أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بوتان زيباري - الصواريخ لا تُنبئ بالسلام.. والدم الكردي ليس وقوداً للهيبة














المزيد.....

الصواريخ لا تُنبئ بالسلام.. والدم الكردي ليس وقوداً للهيبة


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 22:36
المحور: القضية الكردية
    


في ليلة سقطت فيها النجوم صمتاً، وارتجفت أرض كويا تحت وقع انفجارات لا تُبررها حتى الحروب، أطلقت طهران صواريخها الباليستية كأنها تكتب شعراً بالدم، شعراً لا يفهمه إلا اليتامى والأرامل. كان ذلك في سبتمبر 2018، حيث اخترق الحرس الثوري الإيراني أجواء العراق، ليس لملاحقة عدو، بل لقصف مخيمات لاجئين، ومقرات سياسية، وقلوب أطفال نائمين. لم تكن هذه الضربات "رسالة"، بل إعلان حربٍ رسمية على السيادة، وعلى الإنسانية، وعلى أي أمل بسلامٍ يُبنى على الحوار لا على الركام.

ما فعلته إيران تلك الليلة لم يكن مجرد انتهاك للحدود، بل انتهاك جوهري لمقام الإنسان، خصوصاً حين استُهدفت كردستان، تلك الأرض التي لا تحلم سوى بالكرامة، بالحياة، بالوجود. عشرات القتلى والجرحى، بينهم نساء وصغار، دُفِنوا تحت أنقاض السياسة الميتة، بينما صمت العالم كأن الدم الكردي لا يُعدّ دماً، وكأن الموت في كردستان عادة، وليست جريمة.

ومن كويا، عبر الزمن، امتد السياط. صمتٌ دوليٌّ قاتل، حوّل الانتهاك إلى عادة، والجريمة إلى سياسة. فكلما مُرّ على الجريمة دون عقاب، زادت الجرأة. وها هي إيران، بعد سبع سنوات، تطلق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة نحو إسرائيل في أبريل 2024، وكأنها تُعيد عرض مشهد كويا، لكن هذه المرة على مسرح أوسع، بذريعة فلسطين، وتحت شعار "المقاومة"، بينما الحقيقة أن فلسطين نفسها تُستخدم ورقةً في لعبة القوة، لا قضيةً إنسانيةً تستدعي حلولاً عادلة.

النظام الإيراني لا يحارب إسرائيل فقط، بل يحارب كل فكرة عن حوار، عن ديمقراطية، عن تنمية. حربه ضد الشعب الكردي ليست حرب حدود، بل حرب وجود. إنها محاولة مستمرة لطمس الحضارة، لقتل الأمل، لشل أي مبادرة سلمية في الشرق الأوسط. الاغتيالات، القمع، الهجمات الصاروخية، كلها تخلق بيئة من الخوف المزمن، وتُفقِد الشعوب القدرة على التفاوض، وتُحوّل المجتمع المدني إلى سجناء في وطنهم.

والمأساة الكبرى أن هذا النمط من "إبراز القوة" عبر الصواريخ يُعاد إنتاجه، ويُصبح طبيعياً، حتى يُنظر إلى القصف كردٍّ "منطقي"، بينما يُهمَش المدنيون، ويُنسَف الحوار، وتُدفن الحلول. هجوم حماس في أكتوبر 2023، ثم الضربات الإيرانية اللاحقة، ليست أحداثاً منفصلة، بل حلقات في سلسلة واحدة: حيث تُستبدل الكلمة بالقنبلة، والحوار بالدوي.

لقد كان هجوم كويا تحذيراً صريحاً: أن الصمت على إرهاب الدولة هو شراكة في الجريمة. واليوم، لا يكفي التنظيف بعد الانفجار، بل يجب منع الانفجار قبل وقوعه. يجب أن نسمي الأشياء بأسمائها: ما يجري هو إرهاب دولة، ومنظم، ومُمَول، ويُستخدم باسم الدين والمقاومة، لكنه في جوهره عبودية للقوة، وكره للسلام.

إذا أردنا فعلاً كسر دائرة الانتقام، فعلينا أن نبدأ من حيث بدأ الانهيار: من احترام السيادة، من حماية المدنيين، من وقف تطبيع العنف. لا يمكن بناء سلامٍ على ركام كردستان، ولا يمكن تحقيق عدالة للفلسطينيين عبر تدمير الكرد. الحقيقة المرة هي أن الحل العادل للقضية الكردية، الذي طالما تُهمَس به، أصبح اليوم شرطاً لا غنى عنه لأي استقرار حقيقي في المنطقة.

الدم لا يُبنى عليه وطن، والصواريخ لا تُنبئ بالغد. فقط الحوار، فقط الاعتراف، فقط الإنسانية يمكنها أن تُعيد للشرق الأوسط وجهه الإنساني، قبل أن يصبح كل شيء فيه رماداً.

* الكاتب: الدكتور مجيد حقي هو كاتب وناشط سياسي ومدافع عن حق تقرير المصير الكردي من كردستان الشرقية (إيران). وهو عضو في المركز الوطني لكردستان الشرقية (NNRK) ويشغل منصب رئيس تحرير موقع Jinamedia.net. يقيم الدكتور حقي حالياً في فنلندا.
* الترجمة من الانجليزية الى العربية بتصرف: بوتان زيباري، كاتب وسياسي كوردي يقيم زيباري حالياً في السويد.

https://www.facebook.com/majid.hakki/posts/pfbid02rEVHbEEvFpuHpBK8iyVmPmorDjCa4DmYQ1knn6cM6PRkJmaK1R9Co6efjcoJ9avPl?notif_id=1757315432211775¬if_t=mention&ref=notif



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو وطنٍ لا يُبنى على أنقاض الهوية: بين فيدرالية الحقوق وخيا ...
- صدى الدم في قاعة الانتخابات: عندما تُكتب الديمقراطية بدموع ا ...
- سوريا في مفترق طرق: بين الأيديولوجيا والتقسيم
- الظل والضوء: حين يُستدعى التاريخ ليحاكم الحاضر
- صمت الدم: حين تُكتب الخريطة بدم العلويين والدروز…
- العرش والثور: حين يصير القصر حظيرةً والسلطةُ سرابًا
- الصورة التي نستحقها: في الفلسفة البصرية للبقاء
- صراخ الأرض: عندما ترفض الأصوات أن تُسكت
- الرُّوح المُنهكة: حين يُصبح الوجودُ تمرّداً في أرضٍ فقدتَ حل ...
- الريح لا تُمسك بالأسوار، والشعب لا يُهزم بالصمت
- حين تبكي الجبال وتحتضر الرمال
- الهوية التي تكسر حدود الاستعمار: الكورد وقضية الأرض
- صدى العهد والتفويض الثائر: صوت كوردي في رحلة دستور وأرض
- في حضرة الجغرافيا المنسيّة: الكورد بين جذور الأرض وخرافات ال ...
- أطياف الخراب وصهيل الأوهام: سوريا بين سندان التاريخ ومطرقة ا ...
- حين تُكتب الخيانة بخطٍّ كوردي
- سوريا.. بين جثةٍ تُقسَّم وقلبٍ لا يزال ينبض
- السويداء: صدى الدم في وحدةٍ مكسورة
- بين الثورة والتجديد: من خُميني إلى الشرع السنيّ
- دمٌ على جدران التاريخ: سردية الكورد بين المذابح والانتفاضات


المزيد.....




- التشيك تُفكك شبكة تجسس بيلاروسية: طرد دبلوماسي واعتقال مشتبه ...
- مكتب أممي يدعو جميع الدول لإنهاء الإعادة القسرية للاجئين الأ ...
- الحكم بسجن الناشطة ابتسام لشكر في المغرب: -اعتداء- على حرية ...
- نتانياهو يأمر سكان مدينة غزة بمغادرتها -الآن- والأمم المتحدة ...
- الاحتلال يواصل عدوانه على بلدات وقرى في محافظة القدس: حصار و ...
- المجاعة تطال نخب غزة.. كيف تفاعلت المنصات؟
- نائب وزير الخارجية التركي من أمام معبر رفح.. الجرائم الإسرائ ...
- ثلث المعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيل بلا تهم
- -غزة تحولت إلى مقبرة-.. الأمم المتحدة تندد بـ-القتل الجماعي ...
- ثلث المعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيل بلا تهم


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بوتان زيباري - الصواريخ لا تُنبئ بالسلام.. والدم الكردي ليس وقوداً للهيبة