أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - عالم الرياضة - ادم عربي - كرة القدم.. لعبة الفقراء سرقها الأغنياء!














المزيد.....

كرة القدم.. لعبة الفقراء سرقها الأغنياء!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 17:52
المحور: عالم الرياضة
    


تتناقلها أقدام اللاعبين، من الصغار إلى الكبار، تُدفع هنا وهناك بلا قدرة على الرفض أو الاختيار، لا تملك رأياً ولا حتى قدمين تدافع بهما عن نفسها.
أنا من العاشقين لها، رغم أنَّ ميولي تميل دائماً نحو كل "صراع حقيقي". فهل تحمل هي في طياتها ما يُمكن أنْ يُعد وجهاً من وجوه ذلك الصراع؟ هل تستحق كلّ هذا الشغف؟ ومع ذلك، لا أنكر أنني من عشاقها.

إنَّها معركة محورها كرة، وسلاحها القدم، حتى الرأس لمْ يسلم، فقد تحوَّل فيها إلى "قدم ثالثة" تُستخدم لتسديد الكرة!.

لكن ما عبَّرتُ به من نقد وهجاء ، وإنْ لمْ يخرج من أعماق قلبي، لا ينتقص من القيمة الاجتماعية والتاريخية العميقة التي تنطوي عليها لعبة كرة القدم، فهي ليست مجرد لعبة، بلْ ضرورة فرضها الواقع الاجتماعي والتاريخي، مما يمنحها شرعية ووجوب الحضور.

كرة القدم وُلدت من واقع الفقراء والمحرومين، هم من أبدعوها وأطلقوها إلى العالم، قبل أنْ يستولي عليها الأغنياء ويُحكم رأس المال سيطرته عليها، ليحوّلها إلى منجم جديد للربح الهائل، ويجد فيها ذريعة لخصخصتها، وتسليع كل ما يرتبط بها من قريب أو بعيد.

لقد ابتكرها الفقراء لأنَّهم لمْ يملكوا القدرة على ممارسة نظيرتها الأرستقراطية؛ فالنبلاء كانوا يمارسون لعبتهم الخاصة بضرب الكرة بعصي طويلة وهم على صهوات الخيول.

إنَّها لعبة يجد فيها الفقراء متنفساً لحاجات نفسية ما كانت لتتشكّل أو تشتد لولا ما يعانونه من قسوة الواقع، فهي بمثابة عالمٍ وهمي بديل، يفرّغون فيه آمالهم المكبوتة، ويحققون ما يعجزهم عنه فقرهم وضعفهم في الحياة الحقيقية.

بواسطتها يحتمون من شرور الكبت، ويحتمون معها حتى من بطش من يقهرهم، فالانفراج أهون من الانفجار؛ والدخول في صراع مع "عدو متخيَّل" أأمن من مواجهته مع العدو الحقيقي. إنَّ تحطيم الصحون والكؤوس أقل كلفة من كسر القيود، والدموع التي تسكبها الملاعب، فرحاً أو حزناً، هي البلسم لما اختنق من دموع السياسة. ففي "وادي الدموع" الذي لا نهاية له، لا بدَّ من تزيينه بأزهار الوهم كي يحتمل العيش فيه.

كلُّ ما تقيّده السياسة وتحجبه عنك أنت، ويمنعه سادتها وأربابها، يُباح لك على أرض الملعب؛ هناك وحدك تصبح صانع الحدث، والبطل، والقائد ، والنجم، ورمز الشهرة، تبهر الجماهير ببراعة قدميك، وتنهل من تلك التجربة دروساً في معنى "الجماعية" و"التعاون" ممارسةً وروحاً. تتعلم، وتُعلِّم غيرك، كيف تتوازن "الأنانية" مع "الغيرية"، وكيف يُصاغ الرابط بين الفرد والجماعة ، بين النجم والجمهور. وهناك أيضاً تُدرك، ويُدرك معك الجميع، أنَّ تحقيق الهدف لمْ يعد ممكناً إلّا بأقدام تُؤمن بأنَّ الفرد من أجل الكل، والكل من أجل الفرد.

أمّا إذا كنت من أبناء الملاعب ، تنتمي إلى الشارع الرياضي المسموح، لا إلى الشارع السياسي المحظور، فلك حينها كامل الحق في التجمّع، أنْ تحتشد مع الآلاف، بلْ عشرات الآلاف من أمثالك، وتهتف وتصرخ وتُعبّر، دون أنْ يُساء إليك أو يُمنع صوتك.

إنَّها رياضة، لكنّها ليست مجرد رياضة فقط، حتى وإنْ رفضها أرسطو وأتباع منطقته؛ فهل هناك رياضة تلامس السياسة أكثر من كرة القدم؟!
كرة القدم التي تفتقر إلى السياسة، أو التي تنخفض فيها بشكل كبير تأثيرات السياسة، تشبه وجبة بلا توابل وبهارات؛ قد تكون صحية، لكنها تفتقر إلى الطعم المميز. فالرياضة التي لا تحمل بداخلها شيئاً من السياسة تفقد جزءاً كبيراً من جاذبيتها وحيويتها.

أما أسوأ أشكال التسييس التي مرت بها كرة القدم، فقد شهدتها هذه الرياضة في عالمنا العربي. وكلنا نتذكر الأحداث الرياضية التي جرت في بلاد العرب، والتي تتكرر بشكل يكفي للتعميم. حيث تسعى مصالح سياسية ضيقة إلى تحويل هذه الأحداث الرياضية إلى مناسبات تاريخية، وكأنَّ شحن مشاعر الملايين من الجماهير على جانبي الحدث بعصبية تافهة وحقيرة، انطلاقاً من لعبة رياضية، يمكن أنْ يمنح أصحاب تلك المصالح وزناً شعبياً يصعب عليهم تحقيقه من خلال علاقاتهم الواقعية مع شعوبهم.

لقد عرفَت السياسة التي تختبئ وراء تلك الرياضة كيف تحول لعبة كرة القدم إلى حدث تاريخي عظيم، وكيف تستعير من الماضي ومن الأموات الأسماء والشعارات القتالية، واللغة، وحتى الأزياء. فـالفراعنة والفرعونية ، والسومريون والبابليون والأمازيغ، وداحس والغبراء ، وموتى آخرون، كلهم ظهروا على الملعب، وكأنَّ المقاصد الحقيقية والواقعية للحاضر، تلك التي تخص اللاعبين السياسيين وليس اللاعبين الرياضيين ، لا يمكن تحقيقها إلّا من خلال استحضار هذا الماضي المستعار.

من البديهي أنَّ الحاجة إلى الأوهام، بما تولده من عصبيات ضيقة وسخيفة، هي في الواقع ملاذ أولئك الذين يسعون لخداع أنفسهم. هم من يهربون من مواجهة الحقيقة، محاولين إخفاء جوهر الصراع الفعلي، فيبقون أسرى مشاعر حماس فارغة، تُخَيَّل لهم كأنَّهم يعيشون في قلب تراجيديا تاريخية عظيمة، بينما هم في الواقع يهربون من الواقع القاسي.


لا شك أنَّ التمسكَ بالأوهام وما تفرزه من تعصبات هشّة وضئيلة القيمة، لا يلجأ إليها سوى أولئك الذين يسعون لخداع ذواتهم، وإخفاء الجوهر الحقيقي للنزاع وللصراع عن أعينهم وأعين الآخرين، بينما يحافظون على وهج حماسهم قريباً من ذروة المأساة التاريخية الجليلة.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابحث عن شمسٍ تشرق في الليل!
- لا يَتَخَلَّص الإِنسان مِنَ الوَهم إِلّا بِتَجرِبَتِهِ!
- يوم العمَّال العالمي!
- عندما تُصبح المعارضة وظيفة حكومية!
- كيف تكون مادياً في التفكير؟
- امرأة في قطار!
- ما هو الرأسمال؟ ومن هو الرأسمالي؟
- نحنُ أُمَّةٌ لا تَشكو أبداً فراغاً معرفياً!
- كُتاباً على شكل تُجار!
- لو كان الفساد رجلاً لقتلته!
- أبدية الأسى!
- ترمب يُقوض سيطرة الدولار!
- مسخ مفهوم الأكثرية!
- أربعة أعداء للديمقراطية!
- الاعتذار!
- في التربية!
- وحدة الفلسفة والعلم أمر ممكن!
- إمبريالية على الطريقة الأفلاطونية!
- نساء ٣
- الفلسفة والعلم والحقيقة -جدلياَ-!


المزيد.....




- استدعاء نجل رونالدو إلى صفوف منتخب البرتغال يثير تفاعلاً
- أول الراحلين عن الزمالك بعد سقوطه في -كمين- البنك الأهلي
- نجم باير ليفركوزن فيرتز يصدم مدربه وريال مدريد
- رافينيا يوجه سهامه نحو تشافي: لم يثق بي.. ولا أصدق ما فعله أ ...
- عقوبات قاسية على الأهلي في مرحلة الحسم للدوري
- نجل رونالدو ينضم لمنتخب البرتغال لأول مرة
- خبر سار لسان جيرمان قبل مواجهة أرسنال.. وحكيمي: نستحق الوصول ...
- الإمارات.. معاقبة شباب الأهلي والوصل بسبب أعمال شغب من جماهي ...
- على عتبة مبارة إنتر ميلان المصيرية.. ليفاندوفسكي يتوجه بطلب ...
- وزير فرنسي يعتذر لجماهير ليفربول عن -أكبر فشل- ارتكبه بنهائي ...


المزيد.....

- مقدمة كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم / ميكايل كوريا
- العربي بن مبارك أول من حمل لقب الجوهرة السوداء / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - عالم الرياضة - ادم عربي - كرة القدم.. لعبة الفقراء سرقها الأغنياء!