أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - لاريجاني في بغداد غيره في بيروت














المزيد.....

لاريجاني في بغداد غيره في بيروت


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 16:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في السياسة، لا تُقاس الزيارات بالصور التذكارية، بل بما تتركه من موازين جديدة. حين حطّ علي لاريجاني في بغداد، كان يعرف أن توقيع مذكرة أمنية مع العراق سيُقرأ في طهران كخطوة لتثبيت نفوذ دام عقدين. وبعد ساعات، كان عليه في بيروت أن يستمع لا إلى الترحيب، بل إلى رسائل توبيخ من رأس الدولة نفسه. بين العاصمتين، ظهر الفارق بين بلد يشرعن الحضور الإيراني وآخر يحاول كسر أذرعه.
في بغداد، جلس الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني إلى الطاولة الرسمية، ووقّع مذكرة تعاون أمني مع مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، بحضور رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني. المشهد سياسي بامتياز، يضفي شرعية مضاعفة على المذكرة، في وقت تعيش فيه طهران أضعف مراحل نفوذها الإقليمي.
لطالما استخدم السوداني تبريرا رخيصا نافيا وجود أي تدخل إيراني في شؤون العراق واصفا ذلك من قبيل المبالغة، من دون أن يستطيع إقناع نفسه بهذه الذريعة قبل إقناع العراقيين! لكنه اليوم حصل على إجابة مثيرة وصلته من بيروت وبعد ساعات من انتهاء زيارة لاريجاني إلى بغداد.
يبدو المشهد للوهلة الأولى مجرد اتفاق ثنائي بين دولتين جارتين. عناوينه حول الحدود، مكافحة التهريب، تبادل المعلومات الاستخباراتية. لكن ما لم يُكتب في نص المذكرة هو الأهم: منح طهران اعترافًا ممهورًا بتوقيع عراقي، يشرعن استمرار حضورها الأمني في بلد ظل لعقدين ساحة نفوذ بلا منافس.
واشنطن لم تتأخر في التعليق. المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، قالت: “أي اتفاق أمني يمنح إيران دورًا مهيمنًا في الشأن العراقي يقوّض استقرار المنطقة ويتعارض مع مصالح الشعب العراقي نفسه”. تصريح واضح، موجّه أكثر إلى بغداد منه إلى طهران، يذكّر أن العراق، بصفته دولة ذات سيادة (...)!، لا يمكن أن يكون ممرًا لمشروع أمني يخدم طرفًا واحدًا.
بعد ساعات، كان الرجل ذاته على أرض بيروت، لكن الطاولة تغيّرت، واللهجة انقلبت رأسًا على عقب. لم يسمع عبارات الترحيب التقليدية، بل تلقى من الرئيس جوزاف عون جملة صريحة: لا مكان لسلاح خارج سلطة الدولة ولن نسمح لدولة أخرى التدخل في القرار السيادي اللبناني. رئيس الحكومة نواف سلام كرر الموقف بوضوح أكبر: انتهى زمن التسامح مع التدخل الخارجي في شؤون لبنان.
في السياسة، كان ذلك أشبه ببيان سيادي مباشر، يوضح الفرق بين لبنان الدولة ولبنان الدويلة التي مثّلها حزب الله لعقود.
علي لاريجاني ليس مجرد مبعوث سياسي أو أمني. خلفيته الفكرية تكشف طبيعة المهمة التي يحملها. فهو من أسرة تنظّر للهيمنة الإيرانية على المنطقة والده ميرزا هاشم آملي من مراجع الدين الشيعة في قم. شقيقه محمد جواد لاريجاني من منظري التيار المحافظ في السياسة الخارجية، شخصيته تمزج بين الثقافة القومية الفارسية، المذهب الشيعي، والبراغماتية السياسية. كتابه "مقولات في الاستراتيجية الوطنية" يوضح نظرية "قم أم القرى"، التي تُدرّس في المعاهد الأمنية والاستخباراتية الإيرانية، بهدف نقل مركز العالم الإسلامي من مكة إلى مدينة قم، وتوسيع النفوذ الإيراني عبر خطاب عقائدي مغلف بغطاء سياسي وأمني.
من منظور أوسع، توقيع مذكرة التفاهم في بغداد بين لاريجاني والأعرجي الذي عاش في إيران ما يقارب نصف عمره كمقاتل في فيلق بدر، لذلك يعتبر اليوم بمثابة موظف إيراني في المنطقة الخضراء أكثر منه مستشارا للأم القومي العراقي. حلقة جديدة لتثبيت النفوذ الإيراني في العراق. في المقابل، بيروت تبدو بوابة محتملة لكسر أحد أعمدة هذا النفوذ، عبر إضعاف حزب الله وتجريده من سلاحه. الفارق بين العاصمتين يوضح الفارق بين دولة تسمح لمشروع "قم" بالتغلغل في بنيتها الأمنية، وأخرى تحاول، ولو متأخرة، إغلاق الباب أمامه.
إيران تدير ملفاتها الإقليمية بمهارة عبر شخصيات من طراز لاريجاني، تراهن على كسب الوقت وعلى بناء الشرعية من داخل المؤسسات الوطنية للدول، لا عبر الفوضى وحدها. ما حصل في بغداد هو شرعنة من هذا النوع. أما ما جرى في بيروت فهو اختبار لقدرة الدولة على قول "لا"، حتى بوجه لاعب إقليمي يجمع التاريخ والعقيدة والسياسة في آن واحد.
من بغداد إلى بيروت، تحمل زيارة لاريجاني خيطًا واحدًا بلونين مختلفين: لون يعزز شرعية الوجود الإيراني، وآخر يعلن بداية الطعن فيه. في هذا التناقض، تتضح معالم الخريطة المقبلة، حيث الدولة إما أن تفرض سيادتها، أو تتحول إلى اسم بلا مضمون.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مديح الألفاظ البذيئة!
- مردوخ سلّعَ الصحافة وترامب شيطنها
- الفساد والفشل كشرف سياسي في العراق
- صراع دول على صالح الكويتي
- طريق الأعظمية ينتهي في تونس
- لماذا يخترع الأدباء سيرة مزيفة؟
- وماذا عن صحافيينا القتلى؟
- إنه يتذوّق الموسيقى أيضًا!
- أيّ نوع من الناس نريد أن نكون؟
- ماذا تبقى من مرونة إيران السياسية
- الشوالي يستحوذ على بلاغة اللغة
- تحبّ السياسة لأنها تحبّ الناس
- الراحل هيثم الزبيدي شاهد على العَصرِ الرابع
- زوكربيرغ يسوّق لصناعة المشاعر
- لعنة العراق أم متلازمة صدام!
- لهيثم الزبيدي وجع الدموع في مآقيها
- ترامب لعبة لا تبعث على الملل
- شاعر لم يعرض عن عراقيته
- رعد بركات: لا غناء إلا للعراق
- رصيد ياسمين بلقايد لا ينضب


المزيد.....




- لقاء بوتين وترامب في ألاسكا.. لقاءات في تاريخ القمم الأمريكي ...
- مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا حارق القرآن في السويد
- السويد ـ سوريون من بين ضحايا أسوأ إطلاق نار جماعي في البلاد ...
- عقب صلاة الجمعة.. مصابان بإطلاق نار قرب مسجد في السويد
- نتخابات ليبيا البلدية: بصيصُ أملٍ ديمقراطي في بلدٍ منقسم
- الأولى من نوعها... انطلاق دورة الألعاب العالمية للروبوتات ال ...
- قمة ألاسكا: من سيخرج منتصرا في المواجهة بين ترامب وبوتين؟
- كينيا تتورط في برنامج توطين أفريكانز جنوب أفريقيا المثير للج ...
- الشرطة التركية تعتقل عشرات المعارضين
- قاعدة -إلمندورف ريتشاردسون المشتركة-.. مركز القوة العسكرية ا ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - لاريجاني في بغداد غيره في بيروت