زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 00:27
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تدور هذه المرة حول معنى حرية التفكير والرأي، وحق الإنسان في معرفة الحقيقة
-------------------------------
في قلب كلّ مشروع إنساني يسعى لبناء مجتمع سليم ، أو بناء وطن معافى ومستقر، تبرز أهمية قول الحقيقة - كقيمة مركزية - لا يمكن تجاوزها أو التلاعب بها.
فالحوار الصادق بين كل فئات المجتمع، والاعتراف الجلي بمشاكل وتحديات الواقع كما هي ، يشكلان الأساس الاهم الذي تقوم عليه الديمقراطية الحقيقية ..
أظن كلنا بات يعلم، بأنّ الديمقراطية ليست هي مجرد الانخراط في آلية اللعبة الانتخابية ، أو رسم نظام حكم يقوم على الاكثرية، وحسب ، بل هي - أي الديمقراطية - في جوهرها تقوم على تربية ووعي ، وتعليم وخبرة وثقافة،
و الاهم في - زعمي - خلق فضاء سوي ومفتوح للنقاش العام ، من أجل طلب الحقيقة ومعرفتها، و ذلك عبر التعبير عن حرية الرّأي والاعتقاد ، من قبل جميع مكونات الوطن المنشود ..
أي خلق فضاء إجتماعي سياسي فكري ، يلتقي فيه المواطنون والسياسيون لتبادل الرؤى حول تحسين الحياة المشتركة بين الجميع..
لكن للأسف الشديد ، لم يعد كثير منا يُميز بين الرأي والحدس، بين المعلومة والانطباع، وبين الحقيقة والتضليل..
نحن نعيش في زمن منفلش في كل شيء تقريباً ، وواقع تتكاثر فيه الأصوات المتنابذة ، وتتنافس فيه المصالح المتنافسة ، دون أي إحترام لقيم أو مراعاة للأخلاق ،
لدرجة بات من السهل تسويق الأكاذيب المضللة على أنها حقائق مزلزلة ، وصار من الطبيعي ان يتصدر المشهد السياسي والاجتماعي ، من لا يؤمن بالحقيقة أصلاً ، بل يستخدمها كأداة للتسلط والترهيب و الهيمنة على رقاب الناس وأفهامهم المضطربة أصلاً ..
إن القول بحق التعبير والرأي والاعتقاد ، و رفض مبدأ الإقصاء والتكفير والتخوين ، وقبول التعددية، وإشاعة ثقافة التسامح، ليست مجرد شعارات أخلاقية ، بل شروط وجودية وأساسية، لأي مشروع وطني ديمقراطي حقيقي ..
و حين يُمنح الإنسان هذا الحق ، يصبح - في تصوري - قادراً على تجاوز الحدس الاعتباطي والانفعال الاهوج ، ليصل إلى رأي عقلاني ، يمكن اختباره وتصويبه ومناقشته على الملأ .
قصارى القول :
أنا أعتقد بأن جوهر الديمقراطية يقوم على احترام حق الاقلية في التعبير عن رأيها ، واعتقاداتها ، وحماية سعيها في أن تصبح أكثرية،
وأن تكون المساعي لقول الحقيقة هدفا مشتركاً للجميع ، لا امتيازاً لفئة حاكمة أو أداة لسلطة غاشمة..
وفي غياب هذا الجوهر ، لا يبقى من الديمقراطية سوى قشورها ، ولا يظل من المجتمع سوى صورته المهشمة ، ولا يتحقق من حلم الوطنية و العيش المشترك سوى شعاراته الزائفة ..
zakariakurdi
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟