أفكارٌ بسيطةٌ غيرَ مُلزِمة لأحد ..( 42)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)

الحوار المتمدن-العدد: 8417 - 2025 / 7 / 28 - 07:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

----------------------------
عبر العصور، سعى الإنسان جاهدًا لكبح جماح نزعاته الغريزية، وترويض ميوله العدوانية والتدميرية، في سبيل بناء حضارة ، قائمة على السلم والتعايش.
لكن من بعض السؤال الذي يتبادر إلى ذهني ، هل يستطيع الإنسان فعلاً أن يتحكم بشكل كامل في طبيعته الوحشية؟
أم أنّ ما نراهُ من تقدّم وتحضّر، ليس سوى قناع رقيق، يُخفي خلفه طبيعة وحشية، لم ولن تتغير جذريًا؟
هل حقاً " لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية "بحسب تعبير الشاعر السوري نزار قباني ؟
- في زعمي مثل هذا السؤال ، يفتح بابًا للتأمل ملياً ، في رحلة الوعي البشري ككل.
فالمعلوم لدينا ، أن الإنسان ومنذ نشأته ، كان مدفوعًا بدوافع البقاء والهيمنة، لكن مع تطور الفكر وظهور الأديان والفلسفات، بدأ يتبلور داخل المجتمعات شعورٌ أخلاقي يدعو للرحمة والعدل وضبط النفس .
ثم مع مرور الزمن، تشكلت منظومات قانونية ومؤسسات اجتماعية تردع السلوكيات العدائية وتوفر إطارًا يحكم العلاقات ويضبط السلوك الفردي والجماعي.
ومن جهة أخرى، لم يكن التهذيب الأخلاقي وحده كافياً، بل ساهم الفن والثقافة في صقل النفوس وتحويل الطاقات الداخلية من أدوات هدم إلى منصات إبداع.
ثم بفضل التقدم العلمي، بات الإنسان أكثر فهمًا لتركيبة ذاته النفسية والبيولوجية، مما عزز قدرته على اتخاذ قرارات أكثر وعيًا وتحكمًا في نزعاته.
لكن ومع كل ذلك ، تبقى طبيعة الإنسان معقدة للغاية ، ومليئة بالتناقضات. فالرغبة في البناء لا تلغي وجود الميل للهدم، والإحساس بالعدل لا يلغي قابلية الظلم.
قصارى القول :
الحضارة - في تقديري - ليست حالة نهائية منجزة ، بل هي سيرورة متواصلة من الكبح والترويض، يظل فيها الإنسان معرّضًا للانفلات في لحظات الضعف والصراع . ورحلة وعي الإنسان في هذا الوجود هي رحلة تغير مستمر ، وبحث دائم و سبل تطور لاتنتهي ..
أخيراً يتوجب علي التنبيه لاصدقائي القراء ، إلى أن السؤال المطروح أعلاه ، لا يبحث عبر هذه العجالة القصيرة ، عن إجابة حاسمة قاصمة ، بقدر ما يدعو للتفكر العميق في حدود قدرة الإنسان على تجاوز ذاته بأعاجيب المتناقضات ..
ومن يدري .؟ ، لربما تكمن عظمة الإنسان ، ليس في القضاء على وحشيته تمامًا ، بل في سعيه الدؤوب لإبقاءها تحت السيطرة. كي تستمر عجلة الوعي الكلي نحو الحرية والفهم بالدوران ..!!!؟
zakariakurdi

#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل