والناس معادن , فكن أنت كالذهب , لا يغيره الصهر, وكن أنت جوهرًا يتلألأ في الأعماق , لا مجرد وباء يطفو على السطح.

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الأقتران الشرطي .
- مقامة أصنام العقل .
- مقامة الرسيس .
- مقامة لحن القول .
- مقامة في مسار التاريخ ومآلاته .
- مقامة محضرون .
- مقامة الثلاجين .
- مقامة ألأكتظاظ .
- مقامة العراق: مهد الأديان واللغات المنسي؟
- مقامة مرّة ومرّة .
- مقامة الغيرة .
- مقامة دروب المعنى .
- مقامة العثرات .
- مقامة إدارة الفئران: استعارة لحال العراق بعد 2003.
- مقامة وشالة العمر .
- مقامة ياريحان .
- مقامة الحر العراقي .
- مقامة البجعة السوداء .
- مقامة يسار جديد ؟
- مقامة الأنتاج .


المزيد.....




- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...
- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...
- العرض المسرحي “قبل الشمس”
- اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.. احتفال باللغة وال ...
- المدير التنفيذي لمعجم الدوحة: رحلة بناء ذاكرة الأمة الفكرية ...
- يعيد للعربية ذاكرتها اللغوية.. إطلاق معجم الدوحة التاريخي
- رحيل الممثل الأميركي جيمس رانسون منتحرا عن 46 عاما
- نجم مسلسل -ذا واير- الممثل جيمس رانسون ينتحر عن عمر يناهز 46 ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الأنسان وباء .