أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ادم عربي - ديموقراطية طوباوية!














المزيد.....

ديموقراطية طوباوية!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8454 - 2025 / 9 / 3 - 22:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بقلم : د ادم عربي

لا يمكن الحديث عن ديمقراطية من دون انتخابات، وهذا ما تؤكده تجارب الشعوب التي عاشت الديمقراطية طويلاً. لكن السؤال المعاكس يظل مطروحاً وهو هل تكفي الانتخابات وحدها لتكون هناك ديمقراطية؟
في واقعنا العربي، حيث عشنا تجارب انتخابية كثيرة، يظهر الجواب بوضوح: نعم، يمكن أنْ تُجرى انتخابات من دون أي مضمون ديمقراطي. بلْ إنَّ هذا ليس احتمالاً مجرداً، بلْ حقيقة واقعة عشناها ورأيناها تتكرر.

يكفي أنْ تُجرى الانتخابات من دون ديمقراطية، خصوصاً إذا كان عدد المؤمنين بها في المجتمع قليلاً، حتى تفقد إرادة الناخب حريتها. فبدل أنْ يختار بناءً على قناعته، يجد نفسه خاضعاً لسطوة المال الانتخابي، أو تحت تأثير الانتماء الديني، أو تحت أسر التعصب، مثل العصبية القبلية والعشائرية، التي تتعارض تماماَ مع جوهر الديمقراطية.

عندما يتهافت الناس على صندوق الاقتراع في غياب حياة حزبية حقيقية، أو مع ضعف تأثير الأحزاب في المجتمع، ومع انتشار نظام انتخابي يشجع على المرشّح الفرد، تصبح النتيجة واضحة ، فالمرشّح الفرد، حين تتحول حالته إلى ظاهرة عامة، يعني تجريد الانتخابات من مضمونها السياسي ، أليس كذلك؟ .

لمن يختلط عليهم الأمر، أوضّح أنَّ الديمقراطية تشمل الانتخابات، لكنها ليست هي الانتخابات فقط. ففي عالمنا العربي نرى انتخابات كثيرة، لكن الديمقراطية نفسها نادرة وضعيفة. بلْ كلما ازدادت الانتخابات عدداً، تراجعت الديمقراطية أكثر، هذا إذا افترضنا أصلاً أنَّ لها وجوداَ حقيقياً في حياتنا السياسية والاجتماعية.

الديمقراطية، بما تحمله من قيم ومبادئ، هي حاجة أساسية لمجتمعنا، حتى لو لم يعلن عنها إلّا قلة من الناس. فالمجتمع، سواء أدرك ذلك أم لم يدرك، يحتاج إليها كما يحتاج الإنسان إلى الهواء النظيف، لأنها تحقق مصلحته الكبرى. أما الانتخابات الخالية من الديمقراطية، فهي مطلب الحكّام الذين يصلون إلى السلطة عبر طرق الاغتصاب المختلفة، ويسعون إلى انتزاعها من أصحابها الشرعيين، أي الشعب. وهؤلاء الحكام لا يجدون أمامهم سوى غطاء واحد لشرعنة حكمهم، هو "انتخابات بلا ديمقراطية"، يلبسونها كقناع يخفي حقيقة اغتصابهم للسلطة.

اللعبة الانتخابية يشترك فيها ثلاثة أطراف هم الشعب باعتباره جمهور الناخبين، والنواب أي المرشحون الفائزون، ثم السلطة الفعلية.
وتقوم اللعبة على أنَّ الشعب ينتخب، لكن غالباً ما يختار و بشكل مباشر أو غير مباشر مَنْ تفضّلهم السلطة الفعلية. وهكذا يتحول ما يُسمى عرساً انتخابياً إلى مأتم للديمقراطية، إذْ سرعان ما يدير النواب ظهورهم للناس، ولا يؤدون أي دور حقيقي سوى التبعية للسلطة التنفيذية، حتى لو كان ممثلها وزيراً صغيراً. أما النائب، فيبرر موقفه دائماً بخدمة ناخبيه، وكأنَّ هذه الخدمة لا تتحقق إلّا عبر ولائه السياسي للسلطة التنفيذية. والنتيجة أنه يوزّع الولاء بين الشعب والسلطة، ليعطي ما لله لله وما لقيصر لقيصر.

ومن خلال هذه "اللعبة الانتخابية"، التي تجري في ساحة بعيدة عن روح الديمقراطية، نصل إلى برلمان لا يمثل الشعب تمثيلاً حقيقياً. فبحساب الأصوات، لا يعكس سوى جزء صغير من الوزن الديمغرافي للشعب، أما من الناحية السياسية، أي من حيث التمثيل الفعلي لإرادة الناس، فهو بلا قيمة تقريباً.

والمفارقة المضحكة المبكية في هذه المأساة تظهر في ما يمكن تسميته بالأصوات الخاسرة، أي تلك التي لم تنجح في إيصال مرشحيها. فعدد هذه الأصوات قد يساوي أحياناً عدد الأصوات الفائزة التي جاءت بالبرلمان.

إذا أردت مقياساً حقيقياً لمعرفة مستوى الديمقراطية في التصويت، فانظر إلى الدافع الذي يجعل الناخب يختار مرشحه. ففي أغلب الأحيان، لا يكون هذا الدافع منسجماً مع قيم الديمقراطية، بلْ مناقضاً لها. فكيف يمكن الحديث عن مبادئ ديمقراطية بينما دوافع التصويت يصنعها المال السياسي، أو الانتماء الديني، أو العصبية القبلية والعشائرية؟

قل لي ما الذي دفعك للتصويت، وسأخبرك من أنت من منظور الديمقراطية.

فالانتخابات لا تصبح ديمقراطية إلّا إذا تحرر الدافع الذي يدفع الناخب للتصويت من تأثير المال السياسي، والانتماء الديني، والتعصب القبلي والعشائري. لكن هل يمكن أنْ يحدث هذا في مجتمع اختار أن يبقى بعيداً عن قيم ومبادئ الديمقراطية؟ فحين يذهب الناخب إلى الصندوق، يصوت غالباً بما يضمن بقاء السلطة الحقيقية في أيدي المغتصبين لها، وكأنه يوقِد النار تحت حقوقه السياسية والديمقراطية ومصالحه الحقيقية، لا الوهمية منها وهذه الفقرة تنطبق أيضاَ على المجتمعات الغربية المتحضرة .



#ادم_عربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميكانيكا الكم والجدل الماركسي!
- سوسيولوجيا -الآلة-
- حرية التعبير.. حق أم وهم؟
- متى ينقشع ضباب التدين عن صراعنا الواقعي؟
- الوطن ليس قطعة أرض فحسب،بل فكرة تتبدل!
- مقال قديم لاينشتاين!
- في الإرادة!
- الحياةُ هي أيضاً فلسفة!
- قليلٌ من الجدل!
- جدار من وهم!
- معارضون ضد الشعوب!
- سعيُّ الرأسماليين وراء الربح الإضافي!
- ما لا يدركه الليبراليون: الحرية كقناع للعبودية الحديثة!
- العقد شريعة الأقوياء!
- خرائط بلا أرض!
- حين يتحزّب الجميع ضد الجميع!
- ضحكتْ عليه امرأة !
- تشوّه الإدراك لفكرة الانتقال الزمني!
- ما يُتَعَمَّد تجاهله في دساتيرالعرب!
- العمل!


المزيد.....




- تونس - غزة: تأجيل انطلاق أسطول -الصمود المغاربي- إلى الأحد و ...
- فرنسا - الجزائر: الرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي يدعو لنهج أكث ...
- ديمقراطيون يطالبون الخارجية الأمريكية بوقف تمويل -مؤسسة غزة ...
- اعتراضًا على مشاركة الفريق الإسرائيلي.. متظاهرون يوقفون سباق ...
- ماذا نعرف عن محاكمة الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو بتهمة ...
- السجن 30 شهرا للناشطة النسوية المغربية ابتسام لشكر بتهمة الإ ...
- القضاء المغربي يصدر حكما بالسجن 30 شهرا في حق الناشطة ابتسام ...
- ليبيا: هل تؤدي -التعبئة العسكرية- إلى -مواجهة مسلحة-؟
- مرسيليا: ما الذي قاله المدعي العام الفرنسي عن مقتل مهاجم تون ...
- -وضعوه في الأكل-.. المنصات تتهم تل أبيب بدس الفيروس المنتشر ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ادم عربي - ديموقراطية طوباوية!