أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - طريق الأعظمية ينتهي في تونس














المزيد.....

طريق الأعظمية ينتهي في تونس


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8412 - 2025 / 7 / 23 - 17:10
المحور: الادب والفن
    


هذا الكتاب مترع بصدق الذاكرة وإخلاصها أكثر من الاستذكار نفسه، عندما يسمي متنه الأشياء والمواقف كما هي، بغض النظر عن قناعة الكاتب نفسه. وتلك لعمري فضيلة أخلاقية تميز بها الراحل منذر نعمان الأعظمي، الذي غادر العراق منذ ستينيات القرن الماضي، لكنه لم يغادره أبداً. لذلك نقشت على ضريحه في مقبرة الجلاز بتونس: “قلنا: يا هذا الضالع بالهجرات/ هل يوصلك البحر إلى العراق؟ قال: أحمل كل البحر وأوصلُ نفسي.”
“عراق + رياضيات = سيرة الأكاديمي منذر الأعظمي” هو عنوان ملفت وضعته زوجة الراحل، هيفاء زنكنة، في إعداد وتقديم الكتاب الذي صدر بطبعة رقمية عن دار “إي كتب” قبل أيام.
استهلت زنكنة، وهي تقدم الكتاب، فقرة موجعة عندما يعترف الأعظمي، المولود في الأعظمية عام 1942، بأنه لا يملك شيئاً ذا قيمة مادية، مثل لوحة نادرة، كما لا يملك شيئاً ذا قيمة رمزية، مثل ساعة أو مسبحة صلاة ورثها عن والده. لذلك يفكر في ما سيحمله إذا اضطر إلى مغادرة البيت، وعدم العودة أبداً! وهذا ينتهي إلى أنه يشعر بالخفة لأنه لا يملك الكثير.
غادر الأعظمي الحياة بشكل فجائي في تونس عام 2022 ودفن هناك.
اكتشفت هيفاء، بعد لقائها الثاني مع منذر عام 1988 في لندن، أنه هو من تريد قضاء عمرها معه حبيبا وصديقا وزوجا ورفيقا، لذلك تستذكر سؤاله عن الحب في يوم ما وهما يشاهدان فيلماً رومانسياً. ولأنها كانت مشغولة بمصير البطلة، لم تجبه، لكن الموت جعلها تستعيد السؤال القديم وهي تقدم لنا كقراء هذا الكتاب، مثلما تقترح الإجابة على سؤال زوجها الراحل. كما تستشهد بإجابته على سؤال الكاتبة البريطانية إليزفالموربيدا حين سألت منذر عن هيفاء ونشرته في متن “كتاب النهايات السعيدة” الصادر في 2007، ويضم فصلاً عن علاقة الزوجين العراقيين المغتربين.
لم تكن إجابة منذر لفالموربيدا متأخرة، مثلما لم يكن استذكاره لطفولته وصباه في الأعظمية متأخراً لنا كقراء.
وجد الراحل في هيفاء بأنها من يسند رأسه على كتفها، مثلما تفعل هي، لذلك وقع في حبها دون أن ينتبه.
هذا الكتاب بعنوان أشبه بمعادلة فيثاغورسية، ليس سيرة لتلك العلاقة الأفلاطونية بين منذر وهيفاء، كما أنه ليس سيرة ذاتية لمنذر الأعظمي، بل هو رسالة لفرط صدقها تجعل القارئ يرتدي ربطة عنقه احتراما لهذا الكاتب المجدد في علوم الرياضيات عندما عمل مع البروفسورة مارغريت براون “رثته بمقال في صحيفة الغارديان” في برنامج للتقييم المتدرج في الرياضيات، الذي يجمع بين نظرية التسريع الفكري والتطبيق للإجابة عن سؤال: من يُعلِّم المعلّمين؟ هل بإمكانهم نقل قيم لم يتربّوا هم أنفسهم عليها إلى طلابهم؟
كان منذر الأعظمي شيوعياً وبقي أخلاقياً في زمن سياسي مبتذل ورخيص. غادر العراق معارضاً منذ ستينيات القرن الماضي لكنه وقف مع العراق في الحرب مع إيران ورفع صوته ضد تجويعه بطوق الحصار الأعمى عام 1990، ثم كان الصوت العراقي النقي وهو يقف ضد احتلال بلاده عام 2003 في حملة “ليس باسمنا.”
في كل ذلك، يطلعنا منذر الأعظمي على صورة مدينة صغيرة على ضفاف دجلة اسمها الأعظمية، وكيف كانت بمثابة العراق، تختلط فيها الأصوات القومية والماركسية والإسلامية منذ منتصف القرن الماضي. فهو الشيوعي الذي يرتاد باطمئنان مسجد أبي حنيفة النعمان منذ الصغر، مثل كل العراقيين، للشعور بذلك السكون الروحي، ويعيش الأجواء المتسامحة التي سرعان ما اختطفتها الأحزاب السياسية فتحولت الأعظمية إلى منطقة صراع بين القوميين والشيوعيين ثم البعثيين.
يحمل هذا الكتاب، الذي هو نتف من الذاكرة، رسالة مفعمة بالاطمئنان والاعتداد بالنفس لعراقي شغوف بالتساؤل، وُلد في الأعظمية، وعاش في موسكو ولندن، ومات بشكل مفاجئ في تونس.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يخترع الأدباء سيرة مزيفة؟
- وماذا عن صحافيينا القتلى؟
- إنه يتذوّق الموسيقى أيضًا!
- أيّ نوع من الناس نريد أن نكون؟
- ماذا تبقى من مرونة إيران السياسية
- الشوالي يستحوذ على بلاغة اللغة
- تحبّ السياسة لأنها تحبّ الناس
- الراحل هيثم الزبيدي شاهد على العَصرِ الرابع
- زوكربيرغ يسوّق لصناعة المشاعر
- لعنة العراق أم متلازمة صدام!
- لهيثم الزبيدي وجع الدموع في مآقيها
- ترامب لعبة لا تبعث على الملل
- شاعر لم يعرض عن عراقيته
- رعد بركات: لا غناء إلا للعراق
- رصيد ياسمين بلقايد لا ينضب
- إعلام دولة رئيس الببغاء!
- تأنيث ضمير اللغة
- كاظم الساهر يعيد مجد أغنية الأمهات
- تغييب التلاوة البغدادية
- ألا تكفي خمس جوائز أوسكار!


المزيد.....




- بعد أحداث السويداء.. ما حقيقة فيديو -سوق السبايا- ومن يقف خل ...
- -ما بعد الحقيقة-.. تشريح معمق لأزمات المعرفة والتضليل في عصر ...
- وداع مؤثر من فرقة Black Sabbath ونجوم الموسيقى لأسطورة الروك ...
- مهرجان -ثويزا- بطنجة ينطلق الخميس -نحو الغد الذي يسمى الإنسا ...
- راغب علامة يتلقى الدعم من نقابة -محترفي الموسيقى والغناء- في ...
- الشاعرة السعودية ميسون أبو بكر تُسحر الريفييرا الفرنسية بنبض ...
- صدوق نور الدين يقرأ عالم كيليطو في كتاب جديد.. تأملات من قلب ...
- أبوظبي تفتتح قريبًا أحد أكبر تجمعات التجارب الثقافية بالعالم ...
- إحالة وزيرة الثقافة الفرنسية وكارلوس غصن للمحاكمة بتهمة الفس ...
- الحسن الثاني وبن بلّة والغنوشي وآخرون.. حوارات صحفية بنكهة ت ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - طريق الأعظمية ينتهي في تونس