أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - مردوخ سلّعَ الصحافة وترامب شيطنها














المزيد.....

مردوخ سلّعَ الصحافة وترامب شيطنها


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8427 - 2025 / 8 / 7 - 18:49
المحور: الادب والفن
    


لأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يتوقف من إذلال الصحافة، فهو ينظر إليها مجرد بذرة شيطانية ومنصة لترويج الأكاذيب، لكن حتى في معركته الحالية مع ترامب لا يمكن أن يكون امبراطور الإعلام روبيرت مردوخ حاميا لجوهر الصحافة.
ترامب يقاضي مروخ مالك صحيفة وول ستريت جورنال مطالبًا بتعويض قدره 10 ملايين دولار بسبب تقرير عن صلته بجيفري إبستين، مرتكب جرائم جنسية شهيرة، في الوقت نفسه، يواصل الرئيس الأميركي حملته المتغطرسة على الإعلام، يسحب التمويل الفيدرالي، يمنع المراسلين، ويطلق دعاوى قضائية بمليارات الدولارات، تهدد بانهيار وسائل إعلام كبرى، أو تدفعها لتغيير سياساتها التحريرية، أو قبول تسويات مذلة.
لكن مردوخ ليس فارسا طرواديا للدفاع عن الصحافة كي نصفق له، فعندما استولى على وول ستريت جورنال، بدا أن دافعه الأساسي أكثر من الأيديولوجية أو حتى المال، كان حب الأزمات، واللحظة التي يبدو فيها أن كل شيء على وشك الضياع.
نفس الشيء قاله لنا كمعنيين عرب بالصحافة في قمة أبوظبي للإعلام الأولى عام 2010 “عليكم أن ترفعوا أشرعتكم فالقادم في سوق صناعة الاعلام أسرع من أن ينتظر أحد” كانت نبوءة رجل يعرف جيدا كيف يحوّل المهنة إلى سوق، والكلمة إلى سلعة.
ذلك ما يفككه آلان روسبيرديغر، رئيس تحرير صحيفة الغارديان السابق، في كتابه “كسر الأخبار” عندما أشار إلى قيام مردوخ من قبل بتسعير صحفه بمبالغ ضئيلة جدا تصل إلى أقل من سعر التكلفة من أجل الاستحواذ على الجمهور، وهو نفسه الذي طالب فيما بعد بفرض رسوم على دخول القارئ على موقع صحفه على الإنترنت. منطق السوق لا يرحم: افتح السوق بتراب الفلوس، ثم أغلقه بالاشتراكات.
هكذا يبدو المشهد: مردوخ “سلّعَ” الصحافة وترامب “شيطنها”. رجلان على طرفي نقيض، يتشاركان في تدمير الصحافة في زمن غير عادل بحقها وكل بطريقته. فما بين زلزال الأخلاق ومصالح السوق، إمبراطور الإعلام الذي حوّل الصحافة إلى سلعة، يبدو اليوم وكأنه آخر المدافعين عنها.
جملة روسبيرديغر وبعد سنوات من كتابتها لا تزال تلسعنا فـ “روبرت مردوخ لم يأتِ إلى الصحافة ليحميها، بل ليشتريها”. ومنذ أن اشتراها، جرّدها من وظيفتها الأخلاقية. حوّلها إلى منصة صراخ. جعلها سلعة تُباع، وصوتًا يُؤجَّر. لم يكن الناشر الذي يخشى على المهنة، بل رجل السوق الذي يريد مضاعفة الأرباح، مهما كلّف ذلك من الحقيقة. في شبكته الإعلامية، وخصوصًا “فوكس نيوز”، كانت الصحافة أداة تعبئة، لا مساحة سؤال. كانت المنبر الذي مجّد ترامب سنوات، قبل أن ينقلب عليه. لم يكن ذلك بسبب صحوة مهنية، بل لأن الكاميرا توقفت عن جلب المشاهدات، والإعلانات توقفت عن التدفق.
لذلك حين يتحوّل الخلاف بين مردوخ وترامب إلى عنوان دفاع عن حرية الصحافة، يبدو المشهد كاريكاتوريا. فالأول قضى عقودا يُفرّغ الصحافة من معناها، والثاني جعل “العدو الأول” في خطابه هو الإعلام نفسه. وفي ظل منطق السوق الذي فرضه مردوخ، أصبحت الأخبار شيئًا يمكن بيعه. والشيء الذي يمكن بيعه، يمكن أيضًا قتله إذا لم يعد يربح.
بهذا المنطق، تتحوّل الصحافة من وظيفة اجتماعية إلى استثمار مضارب. من مشروع معرفة وديمقراطية حرة لتبادل المعلومات، إلى مشروع مال. ومردوخ لم يتظاهر يومًا بعكس ذلك.
اليوم، حين يخوض حربًا إعلامية ضد ترامب، فهو لا يفعل ذلك باسم المهنة، بل باسم الشركات، والأسهم، والمعلنين. هي معركة على مستقبل امبراطوريته، لا على مصير الحقيقة. ولذلك، فإن مردوخ ليس حامي الصحافة، ومثلما لا يمكن للجلاد أن يتقمص دور الضحية، لا يمكن لمردوخ أن يظهر فجأة في زيّ حارس الصحافة. لقد كسرها بيديه، وما زال يربح من حطامها.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد والفشل كشرف سياسي في العراق
- صراع دول على صالح الكويتي
- طريق الأعظمية ينتهي في تونس
- لماذا يخترع الأدباء سيرة مزيفة؟
- وماذا عن صحافيينا القتلى؟
- إنه يتذوّق الموسيقى أيضًا!
- أيّ نوع من الناس نريد أن نكون؟
- ماذا تبقى من مرونة إيران السياسية
- الشوالي يستحوذ على بلاغة اللغة
- تحبّ السياسة لأنها تحبّ الناس
- الراحل هيثم الزبيدي شاهد على العَصرِ الرابع
- زوكربيرغ يسوّق لصناعة المشاعر
- لعنة العراق أم متلازمة صدام!
- لهيثم الزبيدي وجع الدموع في مآقيها
- ترامب لعبة لا تبعث على الملل
- شاعر لم يعرض عن عراقيته
- رعد بركات: لا غناء إلا للعراق
- رصيد ياسمين بلقايد لا ينضب
- إعلام دولة رئيس الببغاء!
- تأنيث ضمير اللغة


المزيد.....




- -الخارجية- ترحب باعتماد اليونسكو 4 قرارات لصالح فلسطين: انتص ...
- الفنان المصري ياسر جلال يعتذر عن تصريحاته بشأن دور الجزائر ب ...
- ياسر جلال: رواية -غير مثبتة- عن دور للجيش الجزائري في القاهر ...
- مهرجان فلفل إسبيليت الأحمر: طعام وموسيقى وآلاف الزوار
- فيلم وثائقي يعرض الانهيار الأخلاقي للجنود الإسرائيليين في حر ...
- من -سايكو- إلى -هالوين-.. لماذا تخيفنا موسيقى أفلام الرعب؟
- رام الله أيتها الصديقة..!
- ياسر جلال يعتذر عن معلومة -خاطئة- قالها بمهرجان وهران للفيلم ...
- التربية تعلن نتائج السادس الإعدادي بفرعيه العلمي والأدبي للد ...
- مارغريت آتوود تنقل قراءها لعالمها الداخلي في -كتاب الحيوات- ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - مردوخ سلّعَ الصحافة وترامب شيطنها