أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - ادم عربي - رواتب النواب والوزراء!














المزيد.....

رواتب النواب والوزراء!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8338 - 2025 / 5 / 10 - 20:47
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


بقلم : د. ادم عربي



عندما ينتقد كاتب صحفي ارتفاع الرواتب الكبيرة والمبالغ فيها للوزراء والنواب وغيرهم ممن يُفترض أنَّهم يعملون في "الخدمة العامة"، التي تترافق مع امتيازات مغرية، قد يُتهم هذا الكاتب بالغيرة أو الحسد أو بما يسمى "الحقد الطبقي". وربما يُطرح عليه السؤال الشهير: "إذا أُتيح لك أنْ تصبح وزيراً أو نائباً، هل كنت ستتخلى عن هذه الرواتب والامتيازات أو تتوقف عن المطالبة بها؟"



هذا السؤال أعادني إلى مقولة للفيلسوف الألماني نيتشه عن الفساد. فقد رأى نيتشه أنَّ البشر ينقسمون إلى فئتين في علاقتهم بالفساد: فئة قد فَسدت وأفسدت، وفئة لم تحصل بعد على فرصة الفساد. وإذا اعتبرنا الرواتب والامتيازات الضخمة مظهراً من مظاهر الفساد الإداري، فإنَّ "البيروقراطية" هي التربة الخصبة التي تغذي هذا الفساد.



البيروقراطية، ذلك النظام الذي يخلق انفصالاً بين "خدام الشعب" والشعب نفسه، تتجسد في الرواتب العالية والامتيازات. هذه الجاذبية المفرطة لتلك المناصب والتي بفضل جاذبيتها التي تعدل جاذبية "الثقب الأسود" تجعل السياسيين مضطرين إلى تقديم خطابات انتخابية مملوءة بالوعود الجذابة والتودد للشعب، فقط لجذب أصوات الناخبين. هذه الوعود أشبه بالطُّعم في صنارة الصيد، تستغل حاجات الناس وآمالهم.



لو كانت المناصب العامة فقيرة من حيث الرواتب والامتيازات، لما سعى إليها إلّا من لديه رغبة حقيقية في خدمة الشعب بإخلاص. ولأصبحت الخطابات السياسية أكثر صدقاً وتناغماً بين الأقوال والأفعال.



لقد قرأت الشيء الكثر عن البيروقراطية، ومساوئها، وأسبابها، ونتائجها، وطرق مكافحتها والتخلص منها.



أنا لا أدعوكم للنظر إلى البيروقراطية من منظور ماركس، فالله لا يكلف نفساً إلّا وسعها. لكنني أدعوكم لتخيل النتائج والعواقب المترتبة على إقرار قانون للخدمة العامة، يمنع بموجبه النائب، أي خادم الشعب وممثله، من تقاضي راتب يزيد عن متوسط الراتب في مجتمعه، ويسمح للناخبين بخلعه في أي وقت إذا أساء التصرف أو استغل سلطته.



إذا تحقق هذا، أو جزء منه، فلن يتمكن أي نائب من التصرف وكأنَّ الصوت الانتخابي يشبه كوباً من الكرتون أو البلاستيك، يستخدمه مرة واحدة فقط ويلقيه في سلة المهملات.



ولو سُئل هذا الوزير أو النائب عن الحكمة غير الظاهرة والكامنة في رغد العيش هذا ، والذي هو توأم شظف العيش الذي يقاسي منه الشعب في هذا الزمن الاقتصادي العالمي الرديء، لأجابك على البديهة قائلاً إنَّ استقلال السلطة التشريعية يظل وهماً خالصاً، ولنْ يغدو حقيقة واقعة، ما لمْ يحرز النائب شخصياً استقلالاً اقتصادياً عبر الراتب والامتيازات..



نظام الرواتب والامتيازات أدى إلى نشوء جيش كبير من النواب والوزراء السابقين والمتقاعدين، جميعهم يتمتعون برواتب ضخمة وامتيازات لا تنتهي. وفي الوقت نفسه، يعاني المواطن العادي من ظروف اقتصادية قاسية. والسؤال هنا: هل يمكن لأحد أنْ يحصي عدد الوزراء والنواب السابقين الذين يستفيدون من هذه الامتيازات؟



إلى جانب ذلك، هناك علاقة وطيدة بين القطاع الخاص والسلطة. فكثير من الوزراء يأتون من القطاع الخاص ثم يعودون إليه بعد انتهاء فترة "الخدمة العامة". وخلال وجودهم في المناصب العامة، لا ينسون تبادل المنافع مع هذا القطاع. هذا التداخل يعمق الفجوة بين الشعب والمسؤولين، ويعزز منطق المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة.



الخدمة العامة، التي يُفترض أنْ تكون تضحية في سبيل الشعب، أصبحت مجرد وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية وامتيازات. النواب والمسؤولون يتحدثون عن "خدمة الشعب" بينما تصرفاتهم تعكس انفصالاً متزايداً عن معاناة الناس. وفي الوقت ذاته، نجد خطابهم مليئاً بالتبريرات التي تسعى إلى إضفاء شرعية على هذا التفاوت الكبير بين ما يحصلون عليه وما يعانيه الشعب.



إصلاح النظام البيروقراطي يتطلب تغييراً جذرياً في مفهوم الخدمة العامة. يجب أنْ تكون المناصب العامة وسيلة لخدمة الشعب بصدق، لا طريقًاً لجمع الثروات أو تحقيق الامتيازات. قوانين أكثر عدالة وشفافية يمكن أنْ تقلص هذه الفجوة، وتجعل السياسة وسيلة لتحقيق الخير العام، بدلاً من أنْ تكون حلبة لمصالح شخصية.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكاء الاصطناعي بين هيمنة رأس المال ومقاومة الاستغلال!
- كرة القدم.. لعبة الفقراء سرقها الأغنياء!
- ابحث عن شمسٍ تشرق في الليل!
- لا يَتَخَلَّص الإِنسان مِنَ الوَهم إِلّا بِتَجرِبَتِهِ!
- يوم العمَّال العالمي!
- عندما تُصبح المعارضة وظيفة حكومية!
- كيف تكون مادياً في التفكير؟
- امرأة في قطار!
- ما هو الرأسمال؟ ومن هو الرأسمالي؟
- نحنُ أُمَّةٌ لا تَشكو أبداً فراغاً معرفياً!
- كُتاباً على شكل تُجار!
- لو كان الفساد رجلاً لقتلته!
- أبدية الأسى!
- ترمب يُقوض سيطرة الدولار!
- مسخ مفهوم الأكثرية!
- أربعة أعداء للديمقراطية!
- الاعتذار!
- في التربية!
- وحدة الفلسفة والعلم أمر ممكن!
- إمبريالية على الطريقة الأفلاطونية!


المزيد.....




- تحليل.. لماذا تباين ترحيب الهند وباكستان بدور أمريكا في وقف ...
- بيسكوف: لا توجد لدى روسيا قنوات حوار مع الرئيس الفرنسي
- وزير الخارجية الصيني: بوتين أعرب لشي عن استعداد روسيا للتفاو ...
- مصر.. القضاء يسدل الستار على جريمة مروعة هزت البلاد
- أغنية خاصة من ماجد المهندس.. ترحيب عراقي مؤثر بضيوف القمة ال ...
- سلامك النفسي يبدأ من الأنف، كيف؟
- تصعيد دامٍ في دارفور وكردفان: الجيش السوداني يكثّف غاراته ال ...
- الدوري الألماني - هبوط بوخوم وهولشتاين كيل في الجولة قبل الأ ...
- بيسكوف يؤكد عدم وجود رد فعل من قبل كييف على اقتراح بوتين مفا ...
- الداخلية العراقية: منع تنظيم أي تظاهرة في بغداد حتى العشرين ...


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - ادم عربي - رواتب النواب والوزراء!