الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي
(Echahby Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 04:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السيد أحمد عصيد،
قرأت تدوينتك الأخيرة، وأحسست أني أقرأ نفس الأسطوانة التي تدور منذ سنين، لا جديد إلا اسم الشخص الذي تتخذ قضيته ذريعة لتكرار خطابك. مرة ملحد، مرة ناشط، ومرة قميص مطبوع بعبارات مسيئة. وفي كل مرة، أنت البطل الذي ينقذ “الحرية” من أنياب “الهياج العاطفي” و”التأخر التاريخي”.
لكن دعنا نتفق على شيء: الحرية التي تدافع عنها أنت، هي حرية من نوع غريب جداً، حرية تنشط فقط حين يتعلق الأمر بالسخرية من الدين أو الإساءة للمقدسات. أما حين تكون الإساءة موجهة لقيم أخرى، أو حين يهاجم أحدهم ما تعتبره أنت خطاً أحمر، فجأة تختفي كل محاضراتك عن حرية التعبير.
تستشهد بالدول الديمقراطية وكأنك سفيرها فوق العادة، لكنك تتجاهل أنها تضع قيوداً صارمة حين يتعلق الأمر برموزها أو تاريخها أو حساسياتها الثقافية. فلماذا تريد للمغرب أن يكون “متقدماً” فقط حين يتخلى عن حماية مقدساته؟ أهي الديمقراطية على المقاس؟
وصفك ردود فعل الناس بـ”الهياج العاطفي” يكشف أنك لم تعد ترى في هذا الشعب سوى جماعة من السذج، بينما أنت وحدك المفكر المستنير. لكن يا سيد عصيد، هذا “الهياج العاطفي” الذي تزدريه هو بالضبط ما يمنع المجتمع من الانفلات القيمي الذي تحاول تطبيعه، وهو ما يجعل الناس مستعدين للدفاع عما يربطهم، كما تدافع أنت عن أفكارك.
الحقيقة أنك لم تعد تفرّق بين الدفاع عن الحرية، وبين استفزاز الناس لمجرد إثارة الجدل. الفرق كبير بين أن تدافع عن حق شخص في التعبير، وأن تجعل من كل إساءة للدين مهرجاناً خطابياً تقدم فيه نفسك كمحارب للتخلف.
إن كنت تريد أن تقنع المغاربة، فأقنعهم بالحجة التي تحترم عقولهم وقيمهم، لا بالاستعلاء الفكري. أما أن تصفهم بالمتأخرين لأنهم يرفضون أن يُمسّ ما يقدسونه، فذلك ليس تقدماً، بل مجرد غربة فكرية تعيشها وأنت بينهم.
والسلام على من احترم عقول الناس قبل أن يطالبهم باحترام أفكاره.
#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)
Echahby_Ahmed#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟