حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 8457 - 2025 / 9 / 6 - 10:09
المحور:
قضايا ثقافية
وُلد المطرب المصري محمد سيد محمد إبراهيم، الشهير بـ محمد حمام، في الرابع من نوفمبر عام 1935 بمدينة النوبة، تلك الأرض التي أنجبت لنا دوما الأصالة والعراقة والروح الطيبة المخلصة بلا حدود .
فى شبابه انتقل حمام إلى القاهرة ليلتحق بكلية الفنون الجميلة، لكن مسيرته لم تكن سهلة؛ إذ تعرّض عام 1959 للاعتقال مع عدد من المثقفين بسبب مواقفهم السياسية المعارضة آنذاك. ورغم ما عاناه، واصل طريقه حتى تخرّج متأخرًا في قسم العمارة عام 1968.
عمل حمام مهندسًا ومقاولًا في بداياته، غير أن عشقه للفن جذبه نحو عالم الغناء، فانضم أولًا إلى فرقة السمسمية، ثم انطلق منفردًا ليقدّم أعمالًا خالدة شكّلت علامة في وجدان المصريين.
من أبرز إبداعاته أغنية "يا بيوت السويس" التي ولدت من رحم الهزيمة بعد نكسة 1967، لتصبح نشيدًا للمقاومة الشعبية وأبطال خط القناة في سنوات حرب الاستنزاف. لم تكن مجرد أغنية، بل كانت صوت المدينة الجريحة، وجرس إنذار أعاد الأمل إلى القلوب الموجوعة.
كما قدّم أغنية مؤثرة لا تزال عالقة في الذاكرة هي "الأم"، التي ارتبطت بمسلسل إذاعي شهير بالاسم نفسه. كانت كلماتها ولحنها العذب يلامسان قلوب الملايين كل مساء، فيبكون مع دموعها الصادقة. وإلى جانب ذلك، ترك حمام عشرات الأغنيات الأخرى التي امتزج فيها الحس الشعبي بالروح الوطنية والصدق الفني.
لكن مسيرة هذا الفنان لم تكن مفروشة بالورود؛ إذ تعرّض للتهميش والاضطهاد بعد اتفاقية كامب ديفيد، بسبب معارضته الصريحة للتطبيع، وانتمائه إلى حزب التجمع اليساري بقيادة خالد محيي الدين. ومع مرور السنوات أصيب بجلطة دماغية سببت له إعاقة في الحركة، ولم يحظَ – للأسف – بعلاج يليق بمكانته، ولا بتكريم يوازي عطاؤه. ظلّ التجاهل يطوي تاريخه حتى رحل في 26 فبراير 2007، تاركًا وراءه فنًا صادقًا وذكرى لا تموت.
إن محمد حمام لم يكن مجرد مطرب، بل كان صوت الوطن في لحظات الجرح والأمل، ورمزا للفن المقاوم ،وفنانًا دفع ثمن صدقه وانتمائه.
#حسن_مدبولى
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟