أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - أيّ نوع من الناس نريد أن نكون؟














المزيد.....

أيّ نوع من الناس نريد أن نكون؟


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 16:51
المحور: الادب والفن
    


عندما كتبت الروائية الأميركية نيكول كراوس روايتها “تاريخ الحب”، اكتشف القراء أن هناك المزيد من الأسئلة التي ينبغي عليهم إطلاقها، على نفس المستوى الذي دفع دار نشر إلى إبرام عقد معها لكتابة عملين آخرين، بقيمة أربعة ملايين دولار!
ماذا يعني هذا غير أننا بحاجة إلى إعادة اكتشاف أنفسنا من خلال القراءة والكتابة، لا من خلال أيّ شيء آخر متعلق بالعصر الرقمي؟
آخر الأسئلة التي طرحتها هذه الروائية، التي وُلدت كفتاة محظوظة لأنها ابنة مهندس وطبيبة، وتنقّلت معهما في بلدان بنيت على إنجازات وأنقاض الحضارات. وهو ما جعلها تدرك المنحنى الطويل للتاريخ الذي شهد صعود وسقوط كل شيء: الديمقراطيات والطغاة، الحرب والسلام، ما كان يُخشى منه، وما كان محبوبا ومقدّرا.
ومع مفترق الطرق الذي وصل إليه الناس في التاريخ، ظلّوا يتجادلون حول أي طريق يسلكون.
ذلك ما جعل كراوس وجعلنا معها ندرك اليوم أننا جميعا نقف عند مفترق طريق آخر. وأن الاتجاه الذي سنختاره سيحدّد ليس فقط مستقبل أطفالنا بل مستقبل ما يعنيه أن نكون بشرا، والظروف التي ستتكشف في ظلّها الحياة الإنسانية.
تتساءل هذه الكاتبة في آخر مقال لها: هل ستظل القراءة والكتابة أساسا للثقافة؟ وهل ستحل مفاهيم وخوارزميات الذكاء الاصطناعي محل حرية الذات؟ وهل سنسيطر على الطبيعة وندمّرها، أم سننقذها ونحميها؟
نقف الآن أمام هذه الأسئلة، وآمل أن نتوقّف. ففي سكون هذا التوقّف، تخاطبنا دروس التاريخ أحيانا.
سنجد الكثير جدا يفكرون اليوم بهذه الطريقة؛ يكتبون كما يقرأون، ويؤمنون بأننا في عالم الكتابة نكون أحرارا في التخيّل والإبداع، وتغيير عقولنا، والسفر عبر الزمان والمكان، والشعور بكامل اتساع ذواتنا، وتجربتها، والقيام بما لا يُعتقد أنه ممكن في أيّ عالم أو وسيط أو بُعد آخر.
تقول كراوس “عبر الكتابة، ندخل إلى عقل الآخر. نشعر بمعنى العيش داخل الآخر. وفي هذه العملية، نتوسّع خارج حدود الذات، إلى مجالات أوسع من التفاهم المتبادل والتعاطف. وهكذا، فإنّ الأدب ديمقراطيٌّ في جوهره، وللوصول إلى حرياته، يجب أن نتعلّم قراءة الأدب وتقديره والتفاعل معه.”
لماذا أقتبس هذا الكلام؟ لأنني، مثل كثيرين غيري، أشعر أن القراءة والكتابة مهددتان وتقفان عند مفترق طرق. ومن بين أمور ومعايير كثيرة على المحك، يقع مستقبل القراءة والكتابة، وكل الحرية الواسعة التي أتاحتاها لنا.
العلامة التجارية التي منحها العصر الرقمي للإنسان اليوم للتعبير عن نفسه، جعلته يسحق مفهوم اللغة بوصفها المعبر البلاغي للقراءة والكتابة، ويعبّر عن نفسه على منصته الخاصة كما يتكلم! يسخر ويتهكم ويمارس أنواعا مشينة من الابتذال والاحتقار، من دون أيّ احترام لمفهوم اللغة وبلاغتها السامية في الكتابة.
عصر الهواتف الذكية جعلنا نشهد انهيار القدرة على القراءة والتفاعل مع الكتب. ليس فقط لدى الأطفال، الذين نشأوا في بيئة الهواتف المحمولة وكانوا فئران تجارب دون وعي منهم، بل بيننا جميعاً كبشر. وما يمكن أن نترقبه من الذكاء الاصطناعي أكثر فظاعة، عندما لا يكون قادرا على تحقيق التوازن بين الإبداع والتقييد؛ فهو إما أن يبالغ في تضمين الحقائق أو الأكاذيب، أو يدعم قرارات أخلاقية ولا أخلاقية على حدّ سواء، من دون مبالاة بالعواقب.
لم نفقد قدرتنا على التركيز على فكّ الرموز المدهشة في اللغة المكتوبة فقط، بل بدأنا نفقد تعلّقنا بمعاني الكلمات والجمل، التي كنا نثق بها يوما ما لتحمل العبء الثمين في التعبير عن هويتنا، لأنفسنا وللآخرين.
على مرّ التاريخ، بحث الإنسان عن كلمات يعبّر بها عن نفسه، وكتب قصته الخاصة عبر أسئلة: من نحن؟ وأيّ نوع من الناس نريد أن نكون؟
واليوم، من دون أن يكون هذا الإنسان قارئا وكاتبا، فليس لديه أيّ أمل في الارتقاء بنفسه.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تبقى من مرونة إيران السياسية
- الشوالي يستحوذ على بلاغة اللغة
- تحبّ السياسة لأنها تحبّ الناس
- الراحل هيثم الزبيدي شاهد على العَصرِ الرابع
- زوكربيرغ يسوّق لصناعة المشاعر
- لعنة العراق أم متلازمة صدام!
- لهيثم الزبيدي وجع الدموع في مآقيها
- ترامب لعبة لا تبعث على الملل
- شاعر لم يعرض عن عراقيته
- رعد بركات: لا غناء إلا للعراق
- رصيد ياسمين بلقايد لا ينضب
- إعلام دولة رئيس الببغاء!
- تأنيث ضمير اللغة
- كاظم الساهر يعيد مجد أغنية الأمهات
- تغييب التلاوة البغدادية
- ألا تكفي خمس جوائز أوسكار!
- تدليس مفهوم الدولة عند نوري المالكي
- استحواذ على ملكيتنا الفكرية
- أوروبا الرجل الطيب أم المريض
- دمشق يا أخت بغداد


المزيد.....




- سطو -سينمائي- بكاليفورنيا.. عصابة تستخدم فؤوسا لسرقة محل مجو ...
- فيلم -ني تشا 2-.. الأسطورة الصينية تعيد تجديد نفسها بالرسوم ...
- تعاطف واسع مع غزة بمهرجان سان سباستيان السينمائي وتنديد بالح ...
- -ضع روحك على يدك وامشي-: فيلم يحكي عن حياة ومقتل الصحفية فاط ...
- رصدته الكاميرا.. سائق سيارة مسروقة يهرب من الشرطة ويقفز على ...
- برتولت بريشت وفضيحة أدبية كادت أن تُنسى
- مواسم القرابين لصالح ديما: تغريبة صومالية تصرخ بوجه تراجيديا ...
- احتجاج واسع بمهرجان سينمائي في إسبانيا ضد الإبادة بغزة
- احتجاج واسع بمهرجان سان سباستيان السينمائي في إسبانيا ضد الإ ...
- في حلق الوادي قرب تونس العاصمة... شواهد مقر إقامة نجمة السين ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - أيّ نوع من الناس نريد أن نكون؟