أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حسن مدبولى - إفقار الغالبية الساحقة !!














المزيد.....

إفقار الغالبية الساحقة !!


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8458 - 2025 / 9 / 7 - 10:25
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


منذ سنوات قليلة فقط، وتحديدًا في عام 2016، كان المشهد الاقتصادي مختلفًا جذريًا عمّا نراه اليوم. وقتها، لم يكن سعر الدولار يتجاوز 16 جنيهًا، وكانت الطبقة الوسطى – رغم ما تعانيه من ضغوط – لا تزال قادرة على التنفس، محتفظة بمدخرات آمنة نسبيًا داخل البنوك الوطنية، في ثقة بأن عملتها المحلية قادرة على حفظ القيمة. لكن تلك الثقة سرعان ما تبخرت، فخلال أعوام قليلة انهار كل شيء، وتكبدت الطبقة الوسطى خسائر فادحة.

ولنأخذ مثالًا مبسطًا لكنه كاشف: فلنفترض أن شخصين امتلكا ثروة متساوية في عام 2016. الأول (س) آمن بعملته الوطنية، فأودع نصف مليون جنيه في بنك محلي، دعمًا لاقتصاد بلده ويقينًا بأن المال في البنك يحفظ قيمته. بينما الثاني (ص) حوّل المبلغ نفسه إلى ما يعادل 32 ألف دولار، عبر طرق مشروعة أو ملتوية.

ومع مرور السنوات وتعاقب موجات التعويم، تبدلت المعادلة بالكامل. فقد تجاوز الدولار حاجز الخمسين جنيهًا، وتحولت معادلة الثروة إلى مأساة وطنية مصغّرة: فثروة (س) التي كانت تعادل 32 ألف دولار لم تعد تساوي أكثر من 10 آلاف فقط، رغم أن رقمها بالجنيه ظل ثابتًا عند نصف مليون. أما (ص)، الذي احتفظ بالدولار، فقد قفزت مدخراته من ما يعادل نصف مليون جنيه وقتها،إلى ما يقارب مليونًا وستمائة ألف فى وقتنا الحالى،
أي أن الوطني الذي وثق بعملته المحلية خسر ثلثي ثروته الحقيقية، فيما تضاعفت مكاسب من لجأ إلى الدولار بأكثر من مليون ومائة ألف جنيه إضافي.

والأمر يصبح أشد فداحة إذا وسعنا المثال: فمدخرات قدرها 16 مليون جنيه (كانت تعادل مليون دولار عام 2016) باتت لا تساوي اليوم سوى 320 ألف دولار. بينما من امتلك واحتفظ بمليون دولار حينها أصبح يمتلك اليوم ما يقارب 50 مليون جنيه بدلًا من 16.
وقد يقول قائل إن الفوائد على الودائع عوضت أصحاب المدخرات بالجنيه، لكن الرد بسيط: فالتضخم الهائل المتوحش والمستمر في ارتفاع الأسعار التهم تلك العوائد بالكامل، بل تجاوزها بأضعاف.
فالتعويمات المتتالية لم تكتفِ بامتصاص القدرة الشرائية للأغلبية المصرية العادية ، بل التهمت مدخرات أعوام كاملة من العمل والكدح، لتغدو الوطنية الاقتصادية خيانة لرزق أصحابها، وصدمة مخيبة لكل من والاها ،
وقد كان من الطبيعي أن تضغط بعض الازمات على قيمة العملة، لكن الكارثة أن ذلك الضغط أنتج أثمان باهظة دُفعت بالكامل من جيوب الفقراء ومتوسطي الحال، بينما تحوّلت إلى أرباح ضخمة لفئة صغيرة ربطت ثرواتها بالدولار.
وحين يتم افقار المواطن الذي ادخر بالجنيه، ويُكافأ من تمسك بالعملة الأجنبية ، فإن الخسارة لا تُقاس هنا بتآكل المدخرات وحدها ، بل بانهيار الثقة وانكسار الانتماء. إذ كيف يُطلب من المواطن أن يرى في عملته وبنكه وبلده حصنًا آمنًا لمدخراته، بينما تجربته تقول له إن وطنيته كانت تدميرًا لمستقبله ومستقبل أبنائه؟

المأساة الكبرى أن من صنعوا هذه السياسات ما زالوا يسيرون في الطريق ذاته، غير عابئين بما خلّفوه من فقدان ثقة وخراب اجتماعي،وانهيار بنيوى وشيك ،



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أعلام الفن المقاوم: المطرب محمد حمام
- شفيع شلبى والتراث الشعبى
- قميص فلسطين ،
- النزوات الخاصة،والمسئوليات العامة !
- مقاتلوا التاميل !
- بيان يدعو إلى السلم !!
- طعن الشراكة !!
- النصر البيروسى !!؟
- الإقتصاد والحرية
- نقطونا بسكاتكم !!
- تمهيد الأرض للعدو!؟
- للمرة المليون !
- من العروبة الناصرية،الى الاصطفاف الطائفى؟
- المسكوت عنه فى بر الشام!؟
- بين العثمانى والجولانى،ياقلبى لاتحزن!!
- فى بنجلاديش !!
- نزع السلاح !!
- عقدة صنع الله !!
- تقييم صفقة الغاز المصرية،،
- لا يسقط بالتقادم !


المزيد.....




- المقاطعة في الأردن.. من غضب نصرة لغزة إلى معركة اقتصادية منظ ...
- المقاطعة في الأردن.. من غضب نصرة لغزة إلى معركة اقتصادية منظ ...
- تقارير شركات داعمة لإسرائيل تكشف تأثير حملات المقاطعة
- لمنافسة لينكد إن.. منصة توظيف جديدة بالذكاء الاصطناعي
- قتلى وجرحى.. خلاف تجاري بسوق الذهب في بيروت يتحول إلى مواجهة ...
- إيكونوميست: صادرات إسرائيل من السلاح لأوروبا تحصنها ضد العقو ...
- السوداني يعلن الحرب على مافيات النفط.. لجنة تحقيقية عليا لمل ...
- العراق يدعو أعضاء أوبك لإعادة النظر في حصته من تصدير النفط
- العراق.. محادثات مع إكسون موبيل بشأن مشاريع طاقة كبيرة
- 88 شركة بريد تعلق خدماتها مع أميركا بسبب الرسوم الجمركية


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حسن مدبولى - إفقار الغالبية الساحقة !!