أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - موسكو بين الحصار والصمود: الإقتصاد الروسي يتحدى تنبؤات الإنهيار














المزيد.....

موسكو بين الحصار والصمود: الإقتصاد الروسي يتحدى تنبؤات الإنهيار


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8463 - 2025 / 9 / 12 - 14:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

12 سبتمبر 2025

منذ إندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022 وما رافقها من عقوبات غير مسبوقة، راهن الغرب على أن روسيا ستنزف إقتصاديًا حتى تركع. جُمِّدت الأصول، فُرضت القيود على النفط والغاز، وقطعت الشركات الغربية الكبرى حضورها في السوق الروسية، حتى بدا المشهد وكأننا أمام نسخة جديدة من «حصار برلين» أو «خطة مارشال» مقلوبة على الرأس.

لكن ما تكشفه الأرقام، سواء من موسكو أو من مؤسسات مالية دولية، يروي قصة مختلفة. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لخّص الأمر مؤخرًا بقوله: «هذه أرقام باردة، ليست بحاجة إلى تحليل خاص. توقعوا إنهيارًا كاملًا، لكن الإحصاءات تقول إن العكس هو ما يحدث. وفق البنك الدولي، روسيا اليوم رابع إقتصاد عالميًا على أساس تعادل القوة الشرائية، والأكبر في أوروبا».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد صرّح في وقت سابق بأن سياسة إحتواء روسيا وإضعافها تمثل إستراتيجية طويلة الأمد للغرب، مضيفاً أن العقوبات لم تُلحق ضرراً بروسيا وحدها، بل وجّهت ضربة قوية للإقتصاد العالمي بأسره. وأكد أن الهدف الأساسي للغرب هو تعقيد حياة الملايين من البشر وإفقارهم، - هذا ما جاء في خبر بثته وكالة ريا نوفوستي للأنباء في 8 أيلول/سبتمبر.

من التوقعات السوداوية إلى الواقع الرقمي

حين فرضت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي حزمتهم الأولى من العقوبات، توقّع محللون في بروكسل وواشنطن أن يتقلص الإقتصاد الروسي بنسبة تتجاوز 15% في عام واحد. بعض مراكز الأبحاث الغربية شبّهت السيناريو بإنهيار الإتحاد السوفياتي مطلع التسعينيات. غير أن ما حدث كان عكس ذلك: إنكماش محدود في البداية، ثم عودة إلى النمو. ففي 2023 سجّل الإقتصاد الروسي نمواً يفوق 3.6%، وهو معدل أعلى من متوسط نمو الإتحاد الأوروبي نفسه.

الطاقة: سلاح ذو حدين

شكلت الطاقة بُؤرة الصراع الإقتصادي. أوروبا التي إعتادت الغاز الروسي الرخيص وجدت نفسها مضطرة لشراء بدائل مكلفة من الولايات المتحدة وقطر. النتيجة: تضخم فاتورة الطاقة وتراجع تنافسية الصناعات الثقيلة الألمانية والفرنسية.
أما موسكو فاتجهت شرقًا: الصين أصبحت المستورد الأكبر للنفط الروسي، والهند دخلت بقوة، ما سمح بإعادة رسم الجغرافيا الإقتصادية بدل خسارتها بالكامل.

العقوبات التكنولوجية والرد الروسي

العقوبات على التكنولوجيا المتقدمة، خاصة أشباه الموصلات والطيران المدني والبرمجيات، هدفت إلى شل الصناعة الروسية. لكن موسكو تحركت في مسارين:
1. التعويض عبر شركاء جدد: الصين، تركيا، الإمارات، وغيرها وفرت قنوات بديلة.
2. الإنتاج المحلي: عبر برامج "الإحلال محل الواردات" التي تسارعت بعد 2022.
النتائج ما زالت جزئية، لكنها بدأت تظهر في الصناعات العسكرية والزراعية.

صعود الإقتصاد الحربي

اليوم يقترب الإقتصاد الروسي من نموذج إقتصاد الحرب. نسبة كبيرة من الموازنة تُضخ في الصناعات العسكرية: صواريخ، دبابات، طائرات مسيرة. وهنا المفارقة: الحرب التي أراد الغرب أن تستنزف روسيا، أصبحت محرّكاً رئيسياً لنموها، ولو على حساب قطاعات مدنية.

الغرب في مأزق ردات الفعل

العقوبات لم تمر بلا ثمن على من فرضها. أوروبا تواجه تضخمًا في أسعار الطاقة والغذاء، وألمانيا تعاني ركوداً ممتداً، فيما نقلت شركات أوروبية كبرى خطوط إنتاجها إلى الولايات المتحدة حيث الطاقة أرخص. الهدف كان إضعاف روسيا، لكن النتيجة كانت أزمة مزدوجة داخل الإتحاد الأوروبي نفسه.

الإقتصاد الموازي: من بريكس إلى الجنوب العالمي

أحد أسرار صمود موسكو هو توسعها في بناء تحالفات بديلة. «بريكس» لم تعد تكتلاً رمزياً، بل منصة تبحث في بدائل للدولار. الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا رفعت تجارتها مع روسيا، كما تعززت الروابط مع إيران ودول الخليج وآسيا الوسطى. لم تُعزل روسيا، بل ساهمت الحرب في تسريع إعادة توزيع القوة الإقتصادية عالمياً.

الثمن الباطني للصمود

ورغم هذه الصورة، يبقى الواقع معقدًا. المواطن الروسي يواجه ارتفاع أسعار، وتراجعًا في بعض مستويات المعيشة، وقيودًا على السفر والتكنولوجيا. كما أن ضخ الموارد في الحرب يترك أثرًا على التعليم والصحة والبنى المدنية.

سباق النفس الطويل

يبقى السؤال مفتوحًا: هل يستطيع الغرب الإستمرار في تمويل أوكرانيا ومراكمة العقوبات رغم أزماته الداخلية؟ أم أن روسيا، رغم صمودها الحالي، ستدخل مرحلة إنهاك تدريجي إذا طال أمد الحرب؟
ما هو واضح أن سيناريو الإنهيار السريع الذي رُوّج له في 2022 صار من الماضي. الواقع اليوم صراع إستنزاف طويل: إقتصاد في مواجهة إقتصاد، ونَفَس طويل في سباق مفتوح لم يُحسم بعد.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 706 - إسرائيل ترفع سقف المواجهة: من تعيين زيني ...
- طوفان الأقصى 705 - بين -الجنون الإسرائيلي- و-التواطؤ الأمريك ...
- طوفان الأقصى 704 - إسرائيل المنقسمة: من فشل «بوتقة الإنصهار» ...
- موسكو تغيّر قواعد اللعبة: من ضرب مقر الحكومة في كييف إلى إست ...
- طوفان الأقصى 703 - بين خطاب -إنهاء الحرب- وإستطلاعات -التطهي ...
- طوفان الأقصى 702 - ترامب ونتنياهو… بين أوهام السياسة ودمار غ ...
- توجيه دوغين: عصر الدول الحضارات – روسيا والصين والهند كأقطاب ...
- طوفان الأقصى 701 - فريدريك ميرتس، بين بوتين ونتنياهو: السياس ...
- طوفان الأقصى 700 - التأثير الإسرائيلي على الولايات المتحدة - ...
- طوفان الأقصى 699 - «إسرائيل: وحش فرانكشتاين؟». من الرمز الأد ...
- طوفان الأقصى 698 - إسرائيل كقاعدة للإمبريالية وليس وطنا آمنا ...
- طوفان الأقصى 697 - خطة البيت الأبيض للتطهير العرقي في غزة: ق ...
- طوفان الأقصى 696 - إغتيال الكونت برنادوت: الرصاصات التي أسست ...
- لماذا خسر الغرب رهانه في أوكرانيا؟ عشرة عوامل حاسمة
- طوفان الأقصى 695 - حرب الإستنزاف في غزة وتحوّلات المشروع الإ ...
- طوفان الأقصى 694 - غزة تمزّق «الميركافا»: حين تحوّلت أسطورة ...
- وزارة الخارجية الروسية تدين التصريحات -المشينة والصارخة- من ...
- طوفان الأقصى 693 - غزة بين «عجلات جِدعون» ومشاريع التهجير
- طوفان الأقصى 692 - نتنياهو و-فكرة إسرائيل الكبرى-: عودة شبح ...
- طوفان الأقصى 691 - إسرائيل تفتح «أبواب الجحيم» في غزة


المزيد.....




- ماذا قال البيت الأبيض عن اللقاء بين ترامب ورئيس وزراء قطر؟
- بعد الضربة الإسرائيلية في الدوحة.. ترامب يدعو رئيس وزراء قطر ...
- من شيرلوك هولمز إلى نفيسة.. الجمهور يحدد مصير البطل
- الناتو يطلق عملية -الحارس الشرقي- لتعزيز موقفه على حدوده الش ...
- ما الأهمية الإستراتيجية والعسكرية لسيطرة الجيش السوداني على ...
- -يوروفيجن- تؤكد احترام قرارات أعضائها عقب تهديدات بالمقاطعة ...
- وجوه المعارضة تتصدر الصحف الإيفوارية قبيل الانتخابات الرئاسي ...
- قضايا رئيسية تشغل الناخبين في انتخابات ملاوي 2025
- شاهد.. ما الذي يحتاجه الاتحاد والفتح بعد مباراة اليوم؟
- الحرب على غزة مباشر.. عشرات الشهداء ودول أوروبية كبرى تندد ب ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - موسكو بين الحصار والصمود: الإقتصاد الروسي يتحدى تنبؤات الإنهيار