الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي
(Echahby Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 8446 - 2025 / 8 / 26 - 20:50
المحور:
الادب والفن
في كل مرة يخرج تقرير عالمي عن أكثر الشعوب قراءة، نفتح الخريطة مثل تلاميذ كسالى نبحث عن أسمائنا بين المتفوقين… فلا نجد شيئاً. نشعر بالارتياح السري، كأننا خرجنا من امتحان صعب من دون أن يكتشف أحد أننا لم نفتح الكتاب أصلاً. العالم يقرأ، ونحن نتفرج على العالم يقرأ.
عندنا، الكتاب يشبه ضيفاً ثقيلاً: يُوضع على الرف كي لا يغضب صاحبه، ويُمسح غباره في المناسبات، ثم يُترك ليموت موتة بطيئة. كثيرون يعتبرون شراء كتاب إسرافاً، بينما لا يرون حرجاً في صرف أضعاف ثمنه على “سندويتش” دسم أو “شيبس” مستورد. القراءة عندنا ليست عادة يومية، بل عقوبة مدرسية تركت فينا ندوباً نفسية، لذلك نُعامل الكتاب مثل ملف إداري: لا نفتحه إلا إذا كان ضرورياً للنجاة.
الأدهى أن الحكومات العربية تطالبنا بالقراءة بينما هي أول من يخاف من الكتاب. الرقابة تعمل ساعات إضافية، والمنع حاضر دائماً، كأننا نقول للقارئ: “اقرأ… لكن لا تقرأ كثيراً، فقد يسبب لك الأمر أفكاراً جانبية”. الكتاب عندنا ليس بوابة للمعرفة، بل أحياناً قنبلة موقوتة يخاف منها الجميع.
غيابنا عن قوائم القراء ليس مجرد صدفة، بل هو إعلان رسمي أننا نعيش في مقبرة الأفكار. الآخرون يقرأون ليبنوا مصانع، يطوّروا الديمقراطية، يبدعوا في الفنون والعلوم. نحن لا نقرأ لنُبقي على الوضع كما هو: كرسي ثابت، عقل ساكن، وتاريخ يكتبه الآخرون بالنيابة عنا.
قد يُقال إن القراءة ترف. والحقيقة أن الترف الحقيقي هو أن تظل أمياً في زمن يقف فيه العالم على أبواب الذكاء الاصطناعي. أما نحن، فنستمر في الفخر بجملة “أول كلمة نزلت في القرآن هي اقرأ”، كأنها شهادة شرف أبدية، بينما الواقع يقول: أول كلمة نزلت “اقرأ”… وآخر ما نفعل هو أن نقرأ.
#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)
Echahby_Ahmed#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟