أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - سليمة خضير تغلق شباك السنين














المزيد.....

سليمة خضير تغلق شباك السنين


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 17:23
المحور: الادب والفن
    


من يعود إلى المشاهد القليلة التي أدتها سليمة خضير في فيلم “الحارس” مع الفنانة زينب، الذي أُنتج عام 1967، سيشعر بشيء من الراحلة “أم وسام”. فهذه الممثلة العراقية التي رفعت تلويحتها الأخيرة الأسبوع الماضي في وداع أبدي، لن تكتفي بأن تسكن الذاكرة، إنها من ذلك النوع الذي يترك أثرًا لا يغادر المشاعر.
أتذكر أمي التي لم أرها منذ أكثر من ثلاثة عقود، كانت تحب سليمة خضير، ربما لأنها عرفت وأنا طفل لم يتجاوز العاشرة، أحببتها. كانت تسميها باسم أحد أدوارها “حجية كرجية”، حتى وإن ظهرت في دور آخر.
لكن أكثر ما ربطني بسليمة خضير كان عثوري على روايتها نخيل وقيثارة… قرأتها بشغف وكأنني أعيش دراما بطلتها الممثلة لا الكاتبة.
في كل ما كُتب بعد وفاتها لم يُشر إلى أن سليمة بدأت قاصة، وأصدرت مجموعتين قصصيتين، إضافة إلى رواية “نخيل وقيثارة” التي صدرت عام 1973، قبل أن تكمل دراستها للغة العربية في الجامعة المستنصرية ببغداد.
هناك قائمة طويلة من الأعمال الدرامية كانت سليمة خضير سيدتها، لكنها في سنواتها الأخيرة لم تحصد سوى الخذلان والخيبة، مثل أي فنانة عراقية، بينما كان ينبغي على الذاكرة والتاريخ أن يضعاها في مقام نخلة عراقية.
من يتذكر الآن تمثيلية “قيس وليلى في الريف”، التي حُوّلت بطريقة كوميدية ونُقلت أحداثها إلى بيئة الأهوار؟ سليمة كانت بدور ليلى، بينما حبيبها قيس جسّده الفنان سلمان الجوهر. ولنا أن نتخيل كيف كان قيس يتغزل بليلى بشعر شعبي عراقي! تلك كوميديا جعلت البيوت الريفية ترى نفسها على الشاشة صورةً طبق الأصل من حياتها.
لم أتوقف يومًا، وأنا على تواصل دائم مع شقيقتها المطربة أمل خضير، عن السؤال عنها متحسرًا. كانت أمل تجيبني بمرارة: إن “أم وسام” كمن تترقب موتها بعد رحيل ولدها في حادث مفجع.
قضت سنواتها الأخيرة في محافظة أربيل شمال العراق، وكأنها تهرب من بغداد التي خذلتها، أما البصرة فبدت أبعد من أن تُدرك. فالتجأت إلى كتابة مذكراتها، وهي أمانة تاريخية وأخلاقية ينبغي أن تنشر، فمن يتولى ذلك؟
ما زلت أتذكر لقائي الأخير بسليمة خضير، مصادفةً، في أروقة وزارة الثقافة والإعلام قبل خمسة وثلاثين عامًا. عندما رأتني، كانت كمن ينتظرني. شعرتُ بالفخر وهي تقول: “تعال كرومي، عندي كلام معك”. بالفعل، تحدثت بشغف عن حوار أجريته مع شقيقتها أمل خضير، نشر في جريدة الجمهورية، ركزت فيه على “ملامة” أننا نخسر أمل التي أحببناها في أغنية “من الشباك”.
قالت لي سليمة: “كل أسئلتك كانت تعبر عني في كل ما أحبه بغناء أمل”. كانت تستعيد تلك الأغنية، التي مضى عليها آنذاك أكثر من عشرين عامًا، وكأنها تعود لتسمعها كلما أوجعها الحنين.
أغنية “من الشباك” التي كتبها داود الغنّام، ولحنها الموسيقار الراحل محمد جواد أموري، واحدة من باقة أغانٍ توّج بها صوت أمل خضير. صنعت حكاية غنائية يجتمع حولها العشاق، حين تترقب الحبيبة من خلف الشباك عيون القادم إليها.
اليوم لم يعد بمقدور سليمة خضير أن تقف عند شباك السنين لتتأمل نصف قرن من المسرح والدراما العراقية التي مرّت بها، وبقيت في ذاكرة العراقيين جميعًا. لم يعد بوسعها أن تتأمل كيف خذلها الزمن والمؤسسات، ولم تجد في نهاية حياتها سوى منزل قطعت أوصاله تعيش فيه كهولتها مع زوجها، لاعب نادي الميناء بكرة القدم، حمزة قاسم.
وفي سنواتها الأخيرة، بقيت برعاية حفيدها، كأنها تعيد وجعًا عرفته فنانات عراقيات كثيرات، من سليمة مراد إلى مائدة نزهت، حتى نصل إلى ما عاشته آزادوهي صاموئيل وتعيشه سعدية الزيدي، وهما بعيدتان عن عراقهما!



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخوف وليس السأم من يطيح بهم
- عريبي والشيخ وبلخياط والجميري
- ترامب وبوتين يعيدان تعريف المسافة السياسية
- لاريجاني في بغداد غيره في بيروت
- في مديح الألفاظ البذيئة!
- مردوخ سلّعَ الصحافة وترامب شيطنها
- الفساد والفشل كشرف سياسي في العراق
- صراع دول على صالح الكويتي
- طريق الأعظمية ينتهي في تونس
- لماذا يخترع الأدباء سيرة مزيفة؟
- وماذا عن صحافيينا القتلى؟
- إنه يتذوّق الموسيقى أيضًا!
- أيّ نوع من الناس نريد أن نكون؟
- ماذا تبقى من مرونة إيران السياسية
- الشوالي يستحوذ على بلاغة اللغة
- تحبّ السياسة لأنها تحبّ الناس
- الراحل هيثم الزبيدي شاهد على العَصرِ الرابع
- زوكربيرغ يسوّق لصناعة المشاعر
- لعنة العراق أم متلازمة صدام!
- لهيثم الزبيدي وجع الدموع في مآقيها


المزيد.....




- فساتين جريئة تسرق الأضواء على السجادة الحمراء بمهرجان الجونة ...
- ورشة برام الله تناقش استخدام الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار ...
- أسماء أحياء جوبا ذاكرة نابضة تعكس تاريخ جنوب السودان وصراعات ...
- أنقذتهم الصلاة .. كيف صمد المسلون السود في ليل أميركا المظلم ...
- جواد غلوم: الشاعر وأعباؤه
- -الجونة السينمائي- يحتفي بـ 50 سنة يسرا ومئوية يوسف شاهين.. ...
- ?دابة الأرض حين تتكلم اللغة بما تنطق الارض… قراءة في رواية ...
- برمجيات بفلسفة إنسانية.. كيف تمردت -بيز كامب- على ثقافة وادي ...
- خاطرة.. معجزة القدر
- مهرجان الجونة يحتضن الفيلم الوثائقي -ويبقى الأمل- الذي يجسد ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - سليمة خضير تغلق شباك السنين