أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - تحبّ السياسة لأنها تحبّ الناس














المزيد.....

تحبّ السياسة لأنها تحبّ الناس


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8370 - 2025 / 6 / 11 - 18:07
المحور: الادب والفن
    


مع صدور مذكّرات رئيسة الوزراء النيوزيلندية السابقة جاسيندا أرديرن قبل أيام، بعنوان “نوع مختلف من القوّة: مذكّرات”، ينبغي أن نضع حادثتين على طاولة التأمّل ونقترحهما على الزعماء العرب، الفاسدين منهم تحديدا.
تركَت هذه السيّدة درسا أخلاقيّا حين كانت في أوج إنجازاتها السياسية: استقالت من رئاسة الحكومة ولم تقع تحت إغراء الكرسي. فهي تحب السياسة لأنها تحب الناس؛ وهو شعور لا يعرفه السياسيون الفاسدون والفاشلون.
شهدت نيوزيلندا في عهدها واحدة من أبشع الهجمات الإرهابية؛ إذ قتل رجل أسترالي من اليمين المتطرّف 51 مصلّيًا في مسجد، وبث الجريمة مباشرة على فيسبوك. أنصت العالم بعدها إلى أرديرن بإعجاب منقطع النظير في خطاب إنساني بعنوان “إنّهم نحن”، قالت فيه “قد يكون العديد ممّن تأثّروا مباشرة بإطلاق النار مهاجرين إلى نيوزيلندا، وقد يكونون حتى لاجئين هنا. لقد اختاروا جعل نيوزيلندا وطنا لهم، وهي وطنهم.”
ثمّ احتضنت أرديرن عائلات الضحايا، وزارت مساجد المسلمين وبيوتهم، ربّتت على أكتاف الزوجات والأطفال، وبكت معهم، مقدّمة أحد أندر الدروس الأخلاقيّة في السياسة المعاصرة.
وتسرد أرديرن في كتابها كيف اتّصل بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد المذبحة “ناقشنا ما قد يحدث للإرهابي. استخدمتُ كلمة إرهابي تحديدا، فسألني إن كنّا نطلق على المسلّح هذا الوصف.” فأجابته “نعم، كان هذا رجلاً أبيض من أستراليا استهدف مجتمعنا المسلم عمدا، ونحن نطلق عليه هذا الوصف.” لم يُجب ترامب، لكنّه سأل إن كان بإمكان أميركا أن تفعل شيئاً، فقالت له “بإمكانك إظهار التعاطف والمحبة لجميع المجتمعات المسلمة.”
كان ذلك نقيض سياسة التفرقة السائدة. وتقول أرديرن إن الإرهابي “اختارنا لأنه كان يعلم أن نيوزيلندا ترحب علنا بالناس من جميع الأديان. أراد تدمير ذلك.”
في حادثة ثانية عام 2022، قبل أشهر قليلة من استقالتها، كانت أرديرن تقف عند حوض غسل اليدين في مطار أوكلاند حين اقتربتْ منها امرأة وانحنت حتّى شعرت أرديرن بحرارة بشرتها، وقالت ساخرة “شكرا لكِ على تدمير البلد!” ثم استدارت ومضت، تاركة أرديرن واقفة كطالبة ثانويّة تعرضت للإهانة.
ومع أنّها كانت مثالاً سياسيّا مُلهِمًا للعالم بأسره -باستثناء تلك المرأة المتهكمة- أعلنت في يناير 2023 استقالتها بطريقة دراماتيكيّة بعد ستّ سنوات في المنصب.
“كيف استطاعت أن تفعل بنا هذا؟” صرخ معجبوها، في وقت ينهار فيه العالم أمام أعينهم.
مارست هذه السيدة السياسة بالتعاطف والعاطفة ومناهضة العنصريّة، ومثّلت المرأةَ كرمز لزمن أكثر عقلانيّة، حين كانت القواعد والمعايير الدولية لا تزال تعني شيئًا، في وقت بروز قيادات نسائية أخرى مثل أنجيلا ميركل في ألمانيا وتيريزا ماي في بريطانيا.
في حوار مع رئيسة تحرير صحيفة الغارديان كاثرين فاينر بشأن مذكراتها تقول أرديرن “أنت تختار اللوم. تلوم الآخر، تلوم المهاجر، تلوم الدول الأخرى، تلوم المؤسسات متعددة الأطراف. لكن هذا لا يحل المشكلة جذريا. في الواقع، كل ما يحدث في النهاية هو وجود مجموعة مُهمشة، وأشخاص يشعرون بالاستياء والغضب، ويزدادون رسوخا.”
وها هي مذكراتها تصدر كنوع من قوة العاطفة وقد شقّت هذه المرأة طريقا عالميا يذكّر بأسلوب مختلف في الحكم، من ارتداء الحجاب واحتضان العائلات الثكلى بعد مذبحة المسجد، إلى الحفاظ على رباطة الجأش والذكاء والإنسانية وسط الصدمة التي أصابت شعبها وكلّ مسلمي العالم.
لهذا بلغ الأمر بعدا حدَّ سمي “هَوَس جاسيندا” شعوب كثيرة كانت تتمنّى رئيسةَ وزراء مثلها؛ فأنّى لها ذلك؟
إذا كان الزعماء القساة المتشبّثون بالسلطة يتوسدون كتاب “الأمير” لميكيافيلّي، فإن الزعماء العرب اليوم أحوج ما يكونون إلى قراءة مذكرات أرديرن الجديدة.
الشعور بالذنب جزءٌ من حياة رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة. تقول “لا يمكنك التخلص منه، بل تحاول فقط كبته.” فمَن من الزعماء العرب يشعر بالذنب؟



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الراحل هيثم الزبيدي شاهد على العَصرِ الرابع
- زوكربيرغ يسوّق لصناعة المشاعر
- لعنة العراق أم متلازمة صدام!
- لهيثم الزبيدي وجع الدموع في مآقيها
- ترامب لعبة لا تبعث على الملل
- شاعر لم يعرض عن عراقيته
- رعد بركات: لا غناء إلا للعراق
- رصيد ياسمين بلقايد لا ينضب
- إعلام دولة رئيس الببغاء!
- تأنيث ضمير اللغة
- كاظم الساهر يعيد مجد أغنية الأمهات
- تغييب التلاوة البغدادية
- ألا تكفي خمس جوائز أوسكار!
- تدليس مفهوم الدولة عند نوري المالكي
- استحواذ على ملكيتنا الفكرية
- أوروبا الرجل الطيب أم المريض
- دمشق يا أخت بغداد
- بيرس مورغان مدير على نفسه
- نسخة ترامب2.0 تحرق السقف
- السياب في لندن


المزيد.....




- السينما لا تموت.. توم كروز يُنقذ الشاشة الكبيرة في ثامن أجزا ...
- الرِّوائي الجزائري -واسيني الأعرج-: لا أفكر في جائزة نوبل لأ ...
- أحمد السقا يتحدث عن طلاقه وموقفه -الغريب- عند دفن سليمان عيد ...
- احتفال في الأوبرا المصرية بالعيد الوطني لروسيا بحضور حكومي ك ...
- -اللقاء القاتل-.. وثيقة تاريخية تكشف التوتّر بين حافظ الأسد ...
- هنا رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد ا ...
- فيلم -مجموعة العشرين-.. أول رئيسة أميركية تواجه تحديات صعبة ...
- راشد عيسى: الشعر رسالة جمالية تنتصر للفكر الإبداعي وتتساءل ع ...
- بوتين: روسيا تفتخر بتنظيم مسابقة -إنترفيجن 2025-
- ترامب يواجه -البؤساء- على المسرح و-الاستهجان- خارجه! (صور)


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - تحبّ السياسة لأنها تحبّ الناس