أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - ادم عربي - تشوّه الإدراك لفكرة الانتقال الزمني!














المزيد.....

تشوّه الإدراك لفكرة الانتقال الزمني!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8393 - 2025 / 7 / 4 - 01:44
المحور: الطب , والعلوم
    


بقلم : د . ادم عربي

ليس من السهل على المرء، حتى لو امتلك قسطاً وافراً من الثقافة في ميدان الفيزياء، أنْ يستوعب ويدرك بعمق العديد من المفاهيم والأفكار التي تطرحها "نظرية النسبية" بنسختيها الخاصة والعامة لآينشتاين. هذه الحقيقة لا تُقلِّل من شأن الجهد المطلوب لفهمها. ومع ذلك، فإنَّ آينشتاين نفسه أشار في إحدى المناسبات إلى أنَّ الفهم الحقيقي لأي نظرية فيزيائية أو كونية معقَّدة لا يتحقق إلّا إذا استطاع المرء أنْ يشرحها ويبسِّطها لطفل لا يتجاوز السادسة من عمره.
رغم أنَّ فكرة السفر عبر الزمن تُعدُّ من أبرز المفاهيم التي طرحتها نظرية النسبية العامة، إلّا أنَّها كثيراً ما تُفهم بشكل خاطئ. ويتجسَّد هذا اللبس في منشور علمي على موقع عربي، حيث يوضح المثال التالي: لو افترضنا إمكانية العودة إلى الماضي وقام شخصٌ بقتل موسوليني وهتلر قبل الحرب العالمية الثانية،لكان منع الحرب، لكن من المنطقي ألَّا يتحقق هدفه؛ لأنَّ نجاحه في منع الحرب سيزيل السببَ الأصليَّ الذي دفعه للسفر عبر الزمن أساساً.

لكن هذا الطرح يعكس فهماً مغلوطاً للفكرة. فمثل هذا المثال يُظهر إلى أي حدٍّ يمكن لسوء الفهم أنْ يشوّه تصور "السفر عبر الزمن".

والصحيح أنَّ "السفر عبر الزمن"، إنْ اقتصر معناه على الانتقال إلى المستقبل دون الماضي، هو فكرة علمية راسخة، أكّدتها وأثبتتها عدة تجارب واقعية.

لقد ألفَ الإنسان، أو لنقل العقل البشري، مفهوم "السفر عبر المكان"، إذ ْإنَّ التنقُّل من موقع إلى آخر هو أمر مألوف يتم خلال مدة زمنية تطول أو تقصر حسب "سرعة الانتقال"، وهذه السرعة تتحدد بحسب "وسيلة التنقُّل" المستخدمة، سواء أكانت مشياً على الأقدام، ركضاً، أو باستخدام وسائل مثل الحصان أو السيارة. في هذا النوع من السفر، أي "السفر المكاني"، تبقى "المسافة" ثابتة لا تتغير، في حين أنَّ "الزمن المستغرق" هو الذي يختلف تبعاً للوسيلة المستخدمة في الحركة.

إنَّ السفر عبر الزمن" يختلف جذرياً عن السفر في المكان؛ فهو في جوهره انتقال إلى المستقبل، لا إلى الماضي. هذا النوع من السفر ليس مجرد خيال، بلْ نتيجة حتمية لما يُعرف بـ "تمدُّد الزمن" أو "تباطؤه" أو "انحنائه". ويحدث هذا التمدد الزمني في حالتين: إما عندما يقترب الشخص في حركته من سرعة الضوء وهي نحو 300 ألف كيلومتر في الثانية دون أنْ يبلغها أو يتجاوزها، أو عندما يوجد في مجال جاذبية شديدة القوة تؤثر على سريان الزمن من حوله.

يبقى هذا الشخص، أو الراصد، سواء كان في حالة السرعة العالية أو تحت تأثير جاذبية قوية، يعيش ويتقدَّم في العمر بحسب إيقاع الزمن الخاص به؛ أي وفقاً لإحداثيات "الزمكان" التي تخصه هو تحديداً.

لو تواجد هذا الشخص داخل مركبة فضائية تسير بسرعة تقارب سرعة الضوء وهي الحد الأعلى للسرعات في الكون فإنَّ الدقيقة الواحدة التي تمر عليه ستساوي، على سبيل المثال، آلاف السنين بحسب توقيت الأرض. فالمراقب الأرضي، إذا راقب ساعته، سيلاحظ أنَّ كل دقيقة تمر على المسافر تُعادِل عدة ساعات، أو أيام، أو حتى سنوات أرضية.

لكن هذا المسافر لنْ يشعر بأي فرق، ولنْ يلحظ تغيراً في الزمن داخل مركبته؛ فكل شيء في "كونه المصغَّر" يبدو طبيعياً تماماً. نبضات قلبه ما زالت نحو 75 في الدقيقة الواحدة وفق ساعته هو، والمسافة التي يقطعها مشياً داخل المركبة تستغرق نفس الخمس دقائق المعتادة، وإعداده لفنجان من القهوة لا يزال يتطلب عشر دقائق كما اعتاد، بحسب توقيته الشخصي.

باختصار، من داخل عالمه الصغير لا تبدو هناك أي إشارة على تغيّر الزمن؛ كل ما يجري حوله يحدث كأنه لا يزال على سطح الأرض.

أين يتجلّى إذن "السفر إلى المستقبل" في هذا السياق؟

لو عاد هذا المسافر إلى الأرض بعد أنْ قضى، حسب ساعته الخاصة، سنةً واحدة في رحلة ذهاباً وإياباً، فسيفاجأ بأنَّ الأرض قد تقدّم بها الزمن 200 ألف سنة، على سبيل المثال. وبهذا المعنى، يكون قد قفز فعلياً إلى المستقبل، إذ زار كوكب الأرض بعد مرور 200 ألف سنة أرضية منذ انطلاقه.

عمره الشخصي ازداد عاماً واحداً فقط، بينما عمر الأرض زاد 200 ألف عام، وهذه هي الصورة الدقيقة لفكرة "السفر إلى المستقبل" كما تصفها النسبية.

هل يمكن لهذا المسافر أنْ يعود إلى الماضي؟

الإجابة: لا، لا يمكنه ذلك، ولن يكون بمقدوره أبداً، والسبب ليس منطقياً بلْ فيزيائي بحت؛ فـ"سهم الزمن" يتحرك دائماً إلى الأمام، ولا توجد آلية طبيعية تجعله يرتد إلى الخلف.

صحيح أنَّ بعض التصورات التي تنتمي إلى عالم الخيال العلمي تدّعي أنَّ تجاوز سرعة الضوء قد يسمح بالعودة إلى الماضي، كالسفر إلى ماضي كوكب الأرض مثلاً، لكننا نعلم يقيناً من قوانين الفيزياء أنَّ لا شيء في هذا الكون يمكنه تجاوز سرعة الضوء.

ومن زاوية المنطق أيضاً، نجد أنه من غير الممكن العودة إلى الماضي؛ تخيّلوا، مثلاً، أنَّ هذا الشخص تمكن من السفر إلى زمنٍ سابق لولادته، وزار والدته قبل أنْ يُولد بشهر واحد، ثم أقدم على قتلها. فكيف يمكن له، منطقياً، أنْ يولد لاحقاً ليقوم بهذه الرحلة إلى الماضي؟! هذه المفارقة المنطقية تُبيِّن بوضوح استحالة السفر إلى الماضي.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما يُتَعَمَّد تجاهله في دساتيرالعرب!
- العمل!
- امرأةٌ جميلةٌ!
- فائض الغذاء وجوع المليارات!
- مجتمع الحقوق!
- طريقةُ فهم المفاهيم!
- نجوم بلا لهب!
- مفهوم -فاليريزم- (Valerism) كما ورد في كتاب The Physics of C ...
- جدليةُ الإحساس!
- في فلسفة نسبية -الآن-!
- نساء٣
- في الزمن!
- هل رأيت يوماً ذكراً خالصاً؟
- بعضٌ من جدل فلسفة التغيير!
- صرخةُ العدم!
- التفسير المثالي والواقعي للسياسة!
- ما هي الحقيقة من منظور جدلي؟
- فلربما!
- صفورا
- رواتب النواب والوزراء!


المزيد.....




- كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لحماية الحيتان القاتلة؟
- دراسة جديدة.. -عاصفة القرن- المقبلة قد تكون أشد تدميرا
- أوبزرفر: لماذا سحبت -بي بي سي- فيلما عن قصف الأطقم الطبية بغ ...
- أطعمة يجب تجنبها إذا كنت تعاني من حموضة أو مشكلات في الأمعاء ...
- نيزك الزبرجد الجزائري.. عمره 2.5 مليار سنة ويعيد كتابة تاريخ ...
- 5 أشياء يجب التوقف عنها عند شرب القهوة
- منها استخدام السلم.. لو مابتحبش الرياضة اتبع هذه الخطوات للي ...
- ثبتها دلوقتي “تردد قناة طيور بيبي TOYOUR EL-BABY KIDES TV” . ...
- مش بس ماء الشعير.. 5 علاجات منزلية للتخلص من حصوات الكلى
- مابتعرفش توصل فكرتك.. ما هو اضطراب التواصل وطرق علاجه


المزيد.....

- هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟ / جواد بشارة
- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - ادم عربي - تشوّه الإدراك لفكرة الانتقال الزمني!