أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حسن مدبولى - شفيع شلبى والتراث الشعبى














المزيد.....

شفيع شلبى والتراث الشعبى


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 21:56
المحور: الصحافة والاعلام
    


بمناسبة المولد النبوي الشريف، عدت بالذاكرة إلى سهرة تليفزيونية نادرة أعادت بثها قناة ماسبيرو زمان عن الموالد الشعبية ومولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم. كان البرنامج من إعداد وتقديم الإعلامي العبقري شفيع شلبي، وإخراج عفاف طبالة.
في تلك السهرة، رسم شفيع مع ضيوفه لوحة صادقة لواقع الموالد: بطقوسها الدينية، وتفاعلاتها الشعبية، ومظاهرها العجيبة. لم يكتفِ بالسرد، بل أضفى إيقاعًا فنيًا على العمل، فأقحم مشاهد من “الليلة الكبيرة” مع مشاهد من قلب الاحتفالات والسرادقات والمساجد الكبرى ، وختم بلقاء مع صلاح جاهين، الذي تحدث عن المولد وعن واجب المبدعين في التفاعل مع تراث الشعب، لا في ترسيخ التفاهة والعري.

عبقرية متمردة وظلم قاسٍ

كان شفيع شلبي حالة إعلامية فريدة سبقت عصرها. مذيعًا مختلفًا، مخرجًا بارعًا، ومنتجًا سينمائيًا وتليفزيونيًا مبدعًا. لكنه—للأسف—دفع ثمن استقلاله وتمرده. فقد حُوصِر مبكرًا، وتم تهميشه لحساب "النكرات" التي صُنعت لتملأ الشاشات.
بينما كان زملاؤه يظهرون في البدل الكاملة والشعر المصقول أو البواريك، كان يطل بملابس كاجوال وشعر مجعد، وبساطة جعلت الناس يرونه واحدًا منهم. رفض أن يكون مجرد قارئ جامد للنشرة، فأضاف تعليقاته وتحليلاته—الأمر الذي لم يكن مسموحًا به—وتعرض بسببه للإيقاف أكثر من مرة.

برامج سبقت زمانها

منذ دخوله التلفزيون عام 1971، أثبت شفيع شلبي أن لديه رؤية مغايرة. أطلق برنامج السهرة الكبرى فواجه الوزير يوسف السباعي بأسئلة محرجة فأُوقِف البرنامج.
ثم ابتكر برنامج فلاش لقراءة الصحف، فاختار مقالات تنتقد الحكومة فأُوقِف مجددًا. ثم جاء برنامجه الأشهر من قلب الشارع المصري، حيث أعطى الكاميرا صوت الفقراء والبسطاء، وانتقد قرارات جمهورية على شاشة التليفزيون الرسمي—في سابقة لم يحتملها النظام.

من التليفزيون إلى الوثائقي

وبقرار جمهوري عام 1981، أُقصي شفيع شلبي نهائيًا من التليفزيون. لكنه رفض الهجرة أو بيع موهبته، فأسس المركز العربي للإنتاج الوثائقي، وأنتج سلاسل رائدة مثل أعلام معاصرون ورائدات من القرن العشرين. كان يؤمن أن من لا يعرف تاريخه يهدر عقله، وأن حفظ الذاكرة شرط لصناعة المستقبل.

أحلام سبقت الواقع

طرح فكرة إنشاء قنوات وإذاعات شعبية يملكها الناس بالاكتتاب، لتتحرر من هيمنة الحكومات، وهي فكرة بدت غريبة حينها لكنها تحققت مع ثورة الإنترنت واليوتيوب. كتب وأخرج وأنتج، وشارك في أعمال سينمائية متميزة مثل العوامة 70 وخلف أسوار الجامعة. كما انتُخب لعضوية نقابة المهن السينمائية، واتحاد السينمائيين التسجيليين، وجماعة الفنانين والكتاب.

المثقف المناضل

لم يكن شفيع شلبي إعلاميًا فحسب، بل كان مثقفًا مناضلًا. شارك في جهود التوافق الوطني عام 1995، وساند ثورة يناير منذ يومها الأول. رفض الانحناء لإغراءات السلطة أو الدخول في "حظيرة" فاروق حسني، وظل قابضًا على جمر المبدأ، يعيش حياة الكفاف منحازًا إلى الناس وتراثهم وحقهم في الحرية والعدالة.

الرحيل الكريم

على مدى أربعين عامًا، حُرِم من شاشات الإعلام الرسمي والخاص، ولم يُسمح له إلا بظهور باهت بعد ثورة يناير. ومع ذلك، لم يفقد إيمانه برسالته، ولا انحنى أمام القمع والتهميش. رحل في 12 يناير 2021، ثابتًا على مواقفه، راضيًا مرضيًا، تاركًا إرثًا سيظل علامة فارقة في تاريخ الإعلام المصري.

كل التحية والسلام لروح المتمرد العبقري شفيع شلبي، الذي عاش بكرامة، وصنع إعلامًا صادقًا، وربط الإبداع بتراث الشعب وهمومه.

#حسن_مدبولي



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قميص فلسطين ،
- النزوات الخاصة،والمسئوليات العامة !
- مقاتلوا التاميل !
- بيان يدعو إلى السلم !!
- طعن الشراكة !!
- النصر البيروسى !!؟
- الإقتصاد والحرية
- نقطونا بسكاتكم !!
- تمهيد الأرض للعدو!؟
- للمرة المليون !
- من العروبة الناصرية،الى الاصطفاف الطائفى؟
- المسكوت عنه فى بر الشام!؟
- بين العثمانى والجولانى،ياقلبى لاتحزن!!
- فى بنجلاديش !!
- نزع السلاح !!
- عقدة صنع الله !!
- تقييم صفقة الغاز المصرية،،
- لا يسقط بالتقادم !
- أين جماعة أهل السنة فى لبنان!؟
- له خوار !!


المزيد.....




- الرئيس الإسرائيلي يستعد لزيارة بريطانيا قُبيل اعترافها المرت ...
- إسرائيل أمام لحظة حرجة.. تململ بين جنود الاحتياط وصورتها تهت ...
- غريتا ثونبرغ لبي بي سي: -وعدنا أهل غزة بالعودة وقافلة الصمود ...
- الجامعة العربية تحذر من خطر إسرائيل على المنطقة وتدعو لوقف م ...
- ما الذي يعنيه توسيع نطاق الاعتراف بدولة فلسطينية؟
- سائحة تثير جدلا بـ-ممارسات غريبة- في مقبرة فرعونية والسلطات ...
- ماذا نعرف عن انتخابات مجلس الشعب السوري الأول بعد مرحلة الأس ...
- نحو 70 شهيدا بغزة منذ الفجر والاحتلال يعزز قواته
- جدعون ساعر: لا -مجال- لزيارة ماكرون إلى إسرائيل مع استمرار م ...
- متحدث باسم الجيش الإسرائيلي: نسيطر على 40% من مدينة غزة


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حسن مدبولى - شفيع شلبى والتراث الشعبى