أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - تداخل 2














المزيد.....

تداخل 2


ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8447 - 2025 / 8 / 27 - 08:22
المحور: الادب والفن
    


لقد أضلونا في المتاهة، دون أن يتركوا لنا الخريطة ولا الطريق ولا المفتاح.
من ظلمة الصخر إلى مداعبات الهواء، طائر تحوّل إلى ثمرة على شجرة أبدية، أنا لك.
هل تفهم شيئًا، يا وحش الكتابة، عن الحركات الكامنة في جسدك؟
ومع ذلك، نأتي لمقابلة أنفسنا كل يوم.

دوارٌ واضح، أسمع تصاعد عواء الموتى السرّي نحوي، رعد عالم انطفأ، صمتًا يصمّ الآذان، لغة ألغاز مربكة.
ما يعزّيني عندما أموت هو أنني سأكون هناك ـ مشوّهًا، بشعًا ـ لأرى نفسي قصيدة.
يغادر الموتى قبورهم، ربما بحثًا عن قيلولة أو ممارسة سريعة للبعث.
عند الظهيرة، يقطعون الطريق ويرمون رماد آخر ملوكهم.

لكن الغبار وحده هو من روى ما حدث لهذه القبور، الغبار الذي لا يتذكّر أسماء الجمجمة.
أمامنا أقبية الكاتدرائية، انظر، انظر بالفعل إلى العتبة والفناء الأمامي.
تداعب يداه الكلاب السوداء أثناء مرورها.
كتابة غير مقروءة تقريبًا، بصمة قدم.

في ثياب من عظام، داخل حفل زفاف، خارج فتاة صغيرة تنتظر، يا خفّة كل الألوان.
زهور مجهرية تُزوّد الإنسان المدمَّر سياجًا بريًّا يحيط ببدو الثلوج، يجعل الأمر غامضًا.
إنها العلامات التي تُرسم فورًا، النار تُلهبها، تتدحرج على هذا الجانب من الأصوات، هدير رتيب، أو مرتب.

أسرج قواربي وبوارقي إلى أنوف الأمواج، وأدخل معركة الطوفان، أقاتل خلف جبال الموت حتى تهدأ وأهدأ.
سأسكب في النهار كنز الليالي المتراكم، هذا الاحتياطيّ المبهم، هذا الظلّ كالبحر حيث ترقص النيران في خطر.
عبر العدم الهائل، يختبئ تهديد الممكن مع المستحيل ليُقرن بضجيج الكلمات.

أرتجف عند تسمية الأشياء لأن كل شيء ينبض بالحياة ويموت في اللحظة التي أكتبها.
أنا نفسي أتلاشى مثل الأشياء التي أقولها في ضجيج عالٍ من الضوضاء والصراخ.
لم أعد أنتظره، لا أصل إليه.

فجأةً ينزلق غواصون صامتون تحت المياه العاتية، تبتلعهم الهاوية كقطع الليل،
عيونهم ثابتة بنداء صامت واحد يُلقى في الأعماق.
نولد أحيانًا من اسمٍ يُهمس، نولد لنرمّم أسماء هشّة جاءت معنا (في السماء البيضاء البودرة).
نولد ثانيةً في محوٍ يُقلب أرضًا ميتة.

المسيحيون الأوائل على جدران سراديب الموتى رسموا سمكة بيد غير متقنة،
فإننا نحمل الحمام الخشبي في الشارع عند أقدامنا كما نرى في الأغاني.
كتل الجليد تفقد الدم، وكانت المدينة بئرًا في أصوات سائقي عربات دخانية.

قريبًا، دائمًا ما يكون ذلك مبكرًا جدًا: السقوط، القناع المبهم، الفخ، هذيان الحياة.
مجددًا، الشائعات المنجرفة، الكلمات الممزّقة، البعيدة.
لن يمر وقت طويل قبل أن نتمكّن من تذكّر المرتفعات التي كان من الممكن أن نطلّ منها على البحار والغابات والتلال مع قراها،
حيث وجد الجميع أنفسهم في الموكب الصاخب على طول الطرق المزدحمة بالعربات.

أو لعل هذه الجملة انزلقت من ذاكرة الكتابة، أو ربما توارت خلف وهم الاكتمال، كتبتها، نسيتها، لا أملك يقينًا سوى أن فكرة القصيدة تظلّ تطاردني كقدر لا ينتهي.



#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداخل
- الملحد السني والملحد الشيعي: قراءة نقدية في ازدواجية الوعي ا ...
- سأسمّيك حربًا أيتها الأرض المتعدّية
- مخطط معماري
- أعتقد أنها قصيدة بدائية
- الآخر
- الموت يكتب قصيدته في جسدها
- كلاب المثلثات
- داخل الغامض أنت تمارين لمحو الشكل
- شكل المحو
- على سطح علم المثلثات
- ماذا عن الكتابة ؟
- مشاهد في الفندق الخفي
- ملف 555 من الرحلة الأخيرة لسيد غباء الرقم 5ع ت
- (معول النسر يرمي الدم المشتعل عالياً) في المصير الحالي
- العالم كله في صناديق باستثناء بضعة كتب
- تمارين في لمحو السابق
- رياضة المحو
- المقبرة البحرية
- 14 يونيو 1907


المزيد.....




- الشيف الأردنية ناصر تسخّر دراستها لفنون الطهي لمواجهة التجوي ...
- الشيف الأردنية ناصر تسخّر دراستها لفنون الطهي لمواجهة التجوي ...
- حماس تنفي الرواية الإسرائيلية بشأن هجوم مستشفى ناصر
- أفضل فيلم رعب لعام 2025.. -أسلحة- يكشف وجها جديدا للخوف
- رحيل الفنانة سليمة خضير.. وداع أيقونة الدراما العراقية
- كريستيان سنوك هورغرونيه.. المستشرق الذي دخل مكة متخفيا تحت ا ...
- الموت يغيب الفنانة العراقية سليمة خضير
- ألفريد هوبير مع القرآن.. رحلة مستشرق ألماني بين الأكاديميا و ...
- بعد رفضه سفير الاحتلال الجديد.. -إسرائيل- تخفض التمثيل الدبل ...
- بعد رفضه سفير الاحتلال الجديد.. -إسرائيل- تخفض التمثيل الدبل ...


المزيد.....

- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - تداخل 2