حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 8451 - 2025 / 8 / 31 - 19:08
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
النصر البيروسي (نسبة إلى القائد الإغريقي بيروس الإبيري) هو مصطلح عسكري يُطلق على الانتصار الذي يتحقق بثمن باهظ، حيث تكون خسائر المنتصر قريبة من الهزيمة، فيغدو النصر بلا جدوى، بل عبئًا يستنزف صاحبه.
وقد ارتبط هذا التعبير بتاريخ بيروس الإبيري (319 – 272 ق.م)، الملك والجنرال الإغريقي الذي خاض معارك ضارية ضد روما في مطلع العصر الهيليني. صحيح أنه انتصر في معركتي هيراكليا وأسكولوم (279 ق.م)، لكن جيشه خسر خيرة جنوده وقادته، حتى قال بيروس نفسه بعد معركة أسكولوم عبارته الشهيرة: "انتصار آخر كهذا، وسأهلك تمامًا". ومن هنا دخل مصطلح "النصر البيروسي" إلى التاريخ ليصف كل انتصار ينطوي على بذور هزيمة صاحبه.
وبالقياس على واقعنا، فإن الصراع العربي – الإسلامي مع الاحتلال الصهيوني وداعميه لا يعرف أنصاف الحلول. فإما نصر يفضي إلى دحر المحتل وكسر إرادة داعميه، وإما أن يُفرض عليهم ثمن باهظ يجعلهم يدفعون غاليًا مقابل كل عدوان، حتى وإن حاولوا تسويقه على أنه "إنجاز عسكري".
إن تكبيد العدو خسائر فادحة في جنوده ومدنييه وأسلحته واقتصاده ومعنوياته، هو السبيل لتحويل كل "نصر" يزعمه إلى مجرد "نصر بيروسي" يُسرّع من انكشافه وزواله. فالمقاومة — فصيلاً كانت أم دولة — قادرة على أن تجعل العدو يترنح ويغادر ميدان الصراع خاسرًا. ولهذا، فإن على جبهات المقاومة في غزة واليمن وجنوب لبنان، كما في طهران وسورية وتركيا، أن تضع هذه الحقيقة في حسبانها دائمًا، أياً تكن النتائج المباشرة.
#حسن_مدبولى
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟