أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عاهد جمعة الخطيب - الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديدة (62)














المزيد.....

الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديدة (62)


عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع

(Ahed Jumah Khatib)


الحوار المتمدن-العدد: 8446 - 2025 / 8 / 26 - 02:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وقفة تأمل في رحاب آية "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور
السير بالقلب والسمع: قراءة فلسفية في المعرفة الوجودية
المقدمة

حين نتأمل في التراث الإنساني، نكتشف أنّ مسألة المعرفة لم تكن يومًا حكرًا على العقول المنطقية أو على الحواس المادية، بل هي مشروع وجودي شامل يتداخل فيه الجسد بالروح، والعاطفة بالعقل، والتجربة الخارجية بالتأمل الداخلي. النص القرآني "أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور" يمثّل نموذجًا فلسفيًا عميقًا لإعادة تعريف الإنسان وعلاقته بالمعرفة. فهو لا يكتفي بطرح أدوات الإدراك، بل يقيم توازنًا جديدًا بين القلب، السمع، والتجربة الحياتية، مميّزًا بين البصر والبصيرة.

التحليل
1. السير كتجربة معرفية

السير هنا ليس مجرد انتقال جغرافي، بل فعل وجودي وفلسفي. إنّه انفتاح على العالم، حركة تسمح للذات بأن تخرج من أسر انغلاقها، وتواجه الآخر والمكان والزمان. المعرفة – بحسب هذا المنظور – لا تُنال بالجمود، بل بالتنقّل، بالمقارنة، بالاحتكاك، وباستخلاص الدروس. إنها دعوة لتجريب الحياة قبل التنظير لها.

2. القلب كبوصلة إدراكية

النص يقدّم القلب لا كعضلة بيولوجية، بل كأداة تعقل، مركز وعي قادر على الإمساك بالمعنى. هنا يتجاوز النص التصوّر الكلاسيكي الذي يحصر الإدراك في الدماغ وحده. إنّه يفتح أفقًا فلسفيًا: المعرفة ليست عقلًا مجردًا، بل عقلًا مشبعًا بالعاطفة، محمولًا على البصيرة.

3. السمع بديلًا عن النظر

اللافت أنّ النص يذكر السمع ولا يذكر العين. كأنّه يقول إنّ ما يُرى قد يكون مزيّفًا أو سطحيًا، أما ما يُسمع فيُتاح له أن ينفذ إلى الداخل، ليختزن في القلب ويصير تجربة. الرؤية قد تكتفي بالظاهر، أما السمع فيتيح حضورًا أعمق وأبعد أثرًا في الذات.

4. عمى القلوب لا عمى الأبصار

الجملة المحورية "لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب" تعيد صياغة مفهوم العاهة الوجودية. فالمأساة ليست في فقدان العينين، بل في فقدان البصيرة. بهذا ينتقل النص من مستوى الإدراك الحسّي إلى مستوى الوعي الكلّي. إنّها فلسفة تقول: الإنسان قد يرى كل شيء بعينيه، لكنه لا يدرك شيئًا إن كان قلبه غائبًا.

5. راهنية الفكرة في ضوء العلم

العلوم العصبية الحديثة تتحدث عن "دماغ قلبي" (Heart Brain) يتواصل مع الدماغ عبر شبكة عصبية معقّدة، ويشارك في صنع القرار والانفعال والإدراك. ما يعني أنّ إشارات النص لا تقف عند حدود المجاز، بل تجد صدى علميًا يؤكد أنّ المعرفة عملية موزعة بين الدماغ، القلب، والحواس. هنا يكتسب النص بعدًا فلسفيًا-علميًا معاصرًا.

الخاتمة

النص القرآني يعرض رؤية متكاملة للمعرفة، لا تختزل الإنسان في عقله المجرّد أو في عينيه المبصرتين، بل تجعله كائنًا سائرًا، متأملًا، سامعًا، متفاعلًا بقلبه قبل دماغه. الفشل المعرفي – وفق هذا التصوّر – ليس في عجز الحواس، بل في موت البصيرة. لذا، فإنّ أخطر أشكال الجهل هو عمى القلوب، لا عمى الأبصار. إنّها رسالة فلسفية تتجاوز حدود الدين لتخاطب كل إنسان: ابحث عن المعرفة بقلبك قبل أن تبحث عنها بعينيك، وبصيرتك قبل بصرك، وسيرك في الحياة قبل سجلك في الكتب.



#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)       Ahed_Jumah_Khatib#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...


المزيد.....




- ترامب يلمح إلى أنه سيغير اسم -البنتاغون- إلى وزارة -الحرب-
- دمار وحرائق.. حصيلة الغارات الإسرائيلية على العاصمة اليمنية ...
- -سياساته تعرض إسرائيل للخطر-.. وزير خارجية هولندا المستقيل ي ...
- وسط تشدد إسرائيلي.. مصادر تكشف: قطر قدمت مقترحات جديدة لـ -ص ...
- مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي يجتمع اليوم لمناقشة حرب غزة
- إسرائيل تواصل قتل شهود جرائمها بغزة لطمس الحقيقة
- الحرب على غزة مباشر.. تفاقم مأساة التجويع بالقطاع وأغلبية ال ...
- سلطان سوكوتو: العدالة في نيجيريا غدت سلعة قابلة للشراء
- الجفاف يدفع بنحو مليون شخص للنزوح في ملاوي
- جنوب أفريقيا تتولى دعم برنامج الإيدز بعد وقف التمويل الأميرك ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عاهد جمعة الخطيب - الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديدة (62)