ميشيل الرائي
الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 08:51
المحور:
قضايا ثقافية
هل الكتابة فعل يبدأ بتهيؤ النفس أم أن النفس هي التي تستدرج ببطء إلى مصيدتها وما طبيعة هذه الاستعدادات إن كانت موجودة أهي طقوس سرية لا يعرفها إلا الكاتب أم أن النص نفسه حين يولد يفرض شروطه على من يكتبه ومن يمنح الحق في أن يقال هذا النص جيد وذاك لا إن النص في حقيقته خزائن متراكمة من مشاهدات وتجارب بعضها قديم يخرج من غبار الذاكرة وبعضها طازج يقطر من اللحظة الحاضرة والتجارب لا تتوقف حتى بعد النقطة الأخيرة لكن هل للنص طريقة واحدة في أن يوجد أم أنه يتعدد ويتشظى مثل مجرى نهر ينساب في قنوات متفرقة قبل أن يلتقي نفسه من جديد وما وظيفة القارئ في هذه اللعبة أهو الحكم الذي يبت في المصير أم الشريك الذي يعيد كتابة النص بصمته الخاصة وهل القارئ كائن حاضر يتنفس بين السطور أم شبح غائب لا نعرف إن كان سيأتي أصلا
الكتابة ليست فعلًا يبدأ من الداخل إلى الخارج أو العكس بل هي شبكة تلتف على ذاتها الكاتب ليس صاحب النص بل بواب المتاهة القارئ ليس زائرًا بل متآمرًا النص كالمخطوطات الملعونة يغير من يقرأه قبل أن يسمح له بفك رموزه إن كانت حدود اللغة هي حدود العالم فالكتابة ليست توسعة للعالم بل انفتاح فجوات فيه النص الجيد لا يضيف مساحة بل يخلق فراغًا جديدًا لا نعرف بعد كيف نملأه أو إن كان يجب ملؤه أصلًا حين يولد النص يختفي المؤلف لا لأنه مات بل لأنه ذاب في شبكة من القراءات المحتملة كل قارئ يكتب النص من جديد والنسخة التي بين يديه هي دائمًا نسخة لا يعرفها الكاتب الأصلي النص لا يقيم في حضور نفسه إنه مؤجل دائمًا ما تقرأه الآن ليس ما كتبه الكاتب بل أثر مؤجل لكلمات أعيدت كتابتها في ذهنك قبل أن تصل إليك الكتابة حوار مع غيابها لا وجود لقراءة بريئة فهم النص هو تصادم أفقين يتداخلان حتى يصبحا أفقًا ثالثًا كل قراءة تحفر في النص طبقات لم يرها المؤلف لكنها كانت هناك تنتظر أن يستنطق صمتها كل نص هو مكتبة وكل مكتبة متاهة وكل متاهة تحتوي كتابًا يصف المتاهة التي خرجت منها ربما القارئ الأخير هو من سيكتشف أن الكاتب لم يكن إلا قارئًا لنسخة سبقت نصه بقرون النص ليس بريئًا من سياقات القوة هو أثر في خطاب والخطاب بدوره سلطة والسلطة تصوغ حتى أكثر الكلمات حميمية الكاتب حتى وهو يظن نفسه حرًا يملي ما تسمح به بنية الزمان الذي يكتب فيه
#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟