زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 8072 - 2024 / 8 / 17 - 20:47
المحور:
الادب والفن
----------------------------
في جهة أولى ..
- رغم كل ما يُقال عن مساوئها العديدة ، إلا انّ "وسائل التواصل الاحتماعي" حققت بالفعل ، نقلة كبيرة في التواصل بين العقول المتخالفة ، وسهولة المواجهة بين مختلف مستويات الوعي بين الناس.
نعم ، ربما تسبّبت في خلق شكلا جديداً من أشكال الوحدة والإنعزال ، إلا أنها - في المقابل - رسمت لنا أيضاً ، حالاً مبتكراً -غير مسبوق - لميدان صراع الأفكار عن بعد ، بتقديمها ميزة اللغو أو الثرثرة في كل الأوقات ، و عدم الخوف من هيبة الكتابة ، و عبء الافصاح عن صراخ الأعماق بأقل ضرر ممكن ، سواء من تحمل النتائج لذلك ، أو التأثر بحكم الآخرين ، وهذا كله - في تقديري - شيء حسن ، إذ لا شيء يؤلم المرء أكثر من إبقاء كلّ شيء في داخله..
------------
من جهة ثانية ..
- أعتقد أن هذا اللّهاث المستمر السريع ، والإرهاق المُرّ و المُريع ، والسعي الدؤوب والفظيع ، وراء الجديد في كلّ شيء ، من شأنه أنْ يُدمرنا ، ويتسبّب في تعظيم شقاء أرواحنا ، أو يؤذينا أكثر فأكثر ، و بشكلٍ لا يوصف .
لا بد لنا من استراحة عقلية تأملية ما ،أن نعطي الأولوية - ولو قليلاً - لحياتنا الداخلية ، والا فنحن نخاطر بشدة ،
بالانفصال التام عن جوهر الذات الإنسانية الحقيقية.
والتعرّض لخطر الاحتراق المدمن ، بوقود الرغبات المُضللة واللامتناهية ،
في زعمي ، علينا اعادة الاتصال بين الفينة والأخرى بجوهرنا، أنْ ننصت إلى أعماقنا ،
أن نلاحظ هدير موجات أنفسنا المتلاطمة ، ونرقب اتجاهات مشاعرنا المتخاصمة ، ونحاول ان نلتقط إشارات دوافعنا النائمة في محاضن وعينا المضطرب..
علينا ذلك ، وإلا سنصبح - عاجلا أم آجلاً - مجرد محاصيل مُعلّبة ، لأفهام مسيّرة ، جاهزة للقطاف لأكثر من مرة ، من قبل وسائل الإعلام الماكرة ، وسطوة قوى التحكم الأخرى.
zakariakurdi
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟